"ليبانون ديبايت" - وليد خوري

يستمر تهريب المواد المدعومة، وبالتحديد المحروقات، من لبنان إلى سوريا في استنزاف ما تبقى من احتياطات مصرف لبنان من العملة الصعبة، وسط تخوّف كبير من توقّف الدعم خلال المرحلة المقبلة بشكل كلّي أو جزئي، مما سينعكس بشكل خطير على الإستقرار السياسي والإجتماعي والأمني، كما يُنذر بدخول البلد إلى مرحلة، يحذّر الداخل والخارج من نتائجها الكارثية.

وفي الوقت الذي تجهد فيه السلطات السياسية والأمنية في محاولة ضبط حركة الحدود وضبط عمليات التهريب، فإن عوائق عدة تواجهها وأبرزها، النقص في التجهيزات الخاصة بهذه المهمة، والتداخل في الحدود اللبنانية مع سوريا، ولمسافات شاسعة، بالإضافة إلى آلاف الكيلومترات من الحدود الممتدة بين البلدين، وانتشار عشرات المعابر غير الشرعية، وهو ما يضفي على مهام الأجهزة الأمنية صعوبات تكاد تحولها إلى مستحيلة في بعض الأحيان، وذلك، خصوصاً بسبب اعتماد شبكات التهريب أساليب مختلفة في كل عملية يقومون بها.

والبارز على هذا الصعيد في الآونة الأخيرة، هو صدور تقرير إسرائيلي صادر عن مركز "ألما للبحوث والتعليم" ومركزه الجليل، يزعم أن "حزب الله"، يستخدم شبكة من شركات الوقود اللبنانية لتهريب الوقود بشكل غير قانوني، من لبنان إلى نظام الأسد في سوريا، وذلك في خرقٍ صريح للعقوبات الدولية على النظام السوري.

وينافي التقرير الإسرائيلي المزعوم، والذي يوجّه أصابع الإتهام إلى شركتيّ "ليكويغاز" و"كورال أويل" المملوكتين من الأشقاء الثلاثة: أوسكار وأنطونيو وإدغار يمّين، كل التحقيقات التي تجريها الأجهزة الأمنية اللبنانية وخصوصاً الجيش اللبناني، الذي يتولّى عملية ضبط الحدود وتوقيف المهرّبين.

وحصل "ليبانون ديبايت"، على كتابين صادرين عن قيادة الجيش، موجهين الى الشركتين ويتضمّنان تحقيقات مع المهرّبين الذين تم توقيفهم، ويدحضان بالكامل الرواية الإسرائيلية، كما ينفيان بشكل قاطع تورّط الأشقاء الثلاثة وشركتهم في عمليات التهريب.

وجاء في الكتابين الصادرين بتاريخ 6 آب 2020 والموجّهين الى شركتي "ليكويغاز" و "كورال أويل" ما حرفيته "أن الإجراءات المتّخذة من قبل الجيش قد حدّت وتحدّ بشكل كبير من أعمال التهريب، وخاصة تهريب المحروقات، حيث يتم توقيف الأشخاص المهرّبين ومصادرة البضاعة بالتنسيق مع القضاء المختص، ولم يثبت بالتحقيق مع المهرّبين ضلوع شركتكم بأعمال التهريب".

وبالعودة إلى التقرير الإسرائيلي الصادر عن مركز مغمور، وبعد الإطلاع الدقيق عليه، يتبيّن أنه لا يستند إلى أية معلومات ميدانية، بل إن كل المعلومات التي استند إليها، هي منقولة عن كل ما يُنشر على مواقع التواصل الإجتماعي وتطبيق "واتساب"، من فيديوهات ومعلومات، وهي مغلوطة، كما أنه لم يَرِد في التقرير أي مستند يوثّق رواية التهريب.

وفي السياق نفسه، تشير معلومات "ليبانون ديبايت"، إلى أن هناك بعض رجال الأعمال اللبنانيين، الذين ارتبطت أسماؤهم بملفات فساد في الآونة الأخيرة، وهم من الطامحين الى الإستحواذ على حصّة من سوق المحروقات بالتعاون مع بعض الجهات السياسية، ينشطون في تسويق هذه المعلومات، وقد عقدوا اجتماعاً في بلد عربي، مع جهات على ارتباط بالمركز الإسرائيلي من أجل إصدار هذا التقرير.

وبالتالي، يبدو واضحاً أنه بين التقارير المزعومة، وتحقيقات القوى الأمنية التي تبحث في "كومة قشّ" عن إبرة مهرّب، تبقى الحدود "فالتة"، فيما هناك من يحاول تجهيل الفاعل، ليحمي المجرم الحقيقي الذي يهدّد مصير شعب ودولة، ليؤمّن "انتفاخ" حسابه المصرفي في الخارج.