Beirut
16°
|
Homepage
خطاب نصرالله وساعة الصفر... انزلاقات خطيرة
بولس عيسى | الثلاثاء 23 آذار 2021 - 4:02

"ليبانون ديبايت" - بولس عيسى

لا شك في أن خطاب الرئيس المكلّف سعد الحريري البارحة من القصر الجمهوري، شكّل قنبلة مدوّية لم يكن يتوقعها أحد، بالرغم من أن أحداً أيضاً لم يتوقّع ولادة الحكومة، إلا أن السقف الذي اعتمده الحريري والحديّة التي تكلّم بها لم تكن متوقَّعة أبداً، فوقف اللبنانيون عقب سماعهم الخطاب موقف الحائر مما ستؤول إليه الأمور متسائلين عن سبب ما حصل.

في هذا الإطار، اعتبرت أوساط سياسية مطلعة، أنه أصبح من الواضح أن خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، رسم معالم مرحلة جديدة، شعر معه العهد بأنه استقوى على الرئيس المكلّف سعد الحريري، فقرّر قلب الطاولة عليه بشكل نهائي، وقد أتت أولى مؤشّرات هذا الإستقواء تغريدة رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل المهلّلة بموقف نصرالله، إلا أن ما أقدم عليه رئيس الجمهورية ميشال عون، عبر إرساله ما عنونه بخط يده "نموذج للتعبئة" إلى الرئيس المكلّف، مرفق بنصيحة "المُستحسن تعبئته"، وهو يدرك سلفاً أن هكذا ممارسات من شأنها أن تستفز الحريري، الذي يعتبرها خارجة عن إطار الدستور واللياقات، أتى ليؤكد المؤكّد في مسألة الإستقواء".


واعتبرت الأوساط، أنه أصبح واضحاً أيضاً، أن الرئيس عون لا يريد التعاون مع الحريري من أجل الوصول إلى تأليف الحكومة العتيدة، وإنما هو ماضٍ في أسلوب "الإحراج للإخراج" الذي استهلّه منذ فترة بما أسمي "الفيديو" المُسرّب ومن بعدها حرب البيانات، فخطاب الثلاث دقائق، وصولاً إلى تمرين "إملاء الفراغ بالإسم المناسب"، الأمر الذي لا يمكن أن يُفهم سوى أن هناك من يحاول وضع الرئيس المكلّف أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الإعتذار أو الرضوخ.

ولفتت الأوساط، إلى أن الحريري ليس في وارد الرضوخ لشروط العهد، أي الرئيس عون وباسيل، باعتبار أن أي حكومة من هذا القبيل لن تختلف لا شكلاً ولا مضموناً عن الحكومة المستقيلة، حكومة الرئيس حسان دياب، وبالتالي، لن تتمكن من إنجاز ما هو مطلوب منها لناحية الإصلاحات بغية جلب المساعدات المالية المطلوبة من أجل إيقاف مسار الإنحدار العمودي الذي تسلكه البلاد اقتصادياً واجتماعياً، كما أن الحريري ليس في وارد الإعتذار، من الجهة الأخرى، انطلاقاً من المعادلة الأخيرة التي أرثاها وقوامها "الإعتذار مقابل استقالة رئيس الجمهورية".

وأكّدت الأوساط، أن البلاد دخلت مع خطاب نصرالله في أزمة ليست حكومية فقط، وإنما أزمة حكم، ومن الواضح من عدم تحديد موعد اللقاء المقبل، الـ19، ما بين الرئيس والرئيس المكلّف أن الأمور ستأخذ مساراً مختلفاً، الأمر الذي ظهرت مفاعليه مباشرةً على مستوى الأسواق المالية ومنسوب التشنّج على الأرض، خصوصاً بعد كلام الرئيس الحريري، الذي كان بمثابة ردّة فعل قوية جداً، لذا في حال لم يُستدرك سريعاً الذي حصل ما بين مساء الأمس واليوم من تجاوز من قبل رئيس الجمهورية، ولم تدخل وساطات داخلية وخارجية قوية على خط بعبدا ـ بيت الوسط، فإن التأليف سيصبح مستحيلاً، وبالتالي، البلاد ستنزلق أكثر فأكثر باتجاه الإنفجار الإجتماعي والفوضى جراء ارتفاع الدولار من جهة، وارتفاع منسوب التشنّجات الشعبية من جهة ثانية.

وأوضحت الأوساط، أنه في مطلق الأحوأل، من غير المعروف بعد ما إذا كان ما حصل هو من ضمن أجندة معدّة مسبقاً من قبل "حزب الله" ورئيس الجمهورية تتماهى مع التصعيد الإيراني الذي نشهده في المنطقة مؤخراً، وخصوصاً في اليمن، وتهدف إلى أخذ البلاد إلى سيناريو ما، غير معروف ومعلوم بعد، لأن هذا التعاطي من قبل الرئيس في ظل الإصرار على الإستفزاز ورفع السقوف عبر المطالبة بالثلث المعطّل، يدلّ على أن طرف "حزب الله" ـ العهد لا يريد حكومة، وأنه يريد شيئاً آخر بمعزل عما هي التكهّنات.

ورأت الأوساط، أن الأمور تنزلق في اتجاهات خطيرة، وقد تقصّد رئيس مجلس النواب نبيه بري النأي بنفسه عما يحصل من خلال البيان الذي صدر عن المكتب السياسي لـحركة "أمل"، الذي أكّد على طبيعة الحكومة التي يريدها، الأمر الذي يدلّ أيضاً على أن خطاب نصرالله شكّل مفصلاً ما بين مرحلتين، ونحن لم نعد اليوم في مرحلة العمل على مخرج لمسألة التأليف، وإنما أصبحنا في مرحلة بدأ فيها تطبيق أجندة معيّنة للذهاب باتجاه حكومة أمر واقع سياسية، لأن لا شيء يبرّر تصرّف الرئيس عون، سوى أن هناك أجندة من هذا النوع بدأ العمل بها من أجل توجيه رسالة إيرانية إلى الولايات المتحدة مفادها بأن لبنان وصايتها الرسمية، وأي تفاوض من شأنه أن يحصل مع لبنان يجب أن يتم عبر هذه الحكومة الممسوك قرارها من قبل ضاحية بيروت الجنوبية.

وأشارت الأوساط، إلى أنه من الممكن أن يكون خطاب نصرالله الأخير شكّل ساعة الصفر لانطلاق العمل بالأجندة الجديدة، وخصوصاً من خلال "النصيحة" التي وجّهها للرئيس المكلّف، والتي نسف عبرها مبدأ "حكومة أخصائيين مستقلين" وغلف نصيحته كعادته بغلاف لمّاع وهو "تحمّل القوى السياسية لمسؤوليتها الوطنية في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ لبنان".

وختمت الأوساط، أنه لو كان كل ما تقدّم يمكن أن يؤخذ اليوم من باب التحليل السياسي، إلا أن لا مبرّر منطقي لما حصل، والأيام المقبلة ستكون كفيلة بتبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
"الإتفاق حصل"... بو صعب سيبلغ بري بهذا الأمر! 9 مرة جديدة... الجيش الإسرائيلي يستهدف بعلبك! (فيديو) 5 طائرة تهبط في مطار بيروت وعليها عبارة "تل أبيب"! 1
"إنجاز هائل" لحزب الله... إعلام إسرائيلي يكشف! 10 رواتب القطاع العام في خطر هذا الشهر! 6 صوت قوي "يوقظ" سكان الجديدة... ماذا حصل عند "ABDO"؟! (فيديو) 2
نائب يودّع العزوبية بعد أسابيع! 11 عملية للحزب في عمق اسرائيل... صقور متفجرة تدك القاعدة العسكرية الأكبر! 7 الرواية الحقيقية لـ "إنفجار دورس"! 3
"بهدف التستر"... الأقمار الصناعية تظهر ما قامت به إيران! 12 الإثنين يوم مفصلي... هل يحمل البشرى؟! 8 أرسل صوراً لـ"القبة الحديدية"... هكذا خدعت طهران جندي إسرائيلي! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر