Beirut
16°
|
Homepage
مفاوضات الترسيم: "مُراعاةُ الأميركيين"... أولاً!
عبدالله قمح | الاثنين 11 كانون الثاني 2021 - 2:00

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

مبدئياً، وصلتِ المفاوضاتُ غير المباشرة بين لبنان والعدو الاسرائيلي حول ملف ترسيم الحدود إلى حائطٍ مسدود. ما يرشح عن أقنية دبلوماسية على صلة بالملف، يفيد بالتالي: "الأمور واقفة، وستبقى كذلك ما دام أن لا وحدة معايير واضحة حول الأسس التي يجدر أن يُبنى عليها التفاوض". ما يعنيه ذلك أن الأمور ستطول!

هكذا وببساطة، تسلّلت "لعنة وحدة المعايير" إلى طاولة الناقورة، فأُجهزَ عليها.


يتوقع أن يدوم الجمود فترة طويلة من الزمن ما دام أن الجهات الثلاث المعنية بالملف، أي اللبنانية و الاميركية والاسرائيلية، لم تعد تتعاطى معه كما كانت الأحوال عند البداية. ما يؤشر إلى ذلك جملة عوامل، بينها الموقف الاسرائيلي من تعزيز الملف اللبناني بحدود جديدة بلغ سقفها ٢٢٩٠ كيلومتراً مربعاً، وإنشغال الجانب الأميركي بتبادل السلطة في واشنطن، وضياع المستوى اللبناني في نقاش داخلي حول اهليّة طرح مبدأ التفاوض على ١٤٣٠ كيلومتراً مربعاً زيادة من المياه من عداه.

الاجتماع الاخير لوزيرة الدفاع ورئيس الوفد اللبناني المفاوض مع الرئيسين ميشال عون ونبيه بري يعطيان صورة مصغّرة حول طبيعة التعاطي الرسمي اللبناني مع ملف التفاوض، المبني على اختلاف التوجهات في تقدير المصلحة اللبنانية، وهما الاجتماعان اللذان رشح عنهما بوادر انقسام حادّة قد تحول دون مشاركة الوفد اللبناني بأيّ جلسة تفاوض في حال أُعيدَ إنعاش المسار.

رئيس الجمهورية ميشال عون ما زال عند نقطة منحِ الثقة للوفد اللبناني لإنجاز الملف. هو يدعم التعديل الذي أدخل على اتفاق الإطار ونقل قاعدة التفاوض من ٨٦٠ كيلومتراً مربعاً إلى ١٤٣٠ كيلومتراً مربعاً بناءً على إعتماد آليات دولية لرسم خط جديد منحت لبنان حق الحصول على ٢٢٩٠ كيلومتراً مربعاً من مياهه، وأعاد تكرار دعمه وفق الأسس ذاتها. خلاصة موقف ميشال عون أنه "سيمضي في المعركة حتى النهاية، وما دام أن تثبيت حق لبنان يرتبط بتوقيع مرسوم، فـ "هيا بنا!".

رئيس مجلس النواب نبيه بري يخالفه الرأي. يعتبر أن رفع سقف التفاوض إلى مستوى ٢٢٩٠ كيلومتراً مربعاً بخلاف ما اتفق عليه بدايةً "يمثّل أذية للموقف اللبناني ويضع مستقبل المفاوضات في المجهول، كذلك حق لبنان في استثمار حقوقه النفطية"... هكذا، اعلن بري أمام الوفد الذي زاره رفضه الموافقة على "مرسوم" يحدد مساحة لبنان البحرية بـ٢٢٩٠ كيلومتراً مربعاً وبالتالي. "لن يمر" عبارة أسمعها بري إلى أعضاء الوفد، مطالباً بالرجوع إلى جوهر إتفاق الإطار.

لموقف بري "دستت" أسباب. في جانب، يبدي حرصاً على عدم التلاعب ببنود اتفاق الإطار الموقع مع الجانب الاميركي الذي يرعى المفاوضات، ما يعني حكماً تخلي الاميركيين عن رعايتهم لها. خشية عين التينة تتموضع في إحتمال مغادرة الأمريكيين نقطة الرعاية، ما سيمثل خسارة لبنانية. في جانب آخر لا يريد بري أن يستجلبَ إلى عين التينة، مزيداً من الضغط من الجانب الاميركي، الذي سيحمّل عملياً، بري مسؤولية اي تعديل في بنود اتفاق الإطار. وفي زمن إعتماد الاميركيين على منطق العقوبات أداةً للضغط، تصبح أي خطوة قيد التدقيق.

ثمة جانب آخر له علاقة بالثقة، فحين دخل بري في مفاوضات بالنيابة عن الدولة اللبنانية مع الجانب الأميركي، إنطلق من سقف خط الـ٨٦٠ كلم٢ وبقيَ ثابتاً عليه طيلة ١٠ سنوات من الأخذ والرد، بناءً على تفاهمات مسبقة مع الأميركيين، لذا يعتبر بري إنه الخط الأفضل لبدء مسار التفاوض. لاحقاً ومع إنجاز "الإطار"، اسدى وعداً إلى الجانب الاميركي بأن ينطلق التفاوض على هذا الاساس، اي ٨٦٠ كيلومتراً مربعاً، وأن يجري الالتزام به طيلة فترة التفاوض، وكانت التوقعات بمعظمها تركن إلى فرضية الانسابية في التفاوض تحت سقف فترة زمنية معقولة. إما الآن ومع دخول الخرائط الجديدة، باتت مصداقية بري على المحك!

على الضفة المقابلة، ثمة من يدّعي ويقول أن بري مُنيَ بهزيمة سياسية من وراء سير رئيس الجمهورية بخط لـ١٤٣٠ كيلومتراً مربعاً الذي يمثل عملياً خط "قيادة الجيش". يبني ذلك على أن بري في الأساس إكتفى بإنجاز اتفاق الإطار ثم ألقى بمسؤولية استئناف التفاوض على رئاسة الجمهورية، وكان بري هنا يعتقد بل يجزم، انه وفي حال أنجز الاتفاق على أساس "الإطار" فسيكون له حصة الأسد سياسياً وسيقاسم عون الانجاز، إما وفي حالة تراجع عون أو سقوطه في المفاوضات فسيتحمل النتيجة وحده. الآن ومع اختلاف الخطوط اختلفت النظرة. ما كان يمثل إحتمالاً لرسوب عون أضحى سبباً لنجاحه، بل بات يمتلك عنصراً هاماً في المفاوضات حتّم على الجانب الاسرائيلي التراجع إلى الخلف وإعادة درس خياراته.

عملياً، باتت عين التينة أسيرة الوعود الممنوحة للاميركيين، والمستوى اللبناني أسير الضياع في تقدير الموقف الاصح من المفاوضات، والاخطر، اسير "الدعاية الاسرائيلية" التي تلقي باللوم في جمود المسار على الجانب اللبناني، وها هي تنظر إلى الخلاف الدائر على الجغرافيا اللبنانية بسعادة، فما يتكفّل السياسيون اللبنانيون الآن بإسقاطه بالتكافل والتضامن فيما بينهم، كان الاسرائيليون يبحثون عن طرق لتطبيقه.

في الواقع، المستوى اللبناني ضيّع عوامل القوة التي جرت ترجمتها على طاولة "الناقورة" في الزواريب السياسية الداخلية. كان يجدر بالحد الادنى اعتماد خط الـ١٤٣٠ كيلومتراً مربعاً كسقف للتفاوض وبغطاء قانوني عبر مرسوم التعديل المقترح وطبيعة التفاوض علمياً، مبنية على ضرورات رفع الحد الاقصى للوصول إلى الحد الادنى...

هكذا، وبفعل غياب الكيمياء بين بعبدا – عين التينة باتت عناصر القوة اللبنانية على طاولة التفاوض فاقدة للصلابة ومعرّضة للتشويه، وبدل ان يكون الجانب اللبناني مبادراً، بات يطلب منه الآن تشذيب طروحاته التي سبقَ و تقدم بها من أجل استئناف مسار التفاوض، إذاً على لبنان التضحية! وسط كل ذلك يبرز غياب موقف حزب الله من كل الذي يجري.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
اسرائيل تحضّر لـ "اقتحام برّي" في الجنوب والجولان! 9 صدمةٌ بين الأهالي... بلدة لبنانية تستفيق على مأساة! (صورة) 5 يخضع منذ الصباح للتحقيق... والتهمة صادمة! 1
المهندس "أبو علي" ضحيّة جديدة للإعتداءات الإسرائيلية! 10 ممارسات إسرائيلية تشكّل تهديداً لمطار بيروت! 6 "رسائل خطيرة على الهواتف"... وتحذير جدّي إلى المواطنين! 2
الحزب يبدأ "معركة الداخل" ويطلب وضع الجيش "رهن إشارته"... مخطّط سريّ! 11 بعد فصل طالبة لبنانية من جامعة أميركية... دعوةٌ من إعلامي لبناني! (فيديو) 7 "الثمن مُكلف جدًا"... لافتة تُثير الإستغراب في الغبيري! 3
ذهبوا لمصادرة "أغلفة تبغية" مزورة... فكانت المفاجأة! (فيديو) 12 تحذيرٌ "عاجل" من اليوم "الحارق" المُرتقب... وهؤلاء عرضة للخطر! 8 "إجتياح من نوع آخر" لمدينة لبنانية! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر