المحلية

الثلاثاء 14 أيلول 2021 - 06:31

ملف الترسيم في متناول نصرالله

ملف الترسيم في متناول نصرالله

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

من الواضح أن ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الإسرائيلي طوي، وعلى ما يبدو، إن فترة خروجه عن دوائر الإهتمام ستطول ما دام "الراعي" الأميركي بات يشغل نفسه بقضايا يجدها أكثر إلحاحاً، كحال افتتاحه معركة مقارعة "حزب الله" وإيران بسلاح النفط على طول الجغرافيا اللبنانية.

أحياناً، يمكن للبعض أن يقول أن ما احتوت عليه "بلوكات" اليابسة من محروقات تمّ اكتشافها بمداهمات أمنية يفوق تلك التي قد يُعثر عليها في البحر. آخرون يعتقدون أنه بات في الإمكان وضع اليد على "بلوكات اليابسة" بينما "بلوكات الماء" محروسة بـ"رصد" لا يقو أحد على الإقتراب منها. في الواقع، إن الوصول إلى محروقات ما تحت اليابسة بات نظرياً أسهل من وضع اليد على "نفط البحر".

يُسأل عن ذلك أولاً ليس طرف خارجي، إنما داخلي اشتغل طوال المرحلة الماضية على محاولة عرقلة الحلول في البحر، وعلى مدى فترات طويلة مارس ضغوطاً من أجل "تطيير" أي احتمال لتوحيد مبدأ حقوق لبنان البحرية رسمياً، و "عكّر" صفو القضية ووضعها في بازار الإستفادة المصلحية/السياسية.

الآن، وبموازاة زيارة وفد لجنة شؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي إلى لبنان قبل أكثر من أسبوع، خُيّل للبعض أن موضوع "الترسيم" سيكون بنداً على جدول الأعمال، عملاً بقاعدة يُزعم صوابيتها وتدّعي أن "واشنطن" مهتمة إلى درجة ما بإنجاز هذا الملف، وهي ولأجل ذلك، كانت ترصد له حيّزاً على جدول اهتمامات فريقها، ليتبيّن العكس. الوفد الذي احتوى بين أضلعه على عناصر منحازة إلى أقصى اليمين السياسي الأميركي، وضع الملف جانباً ولم يتطرق إليه على الإطلاق في أي لقاء رسمي جمعه بأي مرجع أو مسؤول رسمي لبناني ولو على سبيل الإشارة. وبخلاف ذلك، كان البحث منحصراً في سبل مساعدة لبنان، والتركيز كان بالتحديد على الحصول على "تسهيلات" تتيح للبنان استقدام الغاز من مصر والكهرباء من الأردن ، ولاحقاً أُدرجت المحروقات في ضمن خانة المساعدة ربطاً بعروض الرد على السفن الإيرانية، وهو ما عنى عملياً تخلياً "وقتياً" عن طرح استخراج لبنان لثرواته في عرض البحر. وما فُهم دلّ على أن الأميركي "غير مستعجل" على أمر الترسيم وفي ذلك إصابة لفريق معني يُجزم بدور سلبي يؤديه الأميركي في الملف الذي "يتركنا نستوي حتى نأتي إليه "خالصين"، فتعود طاولة الناقورة ولكن وفق أسس مختلفة تُراعي التنازلات اللبنانية".

ثمن من يناقض هذه الفكرة، ويفصل بين "استثناء" السماح للبنان باستجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن عن طريق سوريا وبين ملف الترسيم، فكلا الملفين له تفاصيله الخاصة، لكن دون أدنى شك ثمة تأثيرات ولو طفيفة على مجريات الأمور. ويبدو أن الإدارة الأميركية الحالية غير مهتمة كثيراً بالملفات اللبنانية الداهمة بل تجد أنه من الأفضل تركها لوقتها وابداء الاهتمام بالملفات الأخرى.

عملياً، الإسرائيلي غير مستعجل على أمره ما دام أن الجانب السياسي اللبناني أتاح له التنقيب في عرض البحر، أي في حقوقنا، بحرية تامة ومن دون "إزعاج قانوني" طالما أننا لم نحسبها بعد مناطق متنازع عليها عبر المرسوم 6433 الذي كان يجدر تعديله وإيداعه الأمم المتحدة، لذا على ماذا يستعجل الإسرائيلي؟

منذ فترة ليست ببعيدة، يسود الجمود الملف على نحو لافت جعل من القائمين عليه يصيبهم "الملل"، باستثناء بعض الحركشات التي كان يتولى تأديتها وزير سابق يوصف بالمحرتق أو المخرّب ويستوطن مركزاً لدى عالية القوم يستخدمه في الذمّ بأعضاء الوفد المفاوض ومشروعهم وطروحاتهم. ومن زاوية أخرى يُرصد منذ فترة قصيرة أن المذكور يجهّز نفسه لإتمام مهمة أو "استدارة" ما، في ظلّ حالة التراخي التي تسود ومستفيداً منها، سيّما بعدما انتقل البعض نحو تعمّد تركيز الإهتمام إلى الشقّ السوري في ظل الحديث عن ضرورات الجلوس مع السوريين إلى طاولة واحدة ما دام أن الموانع السياسية الحائلة دون ذلك قد سقطت، وبالتالي مناقشة السوريين بالخطوط والحقوق، سيما وأنهم لم يودعوا بعد حدودهم البحرية لدى الأمم المتحدة.

الآن، ما جاء على ألسنة بعض أعضاء وفد الكونغرس الأميركي الذي زار لبنان مؤخراً جاء مناقضاً إلى حدٍ ما على ما ساد. بعضهم عبّر عن رغبته في وضع الجيش اللبناني بمواجهة "حزب الله". وبعضهم الآخر يعتبر أن الحزب سرطان يجب استئصاله، وبالتالي فإن كل المواقف صبّت في اتجاه الإهتمام بقضية "حزب الله" ليس إلاّ. الآن، هل ينفذ الحزب استدارة من جهة البحر، بمعنى التوجه صوب البلوكات النفطية جنوباً كمثل توجّهه النفطي شرقاً ونجاحه باستدراج تنازلات أميركية تقنية على مستوى الطاقة؟

عملياً، "حزب الله" يقدر. يمتلك قوة المنطق والموقف والسلاح، والمقدرة والتقنيات ما دام أن الجمهورية الإسلامية خلفه، ويظهر أنه لن يحتاج إلى قرار لبناني بإتاحة التنقيب متى كان هذا القرار أسير الرغبة الأميركية. بالنتيجة، إن قرّر الحزب ، فلا شيء سيمنعه، حتى إسرائيل، فهل يستخدم السيّد حسن نصرالله (سبق وأشار إلى استعداده لاستقدام شركة إيرانية للتنقيب) في مجال التهديد لاستدراج تنازلات حيال ملف الترسيم من الجانب الأميركي؟ للبحث صلة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة