Beirut
16°
|
Homepage
قطر تُحبِط آمال "حزب الله"
بولس عيسى | الجمعة 12 شباط 2021 - 3:00

"ليبانون ديبايت" - بولس عيسى

لقد أتت زيارة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى لبنان، لتُحدث زوبعةً في فنجان الركود السياسي الذي تشهده البلاد منذ أشهر، والذي كان لا يعكّر صفاءه سوى اشتباكات على بعض المحاور السياسية لا طائل منها، وليس آخرها حرب البيانات المستعرة على محور بعبدا ـ بيت الوسط.
إلا أن هذه الزيارة القطرية لم تخلُ من الإلتباس، وقد حُمِّلَت الكثير من التأويل والتحليل إلى حين إدلاء الموفد القطري بتصريحه الشهير من القصر الجمهوري، حيث بيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود، ووضع حداً لكل من كان يسعى لإعطاء هذه الزيارة، على عكس محملها، طابعاً تسوَوِياً، واعتبارها بمثابة دخول قطري نوعي على خط الأزمة اللبنانية.
ولكن، لماذا هناك من سعى لتحميلها كل هذه المعاني؟


في معرض الإجابة عن هذا السؤال، أكدت أوساط سياسية عليمة، أن أكثر ما أزعج الجمهورية الإسلامية في إيران في الآونة الأخيرة، كان المصالحة الخليجية بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر، باعتبار أنها لطالما راهنت على الخلاف الخليجي ـ الخليجي، وكانت تأمل الإستمرار في ذلك، لأنها تخشى من أي وحدة صف وموقف داخل مجلس التعاون الخليجي، خصوصاً وأن توقيت هذه المصالحة جاء بالنسبة لطهران في وقت دقيق للغاية بالتزامن مع تغيّر كبير في المعادلات السياسية، وبالتالي المشهد السياسي العام في المنطقة.
فمن التطوّرات التي شهدها ملف السلام العربي ـ الإسرائيلي، إلى انتخاب الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن وتشكُّل إدارة جديدة في الولايات المتحدة الأميركية، مروراً بالهندسة الجديدة الدوليّة المرتقبة للمنطقة، والحرب الإسرائيلية المستمرّة على إيران في سوريا، ناهيك عن الكلام عن إشراك الرياض في أي مفاوضات محتملة معها، كلها متغيّرات فرضت قواعد جديدة للعبة السياسية.

وأشارت الأوساط إلى أن طهران كانت تسعى باستمرار إلى الإتّكاء على الخصومات الخليجيّة ـ الخليجيّة، لأنها كنت تستفيد منها عبر اللعب على وترها، فجاء توقيت هذه المصالحة ليشكّل رسالة خليجيّة مباشرة لها، ما أثار عندها المخاوف حول طبيعة المرحلة المقبلة وموازينها.

وفي هذا السياق، رأت أنه كان هناك رهان لدى "حزب الله"، بأن تشكّل زيارة الموفد القطري إلى بيروت، نوعاً من فكٍّ للطوق الخليجي عن لبنان للعودة إلى مساعدته مادياً، فالحزب يدرك تماماً بأن البلاد لا يمكن أن تخرج من أزمتها الإقتصادية الماليّة المستفحلة تبعاً لقاعدة "الإصلاحات ثم المساعدات"، باعتبار أنه وفريق العهد ومجمل أفرقاء "8 آذار"، لن يذهبوا باتجاه أي من هذه الإصلاحات، وهذا القرار أصبح معلوماً ومؤكداً عبر أداء حكومة الرئيس حسان دياب، الأمر الذي إن دَلّ على شيء، فهو أن هذه القاعدة لا قيامة لها بالنسبة لهم، فضلاً عن أنه حتى لو سلّمنا جدلاً وتحقّقت هذه الإصلاحات، فالمساعدات المرجوّة ليست سريعة المنال.

لذا ما كان يرجوه الحزب ولا يزال، هو مساعدات ماليّة فوريّة من غير قيد أو شرط، والتي لا يمكن لأي دولة تقديمها باستثناء دول الخليج العربي ومن ضمنها قطر.
وشدّدت الأوساط على أنه كان هناك نوعاً من التعويل على هذه الزيارة من أجل استثمارها في اتجاهين:

الأول سياسي ـ إعلامي، للتسويق بأنه لم يعد هناك من حظر خليجي على لبنان، وأن السياسة الخليجيّة إزاءه قد تبدّلت وتغيّرت، وأن الطوق الذي كان مفروضاً ومُحكماً قد زال، وأننا ندخل مرحلةً جديدة في هذا الإطار. وقد رأينا أوساط الحزب والمقرّبين والحلفاء، الذين حاولوا استثمار الزيارة سياسياً وإعلامياً بهذا السياق، عبر الكلام عن وضعيّة جديدة سيقبل عليها لبنان وستُشكل له ارتياحاً كبيراً، الأمر الذي إذا ما حصل، فهو يعكس بطبيعة الحال تسليماً بوجود "حزب الله" ودوره وشرعية الحكومة العتيدة، وكل ذلك كان يرتكز على فرضيّة مساعدات فوريّة مرجوّة ستتلقاها الحكومة العتيدة خلال الزيارة القطرية، الأمر الذي كان ليؤدي إلى إراحة الحزب على مستوى بيئته وتنفيس الضغط الهائل عنه على مستوى الشارع اللبناني ككل.

أما بالنسبة للإتجاه الثاني، فكان يعوّل الحزب، على أن المساعدة الماليّة الفوريّة الخليجيّة، ستريح الوضع العام في البلاد، وخصوصاً لناحية الإنفجار الإجتماعي الشامل المُرتقب، والذي يدرك الحزب جيداً، ومن خلفه ومن معه، بأن الوضع العام أصبح دقيقاً للغاية، ما يجعلهم بأمسّ الحاجة لمساعدة من هذا النوع. من هنا اعتبر الحزب أن هذه الزيارة هي مناسبة لتسريب أجواء، سرعان ما تبيّن أنها مجرّد أضغاث أحلام، ومفادها أن هناك مساعٍ قطرية من خلال هذه الزيارة، تتجاوز الهدف القطري الواضح والمعلوم منها، وهو مجرّد التباحث في مسألة انتخابات جامعة الدول العربية المرتقبة.

وإعتبرت الأوساط، أن "حزب الله" كان يعتقد أنه لو تم طرح أي دعوة حواريّة من الجانب القطري في هذا التوقيت، لكانت ستشكل في هذه اللحظة السياسية تعارضاً مع التوجّه السعودي الذي لم يفتح أبوابه حتى اللحظة لاستقبال الرئيس المكلّف سعد الحريري، وبالتالي، ستكون هذه الدعوة بمثابة ذروة الإنقسام الخليجي حول الملف اللبناني والنظرة الخليجية لسبل الحل، وستظهر وكأن هناك طرفاً خليجياً ما، يريد رعاية الحكومة العتيدة باعتبار أن الملف السياسي المطروح كان تشكيل الحكومة، وبالتالي، أي دعوة حواريّة ستنطلق أساساً من هذا الملف تحديداً.

ولفتت الأوساط، إلى أن أي دعوة حوارية قطرية كانت لتبدّد، وانطلاقاً مما سبق، جزءاً من مخاوف طهران. وأما بالنسبة لـ"حزب الله" فكانت النتائج الصادرة على هذا الحوار ستشكّل غطاءً لدوره في لبنان خلال المرحلة المقبلة، وهو اليوم بأمسّ الحاجة لهكذا غطاء، خصوصاً بعد الكلام الأخير الصادر عن البابا فرنسيس في مسألة التوازنات. كذلك كانت نتائج هذا الحوار لو حصل، ستشكّل دعماً بطبيعة الحال للحكومة العتيدة التي يريد الحزب رعايتها وإنجاحها.

إلا أن التصريح القطري في القصر الجمهوري، بحسب الأوساط، أتى ليقطع كل آمال وأحلام اليقظة التي كان يستمتع بها "حزب الله"، وليؤكد أن قطر ليست في وارد تقديم أي دعوة حوارية، لا بل أكثر من ذلك والأهم، هو بأنها تشدّد على المفهوم الدولي الموحّد إزاء الأزمة اللبنانية لجهة ربط أي مساعدات بشكل وثيق بالإصلاحات، فلا دعم للحكومة العتيدة في حال لم تتبنَّ النهج الإصلاحي والرزمة الإصلاحية المطلوبة.

وخلصت الأوساط، إلى أن هذه الزيارة جاءت لتقضي على ما تبقى من آمال لدى "حزب الله" في انقسام خليجي ـ خليجي حول الملف اللبناني وبتقديم جزء من هذا الخليج الغطاء لوضعيته اللبنانية، حيث أتى الموقف القطري ليقطع الطريق أمامه، ويؤكد بأن التموضع الدولي، وتحديداً الخليجي، غير قابل للتغيير من دون تطبيق الشروط التي أصبحت واضحة المعالم، والتي من ضمنها وفي أولويتها انحسار دور الحزب في لبنان والمباشرة في تطبيق رزمة الإصلاحات.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
"الموس وصل عالرقبة"... على الحكومة التحرّك فورًا! 9 إنتشار عسكري "غربي" في لبنان وحشود إيرانية وروسية وصلت.. عماد رزق: بيروت ستقصف وحرب التحرير بدأت! 5 بو صعب خارج "التيّار" رسميًا! 1
بيان "هام" من الشؤون العقارية 10 في جونية... سوريّون يسرقون مخزناً للبزورات! 6 كلاب بوليسية وانتشار أمني... ماذا يجري في الضاحية؟ 2
حادثة رئاسية فضحت "الثنائي الشيعي" 11 "سوريا الثورة" تثير البلبلة في البترون! (صور) 7 إشكال وجرحى في بلدة لبنانية... ما علاقة "الزوجة الثانية"؟! (فيديو) 3
لتخفيف استعمال الدفع النقدي... بيان من مصرف لبنان 12 "عبوهن بالباصات وكبوهن بسوريا": سياسي يدعو الى التحرك سريعاً… ونسب مقلقة في السجون اللبنانية! 8 "رح نحمي بيوتنا" و"الله أكبر سوريا"... غضبٌ عارمٌ وثورة سورية قريباً في البترون! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر