Beirut
16°
|
Homepage
تعويذة جنبلاط للتأليف: 6 وزراء بصفة مراقبين
عبدالله قمح | الثلاثاء 30 آذار 2021 - 3:19

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

بعد مكاشفة رئيس الجمهورية ميشال عون أمام السفراء وفي الإعلام حول خلفيات ما جرى الإثنين الفائت من "مناوشة حكومية" بينه وبين الرئيس المكلّف سعد الحريري، وبعدما أدلى الأخير بدلوه على شكل "إدلاء باعتراف" على مرأى من الجميع، وعبر الإعلام، مطلقاً العنان لما يختزنه في قلبه، هل بات يُمكن القول أن ما انطَوَت عليه الأيام المنصرمة من اعترافات تخلّلتها ضربات "تحت الحزام"، يُشكل نقطة التقاء على قاعدة أن الجميع قد قال ما عنده، والآن فتح المجال لإعادة صَهر المواقف عند نقطة استنهاض طرح حكومي بديل، ضمن معايير وركائز وأسس مختلفة؟

في الواقع نعم. فالمعلومات الواردة من القصر الجمهوري تعطي انطباعاً أن عون تجاوز ما حصل نهار الإثنين، وهو الآن في صدد منح فرصة جديدة للرئيس المكلّف كي "يصفّي النية" تجاه التأليف، وهو ينتظر منه المبادرة مجدّداً، لكن ضمن أسس واقعية يمكن أن تشكّل أسس واضحة للتأليف. بدورها، أجواء الرئيس الحريري لا تُعاكس هذا الجو إطلاقاً، وإن بدت أنها تتعاطى بحذر شديد مع ما يُنشَر. فالحريري بدوره، تجاوز ما حصل نهار الإثنين أيضاً، وهذه نقطة يُعوَّل عليها في إعادة جمع ما فرّقته المنابر والبيانات، وبالتالي، هو لا يُمانع استئناف جولة التفاوض إنطلاقاً من رؤيته لتأليف الحكومة.


في الواقع، إن مصدر التليين الذي دخل في الأيام الماضية على خط الرئيسين وأسهم في تشكيل موجة الشحنات الإيجابية الحذرة التي تُرصَد حالياً، يعود إلى دخول وساطتين، كلتاهما سياسيتين، واحدة مباشرة وقادت طرفاً حزبياً إلى الخوض في مسار لتقريب وجهات النظر كان قد عزم عليه الأسبوع الماضي تحت تأثير ما جرى الإثنين، ومسار آخر "مبادراتي" يحمل أفكاراً متنوعة لصيغة حكومية جديدة، تستأنف ما بدأ به رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط من قصر بعبدا، حين زار رئيس الجمهورية حاملاً معه اقتراحاً بتأليف حكومة من 24 وزيراً. وللحقيقة، إن ما يُقال في هذا المجال حول وجود مبادرة يقودها رئيس مجلس النواب نبيه بري لتسويق هذه الفكرة "مضخّم"، فرئيس المجلس تلقّفَ أساساً "صيغة جنبلاط"، ويحاول تسويقها وفق قواعد متساوية في التأليف، من دون أن يكون له مبادرته الخاصة. فرئيس المجلس ما زال يستقرّ ضمن نقطة الحذر ذاتها، التي تموضع داخلها قبل مدة عندما وجد أن الإستعصاء في العلاقة بين الرئيسين لا يمكن حلّه من خلال مبادرة، بل عبر سياق طويل من عمليات "التطعيم السياسي".

ومما يعد ّمفيداً وتنظر إليه أوساط سياسية في مقام إتاحة الفرصة أمام الحريري، معاودة تكرار "التيار الوطني الحر" أنه في حلٍّ من المشاركة في الحكومة في أعقاب اجتماع الهيئة السياسية الأحد الفائت، وإعلان رئيس الجمهورية أنه القائم على الحصّة المسيحية، وبالتالي، يجب حصر التفاوض حولها معه شخصياً. وهنا، ثمة من يعمل على توفير ضمانات للحريري حيال عدم تدخل الوزير جبران باسيل ـ الموضوع في قائمة الإتهام من جانب الرئيس المكلّف - في أي مفاوضات مقبلة، وهنا، لا بدّ للحريري أن يتجرّد من فكرة طلب الثقة من كتلة باسيل، طالما أنه لا الاخير حزم أمره نحو عدم المشاركة في الحكومة، وبالتالي بت يجب أن يُعدم هذه النزعة العدائية تجاه باسيل.

مع ذلك، فإن بعض المطلعين يربطون طلب الحريري أعلاه بخلفيات عدم تشجّعه لتأليف حكومة، أولاً لكونها لم تنل شفاعة السعودية. فالسفير وليد البخاري الذي جال على بعبدا والمختارة، ما زال يستثني بيت الوسط من قائمته، وقراءة هذا الموقف تبدأ من عدم توافر رغبة لدى السفير لأداء هذه الزيارة، لكي لا تُفسَّر على أنها غطاء سعودي ممنوح إلى الحريري، أو لأي تشكيلة يُمكن أن يقدّمها وقد تضم عناصر سياسية من "حزب الله"، وثانياً لأن الحريري الذي تكلّف بعدد هزيل من الأصوات يُريد التعويض من خلال تجيير المنسوب الأعلى من الثقة لحكومته.

بالعودة إلى مسار الأمور، بدا أن الحريري قد انتبهَ من خلال أكثر من تصريح أو جوّ ديبلوماسي داخلي، أن "الفيتو" الخارجي الذي كان مفروضاً على تأليف حكومة تكنو ـ سياسية لم يعد متوفراً، أو أقلّه مال إلى الواقعية على قاعدة "التفهّم"، بدليل أن الإجتماعات ذات الطابع السياسي، والتي عقدها سياسيون مع دبلوماسيين معتمدين في بيروت، دلّت على أن التشدّد الدولي أصبح محصوراً فقط ضمن نطاق وجوب ولادة حكومة سريعة، بمعزل عن تفسيراتها أو ترجمتها، ومن هنا بُنيت تصريحات ومواقف الطرف الفرنسي وما صدر عن السفيرة الأميركية في بيروت.

هذا التطوّر عكسته أوساط سياسية متابعة، أكدت أن الإجتماعين اللذين عقدهما الرئيس الحريري مع "الثنائي الشيعي" على حداً ، أي اجتماع الأسبوع الماضي الذي ضمّ إلى الحريري المعاون السياسي للأمين العام ل"حزب الله" الحاج حسين الخليل، والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي حسن خليل، والإجتماع الذي عُقد بين بري والحريري قبل أيام، حمل معطيات إيجابية، إذ شدّد في الأول على أن الحزب ما زال ملتزماً مبدأ تأليف حكومة من اختصاصيين في حال تأمّن التوافق الداخلي عليها، وقد شرح الحاج خليل بإسهاب موقف السيد نصرالله حيال حكومة سياسية "عندها كتاف"، وأن ذلك أتى في معرض إسداء النصيحة إلى الحريري، كذلك وفي الإجتماع مع بري، عرض عليه رئيس المجلس صيغة الـ 24 التي تقدّم بها جنبلاط إلى عون، ومكمن قوتها أنها تفرّغ التشكيلة من الثلث المعطّل، وتغطي أوسع تمثيل للكتل السياسية والطائفية التي رفعت لواء التهميش، وتضمّ مقعداً يمثل الأقليات إلى جانب كونها تسقط مبدأ الجمع في الحقائب.

وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن "الصيغة الجنبلاطية" رعت من حيث الشكل، مبدأ حكومة الإختصاصيين والحكومة السياسية في آن، وقد دمجت بينهما، بحيث جعلت من الصيغة الوسطى التي يُنادي بها الحريري، أي 18 وزيراً، أساساً في التشكيل على أن تُسند إليهم الحقائب، وضمّت إليها 6 وزراء آخرين من السياسيين كما يطلب "حزب الله" ويفترض أن تُسند إليهم مقاعد دون حقائب، وهؤلاء يمكن وصفهم بالمراقبين السياسيين ضمن الحكومة أو يشكلون "أكتافها". وتشترط الصيغة أن يوزّع الوزراء السياسيين الستّة على التيارات السياسية الممثلة في مجلس النواب، أي وزير لكل من: حركة "أمل"، "حزب الله"، تيار "المستقبل"، الحزب التقدمي الإشتراكي، تيار "المردة"، وبحيث أن "التيار الوطني الحر" لا يريد المشاركة، تذهب الحصة سواء لرئيس الجمهورية أو للحزب السوري القومي الإجتماعي لا فرق.

عملياً، طبخة الصيغة موضوعة على النار، ويمكن القول أن الدفع الدولي الراهن معطوفاً على الحراك الداخلي المستجدّ، يمكن أن يؤدي إلى ولادتها على شكل حكومة صريحة في حال صفاء النية.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
في جونية... سوريّون يسرقون مخزناً للبزورات! 9 الحزن يخيم على عائلة الحريري! 5 بو صعب خارج "التيّار" رسميًا! 1
"سوريا الثورة" تثير البلبلة في البترون! (صور) 10 "رح نحمي بيوتنا" و"الله أكبر سوريا"... غضبٌ عارمٌ وثورة سورية قريباً في البترون! 6 كلاب بوليسية وانتشار أمني... ماذا يجري في الضاحية؟ 2
نائب يتعرض لوعكة صحية! 11 "الرجل الطيب الودود"... الحريري ينعى زوج عمته 7 الحقيقة بشأن جريمة باسكال سليمان 3
إشتباك أميركي - سعودي.. البخاري يعلق مشاركته في الخماسية؟ 12 إنتشار عسكري "غربي" في لبنان وحشود إيرانية وروسية وصلت.. عماد رزق: بيروت ستقصف وحرب التحرير بدأت! 8 إشكال وجرحى في بلدة لبنانية... ما علاقة "الزوجة الثانية"؟! (فيديو) 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر