Beirut
23°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
خاص
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
تصعيد غير محكوم بسقوف
عبدالله قمح
|
الاربعاء
31
تموز
2024
-
6:30
"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
كل المؤشرات الحالية تميل إلى نظرية مفادها أن حادثة "مجدل شمس" كانت مفتعلة، بدليل اتخاذ إسرائيل منها ذريعة لإدخال تعديلات على "مجهودها الحربي"، بحيث تنقله من مرحلة التقييد الفعلي عند الجبهة الشمالية بفعل ضربات المقاومة إلى المبادرة تجاه حزب الله.
من هذه الزاوية أتت غارة الضاحية الجنوبية أمس التي يقول العدو الإسرائيلي أنه استهدف خلالها قيادياً بارزاً في المقاومة، لتعيد، من المنظور العسكري الإسرائيلي، هندسة "قوة الردع"، ومن جهة ثانية أعطت انطباعاً أن إسرائيل في نسختها الحالية بعد عودة بنيامين نتنياهو من الولايات المتحدة، دولة ماضية في اتجاه الحرب وفق خطة مرسومة، أو على الأقل تحاول فرض شروطها من خلال الآلة العسكرية.
في المقابل ليس حزب الله بالطرف السهل الذي يقبل تجرّع الكأس من دون رد. وهناك 3 قضايا دقيقة تقف أمامها المقاومة بحزم، وهي:
1. حصول الإستهداف على شكل غارة أصابت بناءً يستخدمه الحزب في عمق الضاحية. وكان السيد حسن نصرالله واضحاً في تشديده على مركزية الضاحية في المعركة الحالية.
2. حصول الاستهداف نهاراً، وفي وقت الذروة، وفي منطقة مكتظة أدى إلى سقوط مدنيين شهداء.
3. استهداف شخصية قيادية عسكرية بارزة.
في البداية لا بد من إبراز ناحية قائمة على الإختلاف بين حالتين. عملية إغتيال الشهيد صالح العاروري وإستهداف حارة حريك. صحيح أنهما وقعا في الضاحية على فترتين زمنيتين متباعدتين، لكنهما جاءَ في سياقين مختلفين وتوجهين مختلفين. وحيث كان الهدف من إغتيال العاروري تقويض المجهود الحربي للمقاومة في الضفة الغربية، جاءت غارة حارة حريك في سياق محاولة ترميم قدرة الردع الإسرائيلية وإظهار علو اليد ومحاولة خلق أو فرض قواعد جديدة على المقاومة وتوجيه ضربة عسكرية كبيرة لها.
فيما سبق العدوان الإسرائيلي على الضاحية، كان ميل حزب الله إلى الإقتناع بأن "الضربة" حاصلة، داخل لبنان وليس خارجه، وذلك ربطاً بمجريات الاتصالات الدبلوماسية التي دارت خلال الأيام السابقة، واطلع عليها أو شاركها في صيغة غير مباشرة. لذلك كان حزب الله حريصاً عن التعبير عن موقفه أنه لن "يهضم" أي إعتداء إسرائيلي يطال ما يمكن توصيفه بـ"الأهداف الحيوية" معيداً التأكيد على كونه ليس الجهة المسؤولة عما جرى في مجدل شمس. ولعل "ليبانون ديبايت" كان أول من عبر عن توجه حزب الله، إذ اعتبر الحزب يومها أن أي إعتداء على لبنان سيعتبر بمثابة إعلان حرب من جانب إسرائيل، ويأتي خارجاً عن القواعد الحاكمة للمشهد منذ 8 تشرين الأول الماضي، وإن المقاومة سوف تتصرف على هذا الأساس.
وفق القاعدة نفسها خرج مصدر مسؤول في حزب الله على قناة "الجزيرة" القطرية، أمس، ليتحدث بوضوح حول أن "مصطلح العدو عن ضربة قاسية ومحدودة لا يعنينا بشيء؛ لأنه عدوان بمعزل عن حجمه" مؤكداً أن المقاومة "سترد حتما على أي اعتداء إسرائيلي" وإن "قيادة المقاومة ستقرر شكل الرد وحجمه" في حال حصول عدوان، معلناً أن المقاومة "قادرة على قصف المنشآت العسكرية في حيفا والجولان ورامات ديفيد بشكل قاس وعنيف".
من المتوقع، ربطاً بتطورات الاستهداف الذهاب إلى مرحلة من التصعيد غير المحكوم بسقف زمني واضح، وغير واضح المعالم، حيث لم يلزم حزب الله نفسه لا ببيان يعبر فيه عن طبيعة رده القادم، ولا بحجم الرد. وعلى الأرجح، سوف تكون المفاوضات الحالية المتنقلة بين أكثر من عاصمة ضحية أولى للتصعيد هذا إذا لم يأخذ التصعيد في طريقه جبهات أخرى.
خلال الأيام السابقة، جرت محاولات لإقناع حزب الله بإلتزام سقف معين في عدم الرد على "الرد" الإسرائيلي، ما فهم أنه كناية عن محاولة من الوسطاء الدوليين، وعلى رأسهم الأميركي عاموس هوكستين من أجل إتخاذ أي تطور حربي ذريعة للمضي في تفاهمات حول مستقبل الجبهة الشمالية وتمرير ترتيبات تحت الضغط. ما يمكن فهمه أيضاً من السياق، أن إسرائيل قد تكون تنوي دفع الجميع إلى طاولة المفاوضات مجددا، لكن بقوة دفع عسكرية، وهو ما لا يقبله حزب الله أو غيره.
خلال الساعات التي سبقت عدوان الضاحية، تكثفت الاتصالات السياسية والدبلوماسية التي يجريها وسطاء أجانب مع مسؤولين لبنانيين، ومن خلالهم مع حزب الله، لمعرفة كيفية تعاطي الحزب مع أي ضربة محتملة. وكان أن استهل عاموس هوكستين نشاطه بحزمة جديدة من التواصل مع شخصيات لبنانية، من الواضح أنها انتهت إلى عدم اتفاق.
تزامناً، كان ثمة محاولات جارية وبكثافة لممارسة ضغوطات على الحكومة اللبنانية لفك الارتباط مع حزب الله، أو على الأقل تبني الحكومة خطاباً مختلفاً لا يتماهى وخطاب الحزب في التعاطي مع "الرد" الإسرائيلي. وعلى ما يتضح، إعتبر وسطاء ومنهم الأميركي، أن خطاب الحكومة اللبنانية لا سيما موقف وزير الخارجية حول وقوف الدولة إلى جانب حزب الله، لا يساهم في تهدئة النفوس، بل على العكس يجعل لبنان في موقع مواجهة مع إسرائيل.
على ما بينته الوقائع، دارت الاتصالات في جزء منها على محاولة "تحييد" المدن الرئيسية عن الاستهداف، من بينها بيروت. وقيل أن الثمن في المقابل كان "بلع" حزب الله الضربة وهو ما رُفِض تماماً.
ما إنتهت إليه الإتصالات، أفضى إلى إقتناع بعدم قبول حزب الله منطق الإملاء تحت ضغط تهويلي بضربة عسكرية تستهدفه، وإن الحزب متقدم من حيث القوة، وقادر على فرض شروطه، فخرج عبر مصادر رسمية وواضحة، عازماً على ملاقاة أي عدوان برد على وزنه...
بينت الساعات التي سبقت الغارة وجود دور أميركي واضح لمصلحة إسرائيل، أو يقع في مصلحتها. ففي حين تولت تل أبيب التهديد بالضربة، كان الأميركيون يتشاطرون في أنهم قادرون على "دوزنة الضربة" في حال قبل الحزب امتصاصها، وإنتقل إلى مرحلة خفض التصعيد والانفتاح على الحلول، ما أظهرهم على شكل الـDirty Boy في اللعبة.
في النتيجة كان الرد متخذاً في الكابينت يوم الأحد على ما بينته وسائل الإعلام الإسرائيلية؛ مما يعني أن ما تلى ذلك من أيام كانت مواعيد فاصلة عن التنفيذ في محاولة للوصول إلى تفاهمات. أتى رفض حزب الله واضحاً لمجمل ما طرح عليه من خلال بياناته الحربية المتلاحقة. ردد موقفه يوم الاثنين وكرره الثلاثاء، مع إبداء الاستعداد لجولة تصعيد واسعة. ثم أتى الفعل الأميركي بأن منح ضوء أخضر لتنفيذ الضربة كتعبير عن فشل آليات التواصل.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان،
اضغط هنا