Beirut
16°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
بلديات
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
رياضة
صناعة الوطن
"الثورة" تخرج من الشارع… إستثمار الأزمة!
عبدالله قمح
|
المصدر:
ليبانون ديبايت
|
الجمعة
17
أيلول
2021
-
12:29
"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
عند حلول اللحظة الساخنة، قرّر "جماعة الثورة" الإنكفاء عن الشارع واستبداله بتنفيذ هجمةٍ شرسة على اللوحات الإعلانية التابعة للشركات الخاصة! هنا، اختلفت معايير أصحاب مذهب التغيير. باتت "الميديا" تحظى بالأولوية، وأصبح "روّاد الشارع" مجرّد عنوان، وحراكهم يقتصر على حالة جامدة تمثلها الصور أو العبارات، وهو الجمود الذي لا تُبتغى منه أية نتيجة، بشاهدة التجارب السابقة وعدم نجاح "الحملات" بتأمين تأثيرٍ ولو بنسبة 1% على الجماهير!
إذاً، ترك هؤلاء العجل ليفلت على أمه وذهبوا ليحصوا النتائج! وهنا تتولّد فكرة أن الإنكفاء عن الشارع يُعدّ عملاً مقصوداً، لا صلة له بضحالة القدرة على الحشد فحسب تبعاً لعدم وضوح صورة التغيير لدى تلك الجماعات و هشاشة خطابها السياسي أو بسبب حساسية جماعات موجودة في البلاد منهم، إنما على نيّة توظيف نتائج الأزمة المترتّبة عن الحصار وأمور أخرى ذات صلة، في بازار سياسي واضح.
على أي حال ، نحن هنا أمام نظرية مؤامرة . ولو أن ثمة من يثير هذا المصطلح حساسيةً لديه. لكن تبعاً للوقائع، يتبيّن من وراء عدم بذل الجهد في سبيل مدّ الشارع بزخم تظاهراتي قوي ومطلوب، أنه ينمّ عن رغبة جامحة في استثمار الإنهيار في خدمة المشروع السياسي بعيد المدى لبعض جماعات الإعتراض التي تطرح نفسها كبدائل سياسية. وهؤلاء، أو من يتولون التفكير عنهم، يعتقدون أنه وكلما بلغ الإنهيار مستوىً أعمق كلما زادت نسبة "التغوّل" عند الناس وبالتالي فقدانهم الثقة بالطبقة الحاكمة. وطالما أن ثمة جماعات تطرح نفسها كخيارات بديلة محتملة، إذاً قد يجيدون استقطاب تلك الشرائح الغاضبة. وبهذا المعنى، يُصبح مردود الأزمة على تلك الجماعات من الناحية السياسية إيجابياً، ويمثل قدرةً تفوق نتائجها كل الحملات الإنتخابية مثلاً. فلماذا التظاهر ضد منظومة تدرّ الفوائد، ولماذا العمل على كبح الإنهيار؟
وللحقيقة، إن السياق العملاني في الميدان أظهر واقعية و صوابية هذا التحليل، بدليل أن بعض الجماعات النّشطة ضمن حقل "الحراك المدني"، كانت تدفع دائماً صوب إتمام تحركات على الأرض تحت تأثير ما يترتب عن إنهيار الليرة أمام الدولار أو فقدان المحروقات ، الخبز ، وما شاكل .. لكن دائماً ما تصطدم بطروحات ونظريات مختلفة تقف خلفها عادةً المجموعات التي يظنّ البعض أن لها صلة ببعض الجهات الغربية ومن أصحاب نظريات الإقلاع عن الشارع في هذا الوقت، إلى حدّ أنهم لم يقتنعوا مثلاً بعدم القدرة على الإستقطاب، أو التذرّع باستغلال السلطة للتحركات لإحداث "توترات أمنية" ذات مردود سيء، أو خشيتها من إحداث فوضى على أبواب الإنتخابات. وقد حسبت بعض المجموعات، أن السرّ في النتيجة يكمن بآخر فقرة من الجملة، إذ أن بعض المجموعات باتت تُراهن على إحداث تغيير عبر الصناديق لا من خلال الشارع.
لكن وعملاً بقضية المعارضة، من الضروري دوماً أن يتمّ حقن أي مشروع سياسي تغييري، نفحات شعبية على شكل تحركات على الأرض، لإبقاء المدّ الحيوي عاصفاً وفاعلاً لدى الجماهير، ما يدفعها مثلاً إلى إنشاد التغيير في الصناديق لاحقاً واستخدام تلك الفئات كعامل ضغط. هذه النظرية الصحيحة ترفضها تلك المجموعات إطلاقاً، ولا يبدو أنها تُراهن على "حماسة شعبية مطلوبة" لأخذ الناس إلى الصناديق وفق نسبةٍ عالية من الغضب. إن صحّ ذلك، فعلى ماذا تُراهن؟
عملياً، تبدو تلك المجموعات تتقاطع مع التوجه الأميركي – الفرنسي مثلاً وعلى نحوٍ فاقع. فالطرفان الغربيان درسا سابقاً خياراتهما، وتوصلا إلى قناعة مفادها أن مشروع "المدّ الشعبي" في الساحات، لن يودي إلى منفعة سياسية في ظل تشابك كتلة المصالح المتشعبة والمتراصة ضمن أعضاء المنظومة، وبالتالي كان الرهان على تهيئة ظروف الإعتراض قبُيل الإنتخابات النيابية، مما سيؤدي إلى تدفق الناس للتصويت في الصناديق على نحوٍ مختلف وتبعاً للأزمة. هنا، لا جدل في أن تلك الدول على الأقل، تراهن على استثمار نوعي في الأزمة والحصار من أجل إحداث تغيير على المستوى السياسي.
الجانب الأميركي مثلاً، يعتقد أنه وكلما بلغت الأزمة "المفتعلة" مستوى أرفع عبر تشديد منطق الحصار على الداخل اللبناني، كلما كان تأمين الإستثمار السياسي أفضل. وفي اعتقادهم، أن تشديد رزم الضغط قد يؤسّس إلى نتائج مختلفة في الصناديق. لهذا بالغ الأميركي طيلة الفترة الماضية في تشديد الضغط، قبل أن يكتشف مؤخراً وخلال ولاية الرئيس جو بايدن، أن النتائج على الأرض ترتدّ سلباً على حلفاء واشنطن، وأن "حزب الله" المُستهدف بعملية "تقليم الأظافر" ، لا يتراجع شعبياً إنما ينجح في مد بيئته بالضروريات، والأجزاء التي يغلب عليها التراجع تتمركز في مناطق وقطاعات تُحسب في السياسة على "الكتلة الغربية". لذلك قدّر البعض أن توجّه واشنطن صوب التخفيف و التنفيس ولو بشكل محدود، تبتغي من ورائه تحسين ظروف جماعتها أولاً، والتراجع عن منطق الضغط العالي خشيةً من انعكاساته على المديين المتوسط والطويل ثانياً.
تلك المجموعات ليست ببعيدة عن هذا الجو. عملياً، ثمة إقرار لدى جانب سياسي وازن، من أنها أنجزت إتفاقاً شاملاً، أقلّه مع واشنطن وباريس حيال طبيعة المشاركة الإنتخابية المقبلة، وربما أقنعت العاصمتين، باحتمال تمكّنها من إحداث خروقات على مستوى التمثيل الشعبي وإيصال نواب مختلفين، ولعلّ الإستهداف الأبلغ هو للبيئة الشيعية شديدة التحصين.
في الواقع، تأمل تلك المجموعات بدخول المجلس، أقلّه من خلال كتلة سياسية وازنة يكون لها صوت راجح في المجلس النيابي وفي مسار تكليف رؤساء الحكومات وتأليف الحكومات والإستحقاقات المستقبلية وربما الوصول حتى إلى مجلس الوزراء، وتدعمهم بعض الدول + رجال أعمال لبنانيين من المشهود لهم بالـ"فتّ" على أحزاب السلطة في الأزمنة الغابرة.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان،
اضغط هنا