Beirut
16°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
بلديات
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
رياضة
صناعة الوطن
الحريري عاطل عن العمل
عبدالله قمح
|
الثلاثاء
18
أيار
2021
-
2:04
"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
سيطول غياب رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري عن بيروت، وعلى الأرجح، سيدوم ذلك إلى حين انقضاء العاصفة العقابية المتوقّع أن تهبّ على أقطاب السياسة في لبنان قريباً، فتنقشع الرؤية الحكومية، وعندها قد يُبنى على الشيء مقتضاه!
ثمة رأي داخلي يقف خلفه منظّرون سياسيون من قماشات مختلفة، خلص إلى الإعتبار أن تأليف الحكومة بات يخضع لمعايير غير لبنانية ولخاصّية التموضع ضمن منطقة الإنتظار. وباعتقاد هذا الجانب، يُعدّ ذلك أخفّ ثمناً من الإقدام على إنتاج حل في ظل الوضع الراهن. وهذا الرأي ينطلق من وجهة نظر مفادها انتظار مدى حقيقة أو احتمالات فرض عقوبات أوروبية آحادية، قد تُقدم عليها دول معينة على غرار الخطوة الفرنسية المتوقّعة، لمعرفة خلفياتها والشخصيات أو الكيانات التي ستستهدفها، ومن ثم البناء عليها لاحقاً. فمن المُحال أن يتم إنتاج وتأليف حكومة تضمّ بين أركانها شخصيات أو كيانات مُعاقبة، وهو ما سيحول دون التزام تلك الدول بالحكومة العتيدة ومسار المساعدات الموعود، وستجد أن وجود شخصيات أو كيانات معاقبة ضمن التركيبة الحكومية سيعقّد المشهد، وبالتالي، سيحول دون وصول المساعدة، وسنبقى ندور في الحلقة المفرغة ذاتها. عند هذه القاعدة، طارت إحتمالات التأليف إلى موعد يُحدّد لاحقاً!
عملياً، أقفلت عطلة عيد الفطر، والرئيس الحريري المسؤول الأوّل عن التكليف، لم يعد إلى الديار من إجازته التي يقضيها في الإمارات العربية المتحدة. أوساطه، وحين يتم استفسارها حول الموعد المتوقّع للعودة، تُشتّت الإجابة وتوحي بأن الحريري لديه "جدول أعمال خارجي" حين يتمّ الفراغ منه يعود، من دون أن تقدّم أية إشارة تذكر حول "جدول الأعمال" المزعوم.
وسط ذلك، نشأت معلومات أخرى، مفادها أن الحريري سيبقي على "اعتكافه" غير المعلن مفعلّاً حتى تنضج ظروف التأليف، وهذا يتقاطع مع المعلومات أعلاه، والتي تُفيد بأن تأليف الحكومة بلغ مستوى من التعقيد، جعله شبه مستحيل وبعيد المنال. وذلك، يعني أن الحريري غضّ النظر عن تهديدات الإعتذار، إذ يتّضح أنها استُخدمت فقط لغرض المناورة السياسية إبّان زيارة وزير خارجية فرنسا جان إيف لو دريان، وإيصال رسالة امتعاض إلى باريس.
وبالأمس، استرعى الإنتباه ترويج مصادر معيّنة لأنباء تُفيد أن الحريري في صدد زيارة باريس في طريق عودته إلى بيروت. معلومات لم تؤكدها أو تنفها مصادر مطلعة، لكن، وفي حال حصولها، وضعتها في إطار تصحيح العلاقة مع العاصمة الفرنسية بعدما اعترتها شوائب، وتعرضت لانتكاسة غير مسبوقة في أعقاب زيارة لو دريان، وكادت أن تنفجر حين اُلمِحَ إلى إدراج الحريري، على قائمة معرقلي التأليف، ما جعله مرشحاً طبيعياً للإدراج على قائمة العقوبات الفرنسية المرجّحة، وفتح شهية "المستقبليين" للإنقضاض على الاليزيه، وهو ما ألحق "تشويهاً" بعلاقات الحريري الباريسية.
عملياً، ما زال ملف تأليف الحكومة عالقاً في بركة من الرمال المتحرّكة الجاهزة لابتلاع كل داخل عليها، ما يؤهّل، ليس فقط إلى انفراط مشروع أي وساطة تقريب وجهات نظر باكراً، بل لجوء الوسطاء المعنيين من قماشة أقطاب ومراجع ورجال أمن، للنأي بأنفسهم عن الخوض في الرمال والإبتعاد عن البركة قدر ما يمكن، وبالتالي، ترك القضية إلى حين تنضج ظروفها، ويمكن بعدها تعطيل قدرة "بركة الرمال" على العمل.
في المقابل، ما زال فريق سياسي عند قناعته بوجوب الإنتظار وعدم الخوض في أي محاولة الآن، لأن مصيرها الفشل، نتيجة تعقّد الأمور داخلياً وعدم نضوج الظروف الخارجية، مع الملاحظة أن اهتمامات الساسة الكبار، تتجاوز قضية تأليف حكومة وسط انتظار بوادر انفراجات إقليمية، سيّما بعدما تعقّد الأمور داخل فلسطين المحتلة. على المقلب الآخر، ثمة فريقاً سياسياً، يتألف من "الثنائي الشيعي" والحزب التقدمي الاشتراكي، يردّد بوجوب عدم الإنتظار، واستغلال المساحة المتوفّرة حالياً من أجل تمكين المناقشات واستخراج الحكومة في ظل حالات الإنشغال التي تعصف بالمنطقة. ويرون أن التوقيت الحالي هو الفرصة المثالية للحريري كما لرئيس الجمهورية ميشال عون لإنتاج حكومة "مُتّفق عليها وقادرة"، قبل أن تفرض المتغيّرات نفسها، وعندها يصبح من الصعب إنتاج حكومة، ويصبح لا بدّ من انتظار نتائج التطوّرات، تماماً كما حصل مؤخراً، في ظل حفلات المفاوضات التي افتتحت بين أكثر من دولة إقليمية ودولية متناحرة، وأدّت لبنانياً إلى تجميد المشاورات الحكومية إلى الحدّ الذي بلغته الآن.
لكن المشكلة تبقى في تخريجة التسوية المتوقّعة. صحيح أن النائب السابق وليد جنبلاط يعمل عليها ويدفع إليها بكل ما أُوتي من قوة على قاعدة "استلحاق الذات"، لكنه في المقابل، يواجه أكثر من جدار صلب، أولّها ولعلّ "أسمكها"، يأتي من ناحية بيت الوسط الذي ما زال متحفظاً على إعلان موقف صريح، من مبدأ التسوية القائمة على فكرة تأليف حكومة من 24 وزيراً، على قاعدة توزيع تقوم على 8/8/8 من دون ثلث معطّل لأي فريق. في هذه النقطة، يعتبر الحريري أن جنبلاط تخلّى عنه ونسجَ تسوية مع عون من خارج التفاهم الثنائي مع الرئيس المُكلّف، ما أرخى "سخونة" في العلاقة بين بيت الوسط وكليمنصو بعدما وصلت إلى الأخيرة تردّدات مواقف الحريري السلبية. بالإضافة إلى ذلك، جنبلاط منقطع عن التواصل مع الحريري، وهذا انسحبَ على العيد وآخر لقاء بينهما حصل قبل 3 أشهر، ما يدلّ على توتّر العلاقة بينهما، وهي أسباب تعرقل "المسعى الجنبلاطي".
المصدر الثاني يأتي من قطاع بعبدا ـ ميرنا الشالوحي. فصحيح أن جنبلاط تفاهم على صيغة الـ24 مع رئيس الجمهورية، ما أعطاها صفة "صُنع في بعبدا"، لكن القصر اشترطَ من أجل السير بها أن تنال موافقة حريرية علنيّة، وصعوبة الحصول على إقرار من الحريري جعل القصر متريثاً. كذلك أدى ب "التيار الوطني الحرّ" إلى ربط اعترافه بالصيغة بموقف الحريري منها، وهو ما أزعجَ جنبلاط أولاً، وأدّى بحراك رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي دخل على خط "تسويق المبادرة" ثانياً إلى الإحتراق، وما لبث أن انسحب بري، وأعطى الإيعاز لـ"المجلس السياسي لحركة أمل" ، للإنقضاض على قائمة مرفوعة من قبل عين التينة، تُشير إلى المعرقلين بالإسم.
في الواقع، قد يتفهّم كلّ من بري وجنبلاط ومن خلفهما "حزب الله"، دقّة موقف الحريري وحرجه حيال التسوية الـ"جنبلاطية المنشأ"، وتريّثه وعدم إقدامه على ابتداع حلّ. لكن ما لا يمكن تفهّمه هو "ركّ" الحريري على الجولات الدولية، التي لا تأتي بأي فائدة تُذكر، ومحاولته الدائمة استعطاف الخارج على ظهر الداخل (بدل أن تكون المسألة بالمقلوب) من دون أن يصل إلى نتيجة، ما يؤدّي عملياً إلى إحراقه وإغراقه أكثر وأكثر في مستنقع من الفشل السياسي الذي سيرتدّ عليه أولاً، وقد يجعله ضحية رهانات فاشلة ستأكل، حين بلوغ الساعة، من رصيده السنّي، وتحولّه إلى رجل سياسي "عاطل عن العمل" في ظل الشهيات المفتوحة من حوله.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان،
اضغط هنا