Beirut
16°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
بلديات
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
رياضة
صناعة الوطن
البديل السياسي في الشارع...
عبدالله قمح
|
المصدر:
ليبانون ديبايت
|
الخميس
13
أيار
2021
-
6:26
"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
سُمِعَ محيطون بالبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، يتناقلون عبارات حيال الإنتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة، وقد تناوبوا على التذكير دوماً، أن ثمة جالية لبنانية مسيحية مارونية عريضة تُقيم هناك، وتتمتّع بحقوق المواطَنة كاملة، لا بدّ أنها تتأثر بتوجيهات بكركي ومواقفها، وأي تصرف سلبي معها ينعكس بالتالي عليها، لذا يجب على القيادة الفرنسية أن تعي ذلك!
فُهِم من الكلام، أن هناك من يُدفع لرد الصاع إلى الإيليزيه، بعدما تعمّد وزير خارجيتها جان إيف لو دريان، عدم شمول "صاحب الغبطة" بالزيارة، بحيث جرى حصرها فقط ضمن نطاق "سياسي دستوري" مُعيّن، أو أن هناك من "يُشاكِس" ويرغب في إيصال رسالة "حارة" إلى باريس، من خلال اعتماد "طُرق فجّة"، تعبيراً عن امتعاض من جانب الكنيسة، ولذا كان من الضروري إعادة الهدوء إلى العلاقة. من هنا، تجنّدت السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو، لأداء المهمّة، وقد جاءت زيارتها إلى بكركي أمس لوضع حدّ للتفسيرات والتأويلات التي رافقت زيارة لو دريان، وتسجيل موقف لديها، بأن لا نية لدى فرنسا في عزل الكنيسة.
بمعزل عن ذلك، وفي تقدير بكركي الحالي، فإن فرنسا تعمل على استعادة دورها في بلاد الأرز، لذا لا بُدَّ لهما من تنسيق الخطوات، لأسباب تاريخية وحديثة على اعتبار أن الراعي يقود معركة لا تختلف من حيث الأهداف والمضامين عمّا تريده فرنسا. صحيح أن المبادرة الفرنسية التي أرادتها باريس معبراً لها نحو تصحيح العلاقة مع لبنان ووضع قدم فيه، قد "فرطت" نتيجة القنص السياسي، لكن لباريس "خطة ب". لقد انتقلت من مرحلة العمل مع السلطة القائمة إلى محاولات إنتاج بديل عنها يتلخص ببعض مجموعات الحراك "الوليدة" من خلال أداء دور الوصي عليها. وقد أوحى الإهتمام الفرنسي بها، بأن باريس جعلت من نفسها "مدير تسويق" لمُنتَج غير مضمون، اسمه "قلب النظام من الداخل" وليس عبر الشارع، أي على متن اعتماد الآليات الدستورية (الإنتخابات)، بصفتها الطريقة الأكثر قابلية للتحقيق، وهو مطلب فرنسي قديم سبق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن ألمح إليه، خلال زيارته إلى بيروت الصيف الماضي، وتجوّله في شارع مار مخايل.
وبكركي تتقاطع مع الإيليزيه في نفس المطلب. الكرسي الكنسي "كَفَر" بالطبقة السياسية ورجالاتها الذمّيين ، المسؤولين عن كافة صنوف التردّي التي تعصف بالبلاد، ولعله يكاد يكفر بالجماعات السياسية المسيحية الحالية غير القادرة، لا على إنتاج حل ولا على إنتاج بديل أو مشروع، وعلى الأعم الأغلب لـ"بكركي" مصلحةً، في إنتاج مجموعة سياسية مسيحية جديدة خارجة عن مفهوم الأحزاب والتيارات التقليدية، لتغدق دعمها عليها وتكون لها فيها سطوة. وبكركي تعي أن هذا الإحتمال قابل للتحقّق طالما أن في الشارع "معمل" تولّى ويتولّى إنتاجَ مجموعات وشخصيات ذات ثقل مسيحي متأثرة بالكنيسة وقريبة منها، تعتقد أنه، وحالما يُعمل عليها ويؤمن الدعم الكافي لها، قد تتمكن من احتلال مكانة مرموقة. وللعلم، فإن غالبية الزعامات المارونية الحالية، جرى إنتاجها من خلال الشارع، أي عبر الدعم الشعبي الذي توفرّ لها.
لكن باريس، وعلى حد ما ينقل في المحيط الداخلي، تُغامر كثيراً في هذا المجال، وهذا ينطبق على بكركي أيضاً، بحيث أن لا ضمانات لدى فرنسا للنجاح في إنتاج ما تطمح إليه، كما أنه ليس هناك من ضمانة لنجاح المجموعات التي اختارتها في تولّي هذا الدور، سيّما مع بروز حالات الإمتعاض تجاه ما حصل من "مجموعات الحراك" الأخرى، التي جرى استثناؤها من لقاء قصر الصنوبر من دون أسباب مشروعة، ممّا خلق لديها حالةً من "الحرص"، ولّدت خشية من احتمال أن يكون ثمة دور لما بات يُعرَف بين أركان الحراك بـ"ثوار فرنسا"، وتأتي على حسابهم وحساب حراكهم.
العامل الآخر الذي تسبّب بنمو، ليس الإستياء فقط، بل الإستغراب والإلتباس حيال الدور الفرنسي المُستجدّ، تعمّد القائمين على إعداد اللقاءات بين لو دريان ومجموعات الحراك، الفرز بين المجموعات على أساس مناطقي وطائفي، بحيث جرى تأمين اللقاء لمجموعات ذات امتدادات وجذور مسيحية صرف ،ولون طائفي معين ومذهب سياسي عقائدي واحد طغى على الحاضرين، وقد غلبت النقاشات باتجاه إنتاج بديل، فيما كان من حضر شبه منصاع ومتلقٍّ للإيعازات الفرنسية، في مقابل استثناء مثلاً المجموعات النشطة ضمن المكوّنات الإسلامية، واستُبدلت بحضور حزب الكتائب الذي يصنف على أنه "فريق سلطوي"، رغم خروجه عن السلطة منذ مدّة نتيجة تضارب الخيارات والمصالح ليس إلاّ. أضف إلى ذلك، أن غالبية من حضروا، لا وزن سياسي أو شعبي لهم، بل أن ثمة مجموعات تفوقهم حضوراً وعدداً وبرامجاً، والممثلون عن هذه الفرقة، يعتقدون أن وقوفهم خلف قضية الأسير في السجون الفرنسية جورج عبدالله، و طابعهم التحرّري كان الدافع الأساسي لاستثنائهم.
على الطرف الآخر، ثمة من يعتقد أن فرنسا باتت في صورة الخطأ الذي ارتكبته، سيّما وأنها قد أوكلت مهمة تشكيل وفد "قصر الصنوبر" إلى نائب فرنسي متأهل من سيدة لبنانية تبين أنها عضو مكتب سياسي في حزب الكتائب، وقد تكون أثّرت عليه، مما دفع صوب حصر الدعوات باتجاه مُحدّد. بخلاف ذلك، وكما نشطت السفيرة الفرنسية تجاه بكركي في محاولة لملمة ما حدث، ينمو اعتقاد أن السفيرة ذاتها ستعمل على تصحيح المسار الذي شاب لقاءات لو دريان، عبر انفتاح أكبر على المجموعات الأخرى، وهذا يندرج ضمن خانة المحاولات الفرنسية المتدرجة لاختراق "الحراك" وإنشاء جماعة لها فيه تُراهن عليها في إحداث تغيير تنشده.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News،
اضغط هنا