"ليبانون ديبايت" - علي الحسيني

لا تزال العراقيل على حالها في ما يتعلّق بموضوع تأليف الحكومة، على الرغم من مضي أكثر من ثمانية أشهر على تكليف الرئيس سعد الحريري مهمّة التشكيل. وعلى الرغم من التكهنّات أو المعطيات التي جعلت البعض يتحدث عن حسم حكومي خلال الأسبوع الحالي سواء بالإيجاب أو السلب، إلّا أن الأجواء السياسية توحي بإمكانية تمديد مسألة الحسم لفترة أسبوعين على الأقل، بانتظار أن تتبلور الأفكار المطروحة بين "عين التينة" و"بيت الوسط". وحتّى في حال قرّر الرئيس الحريري زيارة قصر "بعبدا" لتسليم رئيس البلاد ميشال عون، لائحة جديدة أو متجدّدة، فإن الأمور لن تقف عند هذا الحد، وبالتالي، ستكون هناك فترة زمنية إضافية كتعويض عن الوقت بدل الضائع.

حسب الأجواء السياسية التي يتناقلها زوّار الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري، فإن الملف الحكومي لم يحرز أي تقدّم حتّى الآن، سوى أن أجواء التفاؤل عادت لتفرض نفسها مُجدّداً، لأسباب تتعلّق بإحساس بعض المسؤولين بالمسؤولية تجاه مصير البلد، خصوصاً بعد الأحداث الأخيرة التي حصلت في طرابلس، بالإضافة إلى التفلّت القضائي والسياسي في قضية تفجير المرفأ وما صحبها من بازارات وصلت إلى حدّ الإتهامات بالكيدية السياسية والتلويح بالعصيان لجهة تلبية الإستدعاءات القضائية حتّى داخل أهل الحلف السياسي الواحد.

ما يجري اليوم على الصعيدين السياسي والأمني، يؤكد مُجدّداً أن لبنان مُقبل على مُتغيّرات في الفترة المُقبلة إلا في حال تدارك المسؤولون خطورة المرحلة مع ما تتطلّبها من تليين في المواقف، لا سيّما المتعلّقة بموضوع التأليف الذي منه تنطلق بقيّة المسائل العالقة في في لبنان، أبرزها النزاعات السياسية التي أوصلت الأوضاع إلى ما هي اليوم عليه، والتي تمثّلت خطورتها بما كانت شهدته بعض شوارع طرابلس الأسبوع الماضي، والتي تداركها الجيش بحنكته من بوابة الخدمات الإجتماعية.

هذه الخطورة اليوم، تستدعي من المسؤولين على الفور، الوصول إلى نقطة ينطلقون منها نحو الإتفاق حول شكل الحكومة ولونها. وفي هذا المجال، تُشير مصادر مُقرّبة من "حزب الله" إلى أن عودة الحريري إلى البلاد بالإضافة إلى الليونة التي أبداها رئيس "التيّار الوطني الحر" النائب جبران باسيل إزاء عملية التشكيل، كانا سببان أساسيّان لعودة التفاؤل النسبي في ملف التأليف.

وأضافت المصادر نفسها، أنه خلال المفاوضات بين "الحزب" وباسيل طيلة الفترة الماضية، وصل الأخير إلى مكان طلب فيه حلّ مسألة تسمية الوزيرين المسيحيين مُقابل إعادة النظر في موضوع "الثقة". لكن هذا الأمر لا يُمكن التعويل عليه لجهة التأكيد بأن الحكومة سوف تتألّف قريباً.

أمّا حول مُساهمة "حزب الله" في تقريب وجهات النظر أو الوصول إلى نقطة يُمكن الإنطلاق منها، ترى المصادر أن الحزب ساهم لجهة ترك الأبواب مفتوحة مع باسيل لتذليل العُقد، بالإضافة إلى تشجيع الحزب للإتصالات التي ظلّت قائمة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والحريري، والتي لعبت دوراً مهماً في مسألة عدم اعتذار الحريري.

أمّا من جهة تيّار "المستقبل"، يؤكد مستشار الرئيس الحريري النائب السابق مصطفى علوش ل"ليبانون ديبايت"، أن هناك حراكاً مُشتركاً بين بري والحريري لكن لا يُمكن التكهّن إلى أين سيوصل، خصوصاً في ظل المواقف التي يتحصّن خلفها رئيس الجمهورية وفريقه السياسي بالنسبة لما يتعلّق بمسألة الثلث المُعطّل.

وبحسب علوش، فإن التفاصيل التي تُبحث بين عين التينة وبيت الوسط تبقى سريّة ومن غير المعروف إلى أين ستؤدي. أمّا بخصوص زيارة الحريري المُرتقبة إلى قصر بعبدا، فتبقى بحسب علوش ضمن "التوقّعات"، لأن هذه الأمور هي رهن ما يراه الحريري مناسباً لملف التأليف بالدرجة الأولى. وبحسب علوش، فإن المرحلة الآن تتمثّل بالسعي إلى إقناع رئيس الجمهورية بالحلّ من دون الثلث المُعطّل، أمّا موضوع الإعتذار، فهذا الأمر لم يحن وقته بعد.