Beirut
16°
|
Homepage
نصرالله و "...منطق الطبلة والربابة"
بولس عيسى | الثلاثاء 05 كانون الثاني 2021 - 5:01

"ليبانون ديبايت" - بولس عيسى

لقد أتت إطلالة الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله على وقع نكستَين مدويتَين:

الأولى، تتمثّل بالمناسبة بحد ذاتها حيث ظهر فريقه السياسي، أي محور الممانعة والمقاومة، أمام بيئته وجمهوره قبل أي أحد آخر خائراً وسقيماً وعاجزاً عن الرد على مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني الأمر الذي اضطر السيد إلى المزايدة السياسيّة لإطراب مسامع بيئته.


الثانية، تتمثّل بالموقف الذي أطلقه قائد سلاح الجو في الحرس الثوري الإيراني أمير علي حاجي زاده حيث أكّد المؤكد بأن سلاح "حزب الله" وقراره إيراني المنشأ والإمرة والوجهة مما اضطر السيّد أيضاً إلى المزايدة أكثر فأكثر لتغطية السموات بالقبوات.

وفي كلتا الحالتين لم يوفّق السيد في مسعاه للمزايدة، وسقط سقوطاً مدوياً على الأقل في محطتَين أساسيتَين:

المحطة الأولى، عندما اعتبر أنه "إذا هناك أي أحد يحس أن لبنان له وجود على الخريطة فهو بسبب هذه المقاومة وهذه الصواريخ ونقطة على أول السطر"، فيما الحقيقة الساطعة أن لبنان قبل "اتفاق القاهرة" عام 1969 وانطلاق المقاومات غير اللبنانيّة على أرضه على أشكالها وأنواعها كان تلك الجوهرة بالنسبة للعالم أجمع الذي كان يرى فيه نموذجاً غربياً في الشرق يعتمد الديموقراطيّة نظاماً والحريّة نهجاً وكان طليعياً في شتى المجالات والقطاعات من التربوي إلى الطبي والمصرفي والسياحي فكان جامعة ومستشفى ومصرف وفندق الشرق إلى حد أن أطلق عليه اسم "سويسرا الشرق".

لبنان كان عضواً مؤسساً في الأمم المتحدة ومساهماً أساسياً في "شرعة حقوق الإنسان" التي خطّها وزير خارجيّته آنذاك شارل مالك. إلا أن صواريخ المقاومة التي يتكلّم عنها السيد وسياسة حلفائه هي من شوّهت صورة لبنان وأدّت في 10 كانون الثاني 2020 إلى إعلان الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن لبنان فقد حقه بالتصويت في الجمعية العمومية في المنظمة الدولية بسبب امتناعه منذ عامين عن سداد ما يتوجب عليه من اشتراكات.

لبنان عضو مؤسس في جامعة الدول العربيّة وكان ما قبل قدوم المقاومات غير اللبنانيّة إلى أرضه على أشكالها وأنواعها لاعباً سياسياً أساسياً ومقرّراً في المنطقة كما كان قبلة العالم بعيشه المشترك الفريد من نوعه حيث يتشارك المسلم والمسيحي السلطة ضمن ديمقراطيّة توافقيّة استثنائية.

أما مع انطلاق المقاومات غير اللبنانيّة وآخرها الإيرانيّة المتمثلة بـ"حزب الله" بعملها على الأراضي اللبنانيّة من أجل شهرة لبنان ورفع اسمه عالياً في العالم وإذاعة صيته فقد تحوّل من "سويسرا الشرق" إلى "طهران الشرق"، وبفضل هذا العمل الدؤوب انهارت كل مقومات لبنان التفاضليّة وأضحى في عزلة دوليّة وعربيّة، وشعبه الذي كان دخل الفرد منه قبل هذه المقاومات يوازي دخل الفرد في أكثر الدول نمواً وتقدماً أصبح اليوم شعب مشرّد في وطنه ومتسول لمساعدات غذائيّة وطبيّة واجتماعيّة دوليّة بحيث أن أكثر من نصفه يعيش في البؤس ما دون خط الفقر ويتضوّر جوعاً.

وبفضل العمل الدؤوب لهذه المقاومات فقد وصلنا اليوم إلى انهيار كل القطاعات التي شكّلت علامة فارقة منذ تاريخ تأسيس لبنان وأضحت جميعها مهددة بالزوال ونقطة على أول السطر.

المحطة الثانية، هي عندما ذهب السيد نصرالله لحد القول: "إذا في يوم من الأيام يوجد أمل أن في لبنان يتوفر القليل من المال فهو من النفط والغاز، وإذا يوجد أحد يعطي فرصة لكي يستخرج لبنان غازه ونفطه الذي لديه، خصوصاً من البلوكات الغنية والمليئة في الجنوب، فهو ببركة المقاومة وصواريخ المقاومة"، والمقصود طبعاً في هذا الكلام هو أن يكسب "حزب الله" شعبياً في ظل تحميله اليوم من قبل معظم اللبنانيين مسؤوليّة الأزمة الاقتصاديّة - الماليّة والكارثة التي حلّت بهم.

أراد السيد التعميّة والتورية على هذه الحقيقة وتبييض صفحته واضعاً نفسه بصواريخه الضمانة لخروجنا كلبنانيين من الأزمة التي نتخبّط فيها عبر بوابة استخراج النفط، ليحاول تحويل حزبه من "الجلاد" إلى "صمام الأمان" الذي من واجب اللبنانيين الشخصي قبل الوطني عدم التفريط به. إلا أن السيد أغفل أن القاصي والداني يعلم أن لا نفظ في لبنان ولا من يحزنون في ظل وجود سلاح "حزب الله". فالشرط الأساسي للشركات العالميّة المنقبة عن النفط لكي تبدأ العمل على استخراج الغاز في مياهنا الإقليميّة هو إعادة إحياء "اتفاقيّة الهدنة" ولو بالحد الأدنى وتسليم الحزب سلاحه للدولة اللبنانيّة وقبل ذلك كل حديث عن النفط هو إما محط مرق سياسيّ أو أوهام.

من جهة ثانيّة، حاول السيد نصرالله أن يجد وظيفة جديدةً لحزبه كمبرّر لاحتفاظه بترسانته خصوصاً بعد أن سقطت وظيفة "مواجهة العدو الصهيوني" عنه مع تحوّل مزارع شبعا إلى جولان جديد يضمن من خلالها الحزب الأمن على حدود إسرائيل، كما بعد أن سقطت ذريعة خروجه من لبنان للقتال في سوريا تحت عنوان "حماية الحدود الشرقيّة من التكفيريين" بعد خروجه من سوريا خالي الوفاض من دون أي مكاسب سياسيّة مع حؤول الإمرة هناك إلى موسكو وليس للضاحية أو طهران.

السيّد قام بما عليه وقدّم الـ"CV" للوظيفة الجديدة محاولاً إقناع اللبنانيين في مقابلة التوظيف أنه الضمانة لأمنهم النفطي إلا أنه أغفل أنه غير مؤهل أساساً لمجرّد التقدم بطلب للوظيفة في ظل القرار العربي – الغربي بمقاطعة لبنان طالما أنه يمسك بالقرار السياسي فيه، كما أن رب العمل أي الشعب اللبناني أصبح بغالبيته يرى في سلاحه السبب في ضرب دور لبنان واقتصاده وماليته ونمط عيشه.

كما لا بدّ من الإشارة هنا إلى أن مزايدة السيد نصرالله لم تأتِ من فراغ وإنما في سياق شعوره بالحصار الكبير الخارجي والداخلي لذا اندفع إلى الأمام مدافعاً عن دور شارف على الانتهاء في ظل توجّه دولي عارم يهدف لوضح حد للدور الإيراني في المنطقة وفي ظل بيئة لبنانيّة رافضة لسلاحه ودوره وتسعى لقيام دولة في لبنان ترد الاعتبار لـ"لبنان سويسرا الشرق" بعد أن أتت تجربة "طهران الشرق" بنتائجها الكارثيّة على المستويات كافة. ونبرة السيّد العاليّة إن دلّت على شيء فعلى أن مشروعه يعيش اليوم فصوله الأخيرة وبدأ برفع السقف استعداداً للمرحلة التفاوضيّة.

ختاماً، إن لم نقل "تمخّض الجبل فولد فأراً" لا بد لنا أن نقول وعلى لسان نزار قباني في "هوامش على دفتر النكسة": "إذا خسرنا الحرب لا غرابة... لأننا ندخلها... بكل ما يملك الشرقي من مواهب الخطابة... بالعنتريات التي ما قتلت ذبابة... لأننا ندخلها... بمنطق الطبلة والربابةّ!".
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
ابن الـ 24 عاماً يُفجع زغرتا! 9 تصلّبٌ مفاجئ! 5 "الجنون" يضرب نيسان... خنيصر يتحدّث عن أمرٍ نادر ويكشف "مفاجأة"! (فيديو) 1
ابن الـ12 عاماً يروج المخدرات... ماذا جرى في إحدى مدارس لبنان؟ (فيديو) 10 بشأن تسديد الفاتورة سواء بالدولار أو الليرة... بيان من "كهرباء لبنان"! 6 سرقة أسلحة وذخائر من إحدى فصائل قوى الأمن… حاميها حراميها 2
سيناريو يهدد دولار الـ 89 ألف ليرة.. خبير اقتصادي يكشف معلومات مهمة عن الخطة المقبلة! 11 بسبب الإيجار... إقتحمت وابنها منزلاً وقتلا إثنين! (فيديو) 7 سعر ربطة الخبز إلى ارتفاع كبير... كم سيبلغ؟! 3
"القادم خطير جداً"... العريضي يتحدّث عن "زحطة" كبيرة للقوات! 12 طارد مواطن بهدف سلبه عند أنفاق المطار... هل وقعتم ضحيّة أعماله؟ 8 "حربٌ أهلية"... هذا ما تنبّأ به ماسك! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر