"ليبانون ديبايت" - فادي عيد

أكد مصدر كنسي رفيع، في إطار قراءته للإحتفال الذي حصل بالأمس في بكركي، بأن هذا اللقاء، شكّل تأكيداً على العلاقة بين بكركي والمملكة العربية السعودية، وهي رسالة قوية بأن الصرح البطريركي هو مع كل دولة تحترم سيادة لبنان واستقلاله، ولا تتدخّل بشؤونه، وتحترم التوازنات الداخلية فيه، ولا تعمل لتغليب فئة على أخرى، مع العلم أن هذه المقاربة، قد أتت في جوهر كلام البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، حيث بات من شبه المؤكد أن ما حصل بالأمس في بكركي، قد تطايرت منه أكثر من رسالة في أكثر من اتجاه، وبرأي المصدر نفسه، فإن الرسالة الأولى هي داخلية، ومن طبيعة مسيحية، وهي أن المسيحيين هم مع المملكة العربية السعودية التي تحترم استقلال لبنان، وضد إيران التي تنتهك استقلال لبنان.

أما الرسالة الثانية، فهي موجّهة إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، على خلفية علاقته مع "حزب الله" ومع إيران. فيما الرسالة الثالثة، فقد أتت من بكركي باتجاه إيران، ومفادها بأن العلاقة مع لبنان ليست علاقة سويّة، وبأنه على إيران أن تحذو حذو المملكة بعلاقاتها مع لبنان.

وفي السياق نفسه، تحدّث المصدر عن رسالة بارزة أرادت بكركي توجيهها من الصرح باتجاه الخارج بمجمله، تؤكد فيها للجميع أهمية الروابط التي تجمع لبنان بأشقائه العرب، إذ أن لبنان، وفق ما جاء في الدستور، هو جزء لا يتجزّأ من العالم العربي، وهو عربي الهوية والتوجّه، وبالتالي، فإن هذا الواقع يعزّز فكرة أن لبنان هو بلد عربي، ولا يمكن لأي طرف دولي أو إقليمي ومهما علا شأنه، أن يستفرده، كونه جزءاً أساسياً من هذه المنظومة العربية.

ومقابل رسائل بكركي هذه، تحدّث المصدر الكنسي نفسه، عن رسائل وجهّها أيضاً السفير السعودي الدكتور وليد البخاري في كلمته خلال الإحتفال، ومن الصرح البطريركي، في أكثر من اتجاه:

ـ رسالة تلاقي مع الكرسي الرسولي في الفاتيكان، حيث صودف أن لقاء بكركي أتى على مسافة أيام معدودة من لقاء الفاتيكان من أجل لبنان، وبالتالي، فإن الرسالة السعودية الأولى، هي رسالة تقاطع وتلاقي بين الرياض والفاتيكان، وهي بمثابة مدّ اليد من قبل المملكة باتجاه الفاتيكان.

ـ رسالة بالغة الوضوح من قبل السفير السعودي إلى المسيحيين جميعاً، بأن الدول العربية والمملكة العربية السعودية، تحترم سيادة لبنان، وحريصة على العيش المشترك، وحريصة أيضاً على الدور المسيحي فيه، وذلك ضمن خط تاريخي لم يتغيّر منذ استقلال لبنان.

ـ رسالة مباشرة إلى الصرح البطريركي من المملكة، تؤكد على عمق العلاقات التي تربطها به، وأن هذا النوع من العلاقات تنشده المملكة العربية السعودية، والتي لا تريد إلا أن يكون لبنان سيداً حرّاً مستقلاً، وذلك، بعيداً عن أي تدخل خارجي، علماً أنه انطلاقاً من هذا التوجّه على مدى الحقبات الماضية، سعت المملكة، ومن خلال اتفاق الطائف إلى إنهاء الحرب اللبنانية، ولم تتدخّل إطلاقاً لصالح فريق لبناني ضد الآخر، إنما كان كل همّها أن تقف إلى جانب لبنان وإلى جانب جميع اللبنانيين من دون استثناء.

وتحدّث المصدر الكنسي نفسه، عن رسالة أراد السفير السعودي أن يوجّهها إلى المجتمع الدولي، بأن المملكة معنية بالقضية اللبنانية، وبأنها لن تسمح بأن يكون لبنان لقمة سائغة في أية مفاوضات أو أية تسويات قد تحصل على حساب هذا البلد.