"ليبانون ديبايت" - بولس عيسى

أكّدت أوساط سياسيّة أن ثلاثة مشاريع تتزاحم اليوم على المسرح السياسي اللبناني، مشيرةً إلى أن المشروع الأول، يقوده "حزب الله" وفريق العهد ويرتكز على ثلاثة أهداف أساسيّة:

-الهدف الأول، الحؤول دون المزيد من الإنهيارات الماليّة خشية الغضب الشعبي من جهة، وتفكك المؤسسات من جهة أخرى، وبالتالي خشية أن يسقط هيكل الدولة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يضع مشروع الحزب الكبير في مهبّ الرياح باعتبار أنه يعتقد أن هناك محاولة لإسقاط الدولة بغية إسقاطه.

-الهدف الثاني، منع إسقاط رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون، باعتبار ان أرباب هذا المشروع يعتبرون ان أي محاولة من هذا القبيل في هذه المرحلة ستفتح أبواب اللعبة السياسيّة الداخليّة إلى التفكك الدستوري وبالتالي تفكك الدولة في ظل الأوضاع الكارثيّة واللحظة السياسيّة "الإنهياريّة" وميزان القوى الخارجي الذي تعصف رياحه بعكس ما تشتهي سفن الحزب.

-الهدف الثالث، العمل على محاولة تشكيل حكومة من أجل إعادة إطلاق القطار المؤسساتي للحؤول دون الوصول إلى إنهيار إقتصادي مالي تام، وبالتالي انهيار دستوري بعد سقوط الـمؤسسات، لذلك ينتظر "حزب الله" اللحظة المناسبة من أجل الدخول على خط التّأليف للدفع نحو تشكيل حكومة يتمكن عبرها من تثبيت ميزان القوى القائم اليوم من خلال إدخال البلاد في "ستاتيكو الأمر الواقع".

ولفتت الأوساط إلى ان المشروع الثاني، يقوده نادي رؤساء الحكومات السابقين مع رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط وأهدافه تبدأ من محاولة إسقاط رئيس الجمهوريّة ولا تنتهي بالتهيئة لمرحلة ما بعد العماد عون، محاولين ضمان وصول رئيس للجمهوريّة ليس ببعيد عن منظومة "الطائف" التي حكمت ما بين الـ 1990 والـ 2005، ترتاح له هذه المجموعة التي تقود هذا المشروع والتي تحاول تطويق رئيس الجمهوريّة من دون الدخول في صدام مع الثنائي الشيعي لأنها تريد أن يكون الرئيس نبيه بري شريكاً شيعياً معها في مشروعها ولهذا السبب تحديداً نراها تنكفئ عن مواجهة "حزب الله" وتصوّب فقط على رئيس الجمهوريّة في محاولة لتحييد الحزب والتركيز فقط على الرئيس.

واعتبرت الأوساط أن معضلة هذه المجموعة الأساسيّة هي أنها لا تجد شريكاً مسيحياً حقيقياً لها، فهي في مواجهة مع "التيار الوطني الحر" ولديها صعوبات جمّة للوصول إلى تفاهم مع حزب "القوّات اللبنانيّة" باعتبار أن للأخير في موضوع "اتفاق الطائف" وجهة نظر مبلوّرة وواضحة لجهة أن أي تثبيت لهذا الإتفاق يجب أن يعود إلى التكفير عن الخطيئة الأصليّة التي ارتكبت في هذا الإطار، وهي إبقاء سلاح خارج الدولة، فضلاً عن أن "القوّات" تعتبر أن أي محاولة لإسقاط الرئيس أو الإتيان بآخر في ظل وجود الأكثريّة النيابيّة الحاليّة، وفق ما تخطط له هذه المجموعة، لن يوصل رئيس جديد يختلف بتوجهاته السياسيّة عن الرئيس الحالي.

وأشارت الأوساط إلى ان المشروعين الأول والثاني يلتقيان على نقطة واحدة وهي وجوب التمديد للمجلس النيابي الحالي والإبقاء على الأكثريّة النيابيّة الحاليّة تجنباً لأي مفاجآت سياسيّة قد تأتي بها أي انتخابات نيابيّة ممكن أن تجرى الأمر الذي تعارضه تماماً "القوّات اللبنانيّة".

ورأت الأوساط أن المشروع الثالث، يقوده حزب "القوّات اللبنانيّة" ويدعو لإجراء انتخابات نيابيّة مبكرة بعد تقصير ولاية مجلس النواب الحالي باعتبار أنها من خلال هذا الأمر تفتح الباب أمام إعادة إنتاج السلطة، كل السلطة من دون استثناء، وإطلاق ديناميّة وطنيّة وسياسيّة تستطيع أن تعيد تمكين وتثبيت مقومات الدولة اللبنانيّة وتصحح الخلل الذي اعترى الممارسة السياسيّة ما قبل وبعد العام 2005.

وأكّدت الأوساط أن "القوّات" ستقوم بالإنفتاح على أكثر من جهّة في المعارضة وتحديداً في المجتمع المدني وبعض الشخصيات المستقلّة من أجل تشكيل قوّة ضغط سياسيّة في هذا الإتجاه.

وختمت الأوساط أن المشاريع الثلاثة تتزاحم اليوم، ولكننا لا نعلم بعد أي مشروع سياسي سيتمكّن من التقدّم في ظل هذا الواقع، ولكن الذي لا يمكن إنكاره هو أن المشروع الذي يثبت قدرة التغيير المطلوبة لا شك في أنه مشروع "القوّات اللبنانيّة" الذي عملياً، لا يلتقي مع أي من المشروعَين الآخرَين حيث تقوم "القوّات" بمواجهتهما سوياً باعتبار أنها تنطلق أساساً في مشروعها من مسألة تصحيح الخلل القائم عبر اللجوء إلى مصدر السلطات الأول والأخير وهو الشعب أي صندوقة الإقتراع.