"ليبانون ديبايت" - روني ألفا
أيها اللبنانيون واللبنانيات مرحباً. أنا ال 2021 وقد أرسَلَني تَوقيت غرينتش لأتمنى لكم سنة جديدة مفعَمَة بالأمل وتَحقيق الأماني. أحمل لكم رسالَة واحِدَة فقط. حلّوا عَن سَمائي! حلّوا عن شهوري وأسابيعي وأيامي. أنا مجرّد دورة أرضيَّة واحدة حول الشمس. كفّوا عن تحميلي موبقاتكم ومعاصيكُم. أنتم لا تجرأون على تسمية فاسديكم وسارقيكم ومجرميكم بالإسم فتفشّون خلقَكم فيي. أنا إطارٌ فقط وأنتم متعهّدو التّعبِئَة. إملأوني بما شئتم آخر همّي لكن أشيحوا بسُبابِكم عني. ما أنا فجّرتُ مرفأكُم ولا أنا سرقتُ دولاراتِكُم ولا أنا حوّلت ملياراتِكُم ولا أنا خربتُ بلدَكُم. أنا الزمان وأنتم المكان. إلعبوا ما شئتم في أمكنتكم واتركوني وشأني مفهوم؟
إنه يومي الأوَّل معكم وأشك أنكم تعلّمتم شيئاً من زميلاتي المنصرمات. انتظرتكم ثلاثين سنة لتصلحوا ذات البين بينكم. أفسدتم بلدكم وحوّلتموهُ إلى جبال نفايات وطرقات محفرَة. قدّمتُ لكم فضائي فلوّثتموه ووسّختموهُ. لا دعوى لي مع كورونا ولا مع السيدا ولا مع حروبكم الصغيرة والكبيرة. طُلِبَ مني أن أبرُم مع الأرض فبرَمت. كان المخطط أن تحتفلوا بي فدفنتموني قبلَ مَجيئي. لو قُيِّضَ لي أن أستثنيكم وأُبقيكُم في السنة المنصرمة لفعلت. أنا عبد مأمور من الزمان وأنتم عبيد مأمورون في بلدِكُم. أعطيتُكُم عشرات السنوات فترة سَماح لتثوروا فثرتُم على بعضكُم. لبنان زميلي. أعرفُهُ منذ ألفَي سَنَة. خلقه الله ليكونَ زينَة الأزمنة فجعلتموهُ مسخَرَة الأمم. كل الأشهر من أولادي وأحفادي قتلتموهُم بطائفيّتِكُم وألقيتم اللوم عليّ. حبّذا لو تستقبلوني بقليل من الصمت علّني أشعر بِنَدِمِكُم.
إنه يومي الأول معكم وقد أتيتُ به على مضض. لا شيئ ينبِئُ أني سأرى معكم يوماً مشمِساً. استعملتموني مادةً لتَهديد بعضِكم البعض. لا أنفكُّ أسمَعُكُم تقولون متوعّدين أبناء جنسِكُم : إنَّ غداً لناظِرِه قريب. أنا الغد فلا تنطقوا بإسمي ولا تستعملوه. كل شعوب العالم تنظر إلى غدٍ أفضَل. أنا أُعطيهم الآغاد وهم يزرعونها بالورد أو بالشّوك. أنتم أشواكي المزروعة في صباحاتي ومساءاتي وقد طَعنتموني وأدمَيتموني. أنا أنزفُ شهوري وأسابيعي ومطلوب مني أن أتناسَل في كل شرقَةِ شمس من أجل سخافَتِكُم. أسمَعُكُم عبر تكّاتِ ساعات الحائط في بيوتكم تصرّحون علناً ببناء دولة وسرّاً بتوسيع مزارعكم. تخيّلوا لَو قررتُ إرجاع ساعتي الكونية إلى الوراء. تخيّلوا لو أعدتكم إلى حربكم الأهلية لتَبيدوا. أنا عام 2021 أهددكم علناً. أدرسُ جديّاً مع النظام الشمسي توقيف دوران بلدكم حول الشمس. إذهبوا إلى سنة قمرية. إلى سنة زُحَليّة. إلى سنة لا تتجدد إلا كل مليون سنة. حتّى الشمس تشرِقُ عليكم بقرف.
شاهدتُ وسمعتُ إنفجار مرفأِكم. كاد الزمان يتوقف في ذلك اليوم. كدنا نتخذ قراراً كونيّاً في ذلك المساء يقضي بتوقّف الزمان. أنتم لا تستحقّون تعاقب فصولي ولا تفتّح ربيعي ولا ألوان خريفي ولا رذاذَ مَطري في الشتاءات الرومنسية. أمهلتكم فأهملتموني. ها أنا أدخلُ في يومي الأول إلى جحيمكم. ساعاتي ممتعضة. دقائقي متجهّمة وثوانيَّ محبطة منكم. ملأتم صفحاتكم سباباً بحقّي بدل أن أن تلعنوا سبابَكُم بحق بعضِكم البعض. لم تُحسنوا استعمال وقتي الذي أعطيتكم إياه مجّاناً. قضيتموهُ في الفساد والإفساد. جلّ ما أطلبه منكم عدم زجّ إسمي الجميل في متاهاتكم. أنا العام 2021 فكفّوا عن إقحامي في قرونكم الوسطى.
أنا زمن جميل لأولادكم وأحفادكم. هكذا أرسلني الله وهكذا ضبَطَني غرينتش. والله هذا إنذاري الأخير قبل أن أنفيكم خارج الزمان. أما لبنان فسآخذه معي أيقونةً أبقى من الزمان وأرقى من كلّ أمكنتكم النتنة. هذا توقيعي أذيِّلُه ها هنا وتعالوا حاسبوني قبل أن أسلّمَ أمانتي لخليفتي 2022 وأعلى ما في خيلكُم إركبوه.
|