"ليبانون ديبايت"- وليد خوري

ما إن نجحَ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في تحويلِ ورقة "التّدقيق المالي الجنائي" من فخٍّ نُصِبَ له وورقةِ ضغطٍ عليه وابتزازٍ له، من خلالِ دفعِ السّلطتَين التشريعيّة والتّنفيذيّة إلى إعتماد الطرق القانونية الخاصة بمعالجة عقدة "السرية المصرفية"، ليتمكّن مصرف لبنان من تزويدِ الجهات المعنيّة بالتدقيق بكل ما تطلّبه من معلوماتٍ للقيام بعملها، حتى برز إلى "الواجهة تحرّك النيابة العامة الفدرالية في سويسرا على خلفية التحقق من معلومات عن تحويلات ماليّة قام بها سلامة وشقيقه وإحدى مساعداته إلى سويسرا".

وبحسبِ المعلومات المتوافرة، فإن "تحرّك النّيابة العامّة السويسرية تمّ على خلفيّةِ مجموعة من الإخبارات التي تلقّتها على مدى الأشهر القليلة الماضية من جهات "صحافية إستقصائية"، ومن جمعيّاتٍ تتّخذُ من شعارِ "مكافحة الفساد" عنواناً لتحرّكها في أوروبا".

وتشيرُ هذه المعلومات، إلى أن "جهاتٍ سياسيّة وحزبيّة معروفة بإرتباطاتها الإقليمية، تُدير عدداً من الإعلاميّين اللّبنانيّين، وقد سهّلت لهم بناء علاقة مع الجهات الإعلاميّة والجمعيات التي تمّت الإشارة إليها في أوروبا من خلال مكاتب لمحامين سبق لهم أن لعبوا دوراً بارزاً لمصلحة النّظام الأمنيّ اللّبنانيّ السوريّ في المرحلة الممتدّة بين العامَين 1990 و2005، ومن ثم لمصلحةِ رموزه في المرحلة بين العام 2005 الى اليوم".

ويبدو أن هذه الجهات، التي "فشلت في تحريكِ ملفٍ مماثلٍ في باريس خلال الصيف الماضي، قد إنتقلت للعملِ على خطِّ جنيف، مع إقتراب موعد الإستحقاقات المتعلّقة بتلبية المصارف اللّبنانيّة والمُودعين، الذين سبق لهم أن حوّلوا مبالغ تفوق الـ 500 ألف دولار إلى الخارج لمتطلبات تعاميم مصرف لبنان، التي تلزم المصارف برفع رساميلها بنسبة 20% وبتأمين ما نسبته 3 بالمئة من ودائعها بالعملات الصّعبة لدى المصارف المراسلة في الخارج، والتي تلزمُ مدراء المصارف ومساهميها وأصحابها بإعادة 30% من قيمة المبالغ التي حولوها الى الخارج، في حين تلزم المودعين الآخرين بإعادة نسبة 15 بالمئة الى لبنان".

ومن شأن هذه التدابير أن تُدخل إلى الأسواق اللبنانية مبالغ تقارب الثمانية مليارات دولار في إطار خطّة مصرف لبنان لإعادة الدورة الطبيعية الى المصارف اللبنانية ولو على مراحل، وبالتالي إنقاذ القطاع المصرفي من خلال إعادة هيكلة هادئة وقائمة على أسس اقتصادية ومالية وعلمية صحيحة، خلافاً لما كانت الحكومة المستقيلة تسعى الى تنفيذه.

وبحسب جهات مصرفية ومالية واسعة الإطلاع، فإن المحرّضين والمخبرين الذين نجحوا في تحريك القضاء السويسري معنيون مباشرة بتعاميم مصرف لبنان، وهم مهدّدون بفقدان أسهمهم في عددٍ من المصارف اللّبنانية التي لن تتمكن من رفع رساميلها. كما أنّهم مهدّدون بالملاحقة أمامَ هيئةِ التّحقيقِ الخاصّة في مصرفِ لبنان في حال لم يُعيدو قسماً من المبالغ التي حولوها الى الخارج. ولذلك، فقد فجروا هذه "القنبلة الدّخانية" الجديدة في محاولة لإرباك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وتحويل تركيزه عن متابعة تنفيذ التعاميم من خلال السعي لإنقاذ نفسه بدل استكمال العمل على إنقاذ القطاع المصرفي في لبنان.

وتؤكّد الجهات المصرفية والمالية المذكورة، أن الحملةَ الجديدةَ على رياض سلامة تهدفُ إلى تمييعِ "التدقيق المالي الجنائي" على مستوى المؤسّسات الرسمية كلّها، وإستبداله بالتّحقيق السّويسري مع رياض سلامة حصراً بعدما بات هذا التدقيق حبلاً على رقاب رموز أركان أساسيين من السلطة السياسية الذين فشلوا في حصره بمصرف لبنان سعياً لتحويل المصرف وحاكمه إلى كبش محرقة يتم من خلالها إخفاء حقيقة الهدر والفساد ومكامن السرقات المتمادية للمال العام.