Beirut
16°
|
Homepage
من يوظّف ثورة الشعب الجائع؟
بولس عيسى | الجمعة 29 كانون الثاني 2021 - 2:01

"ليبانون ديبايت" - بولس عيسى

تجزم أوساط سياسية، أن التظاهرات والإحتجاجات التي انطلقت في أكثر من منطقة لبنانيّة، وتحديداً في طرابلس، هي عفويّة ودافعها الوحيد سوء الأوضاع الإقتصاديّة والمالية والمعيشيّة، والتي أتت جائحة "كورونا" والإقفال العام الذي اعتمد كوسيلة لمكافحتها كـ"القشّة التي قصمت ظهر البعير"، خصوصاً وأن شريحة واسعة من اللبنانيين يعملون كمياومين ويعيشون تبعاً لقاعدة "أعطنا خبزنا كفاف يومنا"، مع العلم أن لا تقديمات من الدولة لهذه الشريحة، التي هي أصلاً بحاجة ماسة للمساعدة قبل وخلال الإقفال العام، وبالتالي، لا يجوز إطلاقاً تسييس هذه التحرّكات، أو وصفها ب"المشبوهة" أو المفتعلة.

وتشدّد الأوساط، على أن التظاهرات هي استمرار لـ"انتفاضة 17 تشرين"، لا بل تأتي في هذا التوقيت بالذات، لتعبّر عن غضب وجوع وفقر مدقع وعَوَز، كما أنها صرخة من الشعب الذي تحدى المجزرة المستمرّة التي يرتكبها وباء "كورونا" في لبنان، وخرج إلى الشوارع غير آبه بالموت، ولا يمكن تفسير المشهد، سوى أن المواطنين يشعرون أن الإصابة بوباء "كورونا" تبقى ميتة "أيسر وأفضل" من الموت جوعاً في منازلهم.


وفي المقابل، تلاحظ الأوساط، محاولات لتوظيف التحركات الشعبية واستثمارها لمصلحة فريق سياسي ضد آخر، حيث أن الهدف الأول هو استغلالها في ملف تأليف الحكومة العتيدة، وبالتالي، فإن هذه التظاهرات حصلت وتحوّلت إلى أمر واقع، في ظل رغبة "حزب الله" بالدفع باتجاه تشكيل الحكومة، حيث سبق لأمينه العام السيد حسن نصرالله، أن حمّل في خطاب علني فريقي التأليف، أي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، مسؤولية التعثر في ملف التشكيل.

كما أنه معلوم أيضاً أن العقدة التي تمنع تأليف الحكومة محليّة، بدليل أن الرئيس الحريري نفسه صرّح عشيّة عيد الميلاد "أننا أصبحنا على قاب قوسين من إعلان مراسيم التأليف"، إلا أن الأمور عادت لتتعقّد من جديد، وبالتالي، تعتبر الأوساط أن الحزب يرى أنه من الممكن توظيف ما يحصل في الشارع وتضخيمه وتسخينه، في مكان ما، من أجل تشكيل ورقة ضغط على رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، لحشرهما أمام خيارين لا ثالث لهما: إما سقوط الهيكل على رؤوس الجميع، أو الإتفاق على تشكيل الحكومة.

وتنقل الأوساط عن مصادر عليمة، أنه لا يمكن إطلاقاً استبعاد دخول أطراف على الخط لإضرم النار في بعض التظاهرات بغية حرفها نحو توجّهات عنفية، وذلك بغرض توظيفها في ملف تأليف الحكومة، باعتبار أنها الورقة الوحيدة، التي يمكن استخدامها في المرحلة الراهنة. وترجّح أن يكون الإتجاه الغالب للتوظيف الذي يقوم به "حزب الله"، يندرج في سياق تأليف الحكومة ليس أكثر، باعتبار أنه يريد تأليف حكومة في توقيت هو الأنسب له، وبما أنه يحمّل الرئيس عون ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل والرئيس الحريري مسؤوليّة التأخير، يعتبر أن اندلاع هذه التظاهرات قد يكون الفرصة السانحة من أجل إحداث كوّة في حائط الإسمنت المسلّح ما بين بعبدا وبيت الوسط للولوج منها إلى التأليف.

ومن هنا تشير الأوساط، إلى أنه، وبالتزامن مع ضغط الشارع، لا يجب إغفال الحركة التي يقوم بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، الذي يصول ويجول على الثلاثي عون، باسيل والحريري، محاولاً الوصول إلى حلول للعقد الثلاث العالقة لهذه اللحظة، والتي فجّرت الأزمة الحكومية، وهي:

ـ توسيع الحكومة لتضم عشرين وزيراً بغية توزير النائب طلال إرسلان بالرغم من معارضة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، حيث أن التصعيد الجنبلاطي في الآونة الأخيرة يأتي انطلاقاً من علمه بأن الأمور تتّجه بهذا المنحى، ففي حال تم ضم إرسلان إلى الحكومة يكون بذلك قد وضع فريق العهد، أي الرئيس عون و"التيار الوطني الحر"، "الثلث المعطّل" في جيبه.

ـ وتكمن العقدتان الثانيّة والثالثة في حقيبتي الداخلية والعدلـ، حيث أن هناك مشاورات وكلام حول الوصول إلى مساحة مشتركة بين الطرفين بالنسبة لهاتين العقدتين، في ضوء سيناريوهات متبادلة في هذا الإطار. إلا أن المؤكد أنه لم يتم الإتفاق على أي منها لغاية اللحظة، ولكن السينارو المرجح بينها هو أن يسمي الرئيس المكلّف شخصيّة لتولي حقيبة الداخليّة يوافق عليها رئيس الجمهوريّة وأن يقوم الأخير بتسمية شخصية لحقيبة العدل يوافق عليها الرئيس المكلّف.

وبحسب المعلومات المتوفّرة لدى الأوساط، فإن السيناريو الأخير هو المرجّح، بانتظار تبيان الخيط الأبيض من الأسود في ما خص العقدة الأولى.

أما بالنسبة للإتجاه التوظيفي الآخر للتظاهرات، فتقول الأوساط، أن ما يشاع عن أنه يتم تحريكها من قبل دولة إقليميّة معيّنة، والهدف ضرب "حزب الله" في لبنان وإيقاع فتنة سنيّة - شيعيّة، معتبرةً أن "هذا الكلام بعيد كل البعد عن الواقع، وهذه التسريبات مطلوبة من أجل حرف الأنظار عن الهدف الأساس الذي يعمل عليه وهو الإتجاه التوظيفي الأول أي الضغط لتشكيل الحكومة، باعتبار أنه ليس هناك من ظروف لا محليّة ولا إقليميّة ولا دوليّة مؤاتية لاندلاع فتنة من هذا النوع.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
تحذيرٌ "عاجل" من اليوم "الحارق" المُرتقب... وهؤلاء عرضة للخطر! 9 صدمةٌ بين الأهالي... بلدة لبنانية تستفيق على مأساة! (صورة) 5 يخضع منذ الصباح للتحقيق... والتهمة صادمة! 1
اسرائيل تحضّر لـ "اقتحام برّي" في الجنوب والجولان! 10 ممارسات إسرائيلية تشكّل تهديداً لمطار بيروت! 6 "رسائل خطيرة على الهواتف"... وتحذير جدّي إلى المواطنين! 2
المهندس "أبو علي" ضحيّة جديدة للإعتداءات الإسرائيلية! 11 هذا ما يحصل متنياً 7 "إجتياح من نوع آخر" لمدينة لبنانية! 3
الحزب يبدأ "معركة الداخل" ويطلب وضع الجيش "رهن إشارته"... مخطّط سريّ! 12 بعد فصل طالبة لبنانية من جامعة أميركية... دعوةٌ من إعلامي لبناني! (فيديو) 8 "الثمن مُكلف جدًا"... لافتة تُثير الإستغراب في الغبيري! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر