ليبانون ديبايت

الإنهيارات تتناسل وتتراكم في كلّ مكان، في ظلّ شغور رئاسي وتعثر حكومي وعجزٍ متزايد في الإدارات العامة. وما يجري على الساحة القضائية من جهة والساحة المالية من جهةٍ أخرى، بات يهدد سلامة المؤسسات، كون الصراع الحالي "تفجيري" وما من مجال لسحب صاعق التفجير إلاّ عبر اتفاقٍ سياسي كبير ولكن غير مُتاح، على الأقلّ في المدى المنظور.

ومن هنا، فإن الدولة تكاد تكون على مشارف الإنتقال من دولة قائمة بكلّ مقوماتها وركائزها الأساسية، إلى دولة فاشلة، لأن الإشتباكات والإتهامات المتبادلة في القضاء، تهدد مؤسسةً سيادية هي الحارس الأمين للبلاد وملاذ العدل والحق للمواطن، كما يصفها رئيس تحرير جريدة "اللواء" صلاح سلام، والذي يرى أنه لا يمكن عزل المعركة الدائرة في القضاء عن الحرب التي يتعرض لها لبنان والهادفة إلى ضرب قواعد الدولة.

ويشير الكاتب سلام لـ"ليبانون ديبايت"، إلى أن لبنان دخل في مدار الإنهيار منذ فترة، ويتجه بسرعة فائقة نحو الإرتطام الكبير ، لأن كل ما يجري في البلد، يعزّز مسار الإنهيارات ولا يحدّ من سرعتها، والأخطر في هذا المشهد، أن الإنهيار يتمّ على مرأى من الأطراف السياسية التي لا تتنازل عن أي من مواقفها مقابل إنقاذ البلد، بل على العكس، هي تمارس سياسة العناد والإنكار، ولا تأبه إلاّ لمصالحها السياسية والفئوية ولو على حساب البلد والشعب المنكوب".

ويحدد سلام أسباب تصاعد الخلافات السياسية بغياب الطرفٍ القادر على القيام بدور الوسيط بين القوى السياسية أو بدور الحكم بشكلٍ أو بآخر، مشيراً إلى أن هذا الدور، كان يقوم به الأشقاء في مراحل سابقة، كما في اتفاق الطائف 1989 أو اتفاق الدوحة2008 وبقية المؤتمرات التي كانت تُعقد عند اشتداد الأزمة في لبنان وعندما تفقد القوى اللبنانية السيطرة".

كذلك، لا يرى سلام أن هناك مجالاً للتهدئة السياسية، بل على العكس يكشف عن مخاوف من أن ينتقل الإنهيار إلى المستوى الأمني، بسبب الأزمة التي تعانيها الأكثرية الساحقة من الشعب اللبناني، بعد ارتفاع الدولار إلى أرقام قياسية وهو مستمرّ في صعوده والليرة مستمرة في تراجعها.

ورداً على سؤال عمّا اعتبره "خسارة القضاء"، يقول الكاتب سلام "إننا كنا نعتبر أن القضاء هوخطّ الدفاع الأخير وصمّام الأمان للمجتمع والرافد الأساسي لمقومات للدولة، ولكن عملياً خسرنا اليوم القضاء من خلال الإشتباك القضائي الحاصل وانقسام القضاة على أنفسهم واكتسابه طابعاً طائفياً".

ويشير سلام إلى أنه "عندما يحصل الإنهيار تعمّ الفوضى، والضحية الجديدة اليوم للإنهيار، هي القضاء، وبالتالي عندما نفقد القضاء نفقد ركناً أساسياً من النظام، وهذا يفسح المجال للفوضى، وليس القضائية فقط بل الأمنية، بحيث باتت تنطبق علينا مواصفات الدولة الفاشلة المارقة، لأننا أفشلنا كل ركن وقطاع من قطاعات الدولة، من دون أن يكون هناك في الأفق، أية بادرة حل أو معالجة لهذا الإنهيار".