Beirut
16°
|
Homepage
جولة الرئيس المكلّف رباعيّة الأبعاد
بولس عيسى | الجمعة 05 شباط 2021 - 3:00

"ليبانون ديبايت" - بولس عيسى

يتولّى الرئيس المكلّف سعد الحريري حركة زيارات واتصالات خارجيّة شكّلت دولة الإمارات العربيّة المتّحدة قاعدة انطلاقها، وحطّت رحالها في تركيا ومن ثم في مصر. وفي هذا الإطار، ثمة سؤال بديهي يتناقله المتابعون وهو: متى المملكة العربيّة السعوديّة؟

قد يبدو شكلاً أن الحريري يقوم من خلال هذه الحركة الخارجية بملء الوقت الضائع، ريثما يتم إعادة تحريك ملف تأليف الحكومة من قبل الوساطات التي تعمل على نشله من عنق الزجاجة، إلا أن هذا يبقى في الشكل، ولكن ماذا عن المضمون والأهداف؟


لقد أعطت أوساط سياسيّة متابعة عن كثب لحركة الرئيس المكلّف الخارجيّة، هذه الجولة أبعاداً أربعة أساسيّة:

-الأول يأتي في الشكل بامتياز، إذ من الواضح أن الرئيس المكلّف يوظّف هذه الحركة لإبراز شبكة علاقاته الخارجية، محاولاً خلق مشهديّة سياسية يتمايز من خلالها عن سائر القوى السياسية اللبنانيّة. لذا، فهو يريد من خلال الزيارات الخارجيّة التي يقوم بها توجيه رسالة للمسؤولين اللبنانيين على اختلافهم، حلفاءً كانوا أم خصوماً، بأنه الوحيد في لبنان القادر على لقاء ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتيّة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس التركي رجب طيّب أردوغان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأن يُستقبل بحفاوة في البلدان الثلاثة، بغض النظر عن طبيعة العلاقة في ما بينها، وهذا بالطبع فضلاً عن اتصالاته المفتوحة مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وصداقاته الدوليّة الأخرى. ولذلك هو يريد في هذه المرحلة التي يتعثّر فيها تأليف الحكومة، توجيه رسالة إلى القوى السياسية عموماً، وإلى خصومه المباشرين الذين يتشارك معهم تأليف الحكومة، أي رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، ليقول إن ما يملكه من علاقات سياسية خارجية لا يملكه أحد، وتحديداً فريق العهد، وهو على هذا المستوى يتفوّق عليهم بأشواط.

-البعد الثاني يأتي مرتبطاً بالبعد الأول، وهو أن الرئيس المكلّف يريد بحركته هذه أن يقول لـ"حزب الله"، إنه يشكّل حاجة ماسة وضرورية له، وليس هناك من رئيس حكومة في لبنان غيره قادر على القيام بهذا الإختراق الدولي والعربي وحشد الدعم اللازم للحكومة، وبالتالي، على الحزب الداعم الأساسي لتكليفه، والذي لا يزال يوازن ما بينه وبين عون، أن يذهب في اتجاه حسم الخلاف بين الفريقين لمصلحة الحريري من أجل أن ترى الحكومة النور. كذلك يريد الحريري من هذه الجولة أن يظهر لـ"حزب الله" أنه في حال أقدم على الإعتذار فالحزب سيكون أكبر الخاسرين، باعتبار أن ما يستطيع الحريري فعله، لا يستطيع أحد فعله حتى حليف الحزب الأول الرئيس عون.

-البعد الثالث، هو محاولة توفير ضمانة دولية وعربية للحكومة العتيدة التي يعتقد الحريري بأنها ستتألف في نهاية المطاف، وبالتالي، يقوم بهذه الزيارات، ليس من أجل دفع هذه الدول إلى التدخّل لفكّ ما تبقى من عقد تحول دون تأليف الحكومة، لأن هذه مسألة ثانويّة بالنسبة له، ولأن العقدة الفعلية داخليّة ولا بد أن تُحَلّ. ولكن الحريري يعمل في حركته هذه على تأمين غطاء عربي ودولي لحكومته العتيدة كي تتمكن من النجاح، لأنه لا يريد إطلاقاً تكرار تجربة حكومة الرئيس حسان دياب المستقيلة، كما أنه لا يريد أن يفشل وأن يدخل في تجربة مكتوب لها الفشل قبل بدايتها، لذا جلّ ما يريده، هو أن يضمن بأن ترؤسه الحكومة العتيدة سيؤدي إلى تحسين الوضع الراهن في البلاد، باعتبار أن مصيره السياسي على المحكّ، ولذا يريد أن يضمن بأن يكون هناك قبولاً عربياً ودولياً، وبالتالي ضمانة وغطاءً خارجيين، للتركيبة الحكومية التي يعمل عليها.

-البعد الرابع، متصل بمحاولة الحريري من هذه الزيارات، توجيه رسالة للشعب اللبناني بأن ترؤسه الحكومة سيشكّل مدخلاً للإنقاذ، بدليل أنه نجح في استقطاب وانتزاع الثقة العربية والدولية، الأمر الذي سيجعل من هذه الحكومة مدخلاً لحل الأزمة المالية. فهو بأمسّ الحاجة لأن تعطي البيئة السنيّة تحديداً، والشارع اللبناني عموماً، الثقة الشعبية لحكومته العتيدة، ذلك أن مسألة الثقة الشعبية تمثّل خوف الحريري الأول، لأنه بعد ثورة 17 تشرين، لم تعد الثقة البرلمانية تنسحب على ثقة الشارع، باعتبار أن القوى العاملة اليوم على تأليف الحكومة لم يعد لديها أي ثقة شعبية، والمثال بارز أمام الحريري في الحكومة المستقيلة التي لم تستطع بالرغم من أنها تضم وجوهاً جديدة من نيل ثقة شعبية تذكر. والرئيس المكلّف بحاجة ماسة لكسب ثقة الناس كي لا يستهلّ ولايته الحكومية بموجة شعبية عارمة رافضة له ولحكومته، في ظل انعدام الثقة.

في خلاصة هذا المشهد كله، يبقى السؤال الأساس بحسب الأوساط: "إلى أي حد سيتمكّن الرئيس المكلّف من تحقيق ما يمكن تحقيقه على مستوى الإصلاحات وإدارة المؤسّسات بعد ولادة حكومته، خصوصاً في ظل الخلاف المستعر، والذي وصل إلى أمكنة لا يمكن الرجوع منها بسهولة، بين المكوّنات المفترضة لهذه الحكومة، والذي تظهّر في فترة التأليف، وبطبيعة الحال سيتكرّر في مرحلة ما بعد التأليف؟".
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
خرج من الأنفاق... السنوار يتفقد غزة (صور) 9 بشأن تسديد الفاتورة سواء بالدولار أو الليرة... بيان من "كهرباء لبنان"! 5 "الجنون" يضرب نيسان... خنيصر يتحدّث عن أمرٍ نادر ويكشف "مفاجأة"! (فيديو) 1
تشريح عقل جنبلاط وكشف ما في داخله... "دمار وخراب بانتظار اللبنانيين والهيكل سيسقط"! 10 بسبب الإيجار... إقتحمت وابنها منزلاً وقتلا إثنين! (فيديو) 6 سعر ربطة الخبز إلى ارتفاع كبير... كم سيبلغ؟! 2
ابن الـ12 عاماً يروج المخدرات... ماذا جرى في إحدى مدارس لبنان؟ (فيديو) 11 طارد مواطن بهدف سلبه عند أنفاق المطار... هل وقعتم ضحيّة أعماله؟ 7 "حربٌ أهلية"... هذا ما تنبّأ به ماسك! 3
"القادم خطير جداً"... العريضي يتحدّث عن "زحطة" كبيرة للقوات! 12 حقيقة الخلاف بين باسيل وبعض نواب كتلته! 8 سيناريو يهدد دولار الـ 89 ألف ليرة.. خبير اقتصادي يكشف معلومات مهمة عن الخطة المقبلة! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر