Beirut
16°
|
Homepage
هدوء في قراءَة خطاب حزب الله!
روني الفا | المصدر: ليبانون ديبايت | الجمعة 27 أيار 2022 - 9:24

"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

دعوَة حزب الله للحوار على لسان إمينه العام مساء الأربعاء أثارَت جَدلًا حيثُ لَم يَكُن هناكَ لزومٌ لِجَدَل. الخِطاب ملتَزِم أوّلًا ببديهيّات البُعد التوافقي لديمقراطيّتِنا. يكتسبُ أهميَّة إستثنائيَّة لا لسبب إلا لأنّه صيغَ في أكثَر الحقبات مِنعَةً وقوّة للمقاومة. أن يطرَح حزب الله الحوار حول المشتركات في عزّ جهوزيّتِه هو أن يعلِن أوَّلًا أنَّ سلاحَه ليسَ موجّهًا إلى شريكِه وأن يعلنَ ثانيًا أنَّ حوارَه معه مبني على قيمَتَين: الإنفتاح أوَّلًا على كل الملفات بإستثناء التنازل عن السيادة الوطنيَّة والقبول ثانيًا بطروحات متنوعة قد لا تتماهى مع طروحاتِه وبالتالي معالجتها بإيجاد المشتركات.

عندما تلتقي كتل سياسية من خلفيات متعددة لا بل متنافرة أحيانًا لتنظّم خلافاتها تحت قبّة البرلمان تكون في حالة إنجاز قيمة فريدة في ديمقراطيتنا التوافقية: منطق التشاور وإيجاد مشتركات. إشاعَة هذا المناخ لا يؤدي إلى تهدئة الخواطر وتبريد الإنفعالات فحسب بل يَعِد بإمكانيَّة جديَّة لتحقيق الإصلاحات المنشودَة. إلغاء هذه الدّرب التي بادر حزب الله بتعبيدِها لا ينبئ سوى مزيد من الحواجز والعوائق أينَ منها بلوكات الإسمَنت الغليظة التي باشَرَت الدولة برفعها من محيط مجلس النواب. مدّ الجسور هو ما يحتاجه لبنان في عزّ أزمته الوجوديَّة لا رفع الجدران.


ديمقراطيَّة المقاومة هي ديمقراطيَّة توافق. القرارات وفقها لا تؤخذ كما في ديمقراطيَّة الأكثريَّة أو ديمقراطيَّة التنافس أي على قاعدة الأكثريَّة تحكم والأقليَّة تعارِض. تُبنَى على البحث الدؤوب والصادق عن تفاهمات وتسويات تحظى بأكبر قدر من الدعم والتأييد بين مكوّنات المجلس النيابي. من هذا المنطلق لا يمكن تصوّر الحياة السياسيَّة في المرحلة المقبلة دون تمثيل وازن ومقبول لكل الكتل والأحزاب السياسية التي خاضت الإنتخابات مؤخّرًا ودون إدخالِها في إدارة الأزمة ودون تحميلها للقدر اللازم من المسؤوليَّة الوطنيَّة كلّ منها حسب الحجم التي أفرزته الإنتخابات. لسنا في كونفدراليَّة أسوة بالنموذج السويسري إنما نموذجنا يستحق التوقف عند فرادته. في سويسرا نظام كونفدرالي مكوناته مفروزة إيديولوجيًّا ولغويّاً وحضاريًّا تتقاسم السلطة. في لبنان نظام مركزي إنما وللمفارقة يعمل بالطريقة نفسها. نستنتج أنَ أي دعوة لفدرلة لبنان لا تنطوي على نوايا حسنة. كيف نضحّي بنظام سياسي أرساه الطائف يؤمن صحّة تمثيل كل القوى السياسية لنرسي فدراليّة لا تؤمّن تمثيلها بالفاعليّة نفسِها؟ فدرلة النظام اللبناني لا تنطوي إلا على محاولة نشر الفوضى في النظام.

خطاب حزب الله بعد الإنتخابات يحدد مسار النظام اللبناني بالتأكيد على صلاحيّته للحقبة المقبلة. وحده الدستور المنبثق من وثيقة الوفاق الوطني يتيح مشاركة الشعب عبر ممثليه بالقرارات الكبرى. دعوة بعض الأحزاب إلى حكومة أكثريَّة تضرب قلب النظام لا بل تشكّل إنقلابًا أبيض عليه. ليس مستبعدًا إذا صَفَت النوايا أن تتوحّد الأحزاب المتنافرة على تحالفات حول المشتركات وعلى قائمة أولويات. الشأن الإقتصادي والمعيشي والإنمائي أولًّا. لن نجد المشتركات بمنطق حزب الله إلا إذا اعترفنا جميعًأ بعجز أي طرف بمعزل عن الطرف الآخَر عن فرضِ تصوّره ورأيه وأسلوبِه.على كل المكونات أن تعترف بعجزها عن التّجديف بالقارب إلى وجهتها المفضَّلَة. المعالجات داخل المجلس النيابي كما داخل أي حكومة مقبلة يجب أن تعتمد التصدّي للملفات لا لتصدّي القوى السياسية بعضها ضد بعضها الآخَر. هذا يشمل إحتمال إتفاق قوى متنافرة على ملف واختلاف قوى متآلِفة على ملف. خطاب حزب الله تأسيسي جدّاً. يقول بوضوح أنَّ ديمقراطيَة التوافق أهم من إيديولوجيَّة الأحزاب اللبنانيَّة بما فيها إيديولوجيَّة حزب الله. أي محاولة للإستمرار بالتّحشيد الإيديولوجي وبخطاب متشنّج طائفيًّا سيكون مصيرهما إنتاج واقع كارثي في لبنان. أهوَن شرور هذا الواقع هو العجز عن تحقيق أي إصلاح والوقوع في الجمود السياسي القاتل لمفهوم الدولة وللحقوق البديهيَّة للمواطنين.على حكماء لبنان تعطيل أي تحشيد مماثل ودور القيادات الوطنيَّة والروحيَّة أساس في هذا التعطيل. على قوى المجتمع المدني التي دخلت حديثًا إلى الندوة النيابيَّة أن تعي هذا الواقع وأن تلعب دور القوى التي تنزع الصاعق لا دور تلك التي تفجّره. خطاب حزب الله عبَّدَ الطّريق. على الطريق أن يُسلَك لا أن تضافَ عليه الحُفَر.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
المهندس "أبو علي" ضحيّة جديدة للإعتداءات الإسرائيلية! 9 صدمةٌ بين الأهالي... بلدة لبنانية تستفيق على مأساة! (صورة) 5 الضاحية الجنوبية تغلي عسكريًا: تفاصيل ليلة سقوط "السفّاح"! 1
بعد فصل طالبة لبنانية من جامعة أميركية... دعوةٌ من إعلامي لبناني! (فيديو) 10 "الثمن مُكلف جدًا"... لافتة تُثير الإستغراب في الغبيري! 6 يخضع منذ الصباح للتحقيق... والتهمة صادمة! 2
أسعارٌ جديدة للمحروقات! 11 هذا ما يحصل متنياً 7 "رسائل خطيرة على الهواتف"... وتحذير جدّي إلى المواطنين! 3
تحذيرٌ "عاجل" من اليوم "الحارق" المُرتقب... وهؤلاء عرضة للخطر! 12 بعد إصابته بجروح خطرة جراء طلق ناري... نقل كينجي جيراك إلى المستشفى! 8 "إجتياح من نوع آخر" لمدينة لبنانية! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر