"ليبانون ديبايت"

من وحي معاناة الشباب اللبنانيّ الذي تتبدّدت آماله بشراء شقةٍ سكنيّةٍ على عتبة أدراج أسعار خيالية ضربها الانفصام المزمن عن واقعِ الحدِّ الأدنى للأجور، ما يجعل من أملِ امتلاك شقّة في بيروت أو بالقرب منها حُلُمُ يقظةٍ يشيخُ الشباب قبل تحقيقه، سنسرد عليكم قصّةً حقيقيةً راح ضحيتها عشرات الحالمين بشراء حقّهم في السكن المحرّمِ على الطبقات الوسطى والفقيرة.

يروي حسام (اسم مستعار) معاناته وعددٍ من الشبان غيره الذين قرروا شراء شُققٍ سكنيّةٍ قبل أن تُبنى في مشروع "بشامون 415" التابع لشركة "بيروت لايف ش.م.م" في منطقة بشامون - الضيعة "في العقار رقم 415" مقابل دار بشامون. وفي التفاصيل يُشيرُ حسام في حديثه لـ"ليبانون ديبايت" أنّ المشروع هو نتيجة اتفاقِ مشاركةٍ وُقِّعَت بين ربيع حميداني، ربيع خطاب، الشيخ نجيب مسعود، وابنه غاندي مسعود بالوكالة عن الشيخ نجيب، في الشهر الرابع من عام 2013، وكانت الوعود أن يُنجز المشروع بعد سنتين ونصف من تاريخ الحصولِ على رُخَصِ البناء، والتي حصلوا عليها في الشهر الأوّل من سنة 2014.

وكان الشباب الذين دفعوا مبالغ (دفعات أوليّة وأقساط شهرية) تفاوتت بين الـ 20، 30، 45، و60 ألف دولار أميركي، وتُقدّر القيمة الإجمالية لها بما يقارب الـ"مليون دولار أميركي" على موعد استلام شُقَقَهِم السّكنيّة في نهاية الـ2016. وبدأت أعمال البناء في المشروع تسير على قدم وساق حتّى نهاية عام 2015، لتبدأ من بعدها المماطلة في تنفيذ المشروع إلى أن توقّفت مؤخراً بشكلٍ نهائيّ.

وكان حسام كغيره من الشباب يقوم بإيفاء الأقساط الشهريّة لحميداني، رغم التوقّف شبهِ المؤقّت لأعمال البناء في المشروع، والذي لم يعلموا به إلا لغاية شهر 9 من العام الفائت 2016، عندما اختفى ربيع. ولُوحِظ غيابه من قِبَلِ الشّبان؛ فاستفسروا عن الأسباب، وعَلِموا أنَّ حميداني قد ترك البلد وسافر إلى قبرص، وأسس هناك عملاً آخراً، ولا نيّة له بالعودة إلى لبنان، وكتب وكالة تنازل بموجبها عن المشروع بعد سفره لشخصٍ آخر كي يستلم أعماله منابةً عنه!

وعمد "حميداني" إلى إقفال مكاتب شركته "بيروت لايف" في بشامون وأبلغ زبائنه من خلال موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" أنَّ مكاتب الشركة قد انتقلت إلى منطقة خلدة بالقرب من محلات "ADIDAS"، وعندما حاول الزبائن الاتصال بالشركة أجابت إحدى الموظفات التي كانت تعمل في شركة "بيروت لايف" أنَّ الشركة لم تَعُد موجودة، مع العلم أنَّ المكتب الجديد موجود ولكن تحت اسم شركةٍ أخرى اسمُها "العقار – Al Ikar" يملكها ويديرها شريك ربيع حميداني في عددٍ من مشاريع بيروت لايف "أمين ضيا". وفور إحراجها بالأسئلة كونها تُجيب على هاتف شركة "بيروت لايف" الخليوي قالت إنَّ الرقم الذي بحوزتها ملكٌ لها ولا علاقة للشركة المذكورة به. وأشارت أنّها انتقلت للعمل في شركة أخرى، وأكّدت أن شركة "العقار" ليس لها علاقة بمشروع "بشامون 415" على الرغم من أن الشركة تعمل على إكمال مشاريع "بيروت لايف وربيع حميداني" الواقعة في منطقة "بشامون المدارس" فقط. وقالت الموظفة إنَّ علاقة زبائن المشروع "415" يجب أنْ تكون محصورةً فقط مع الشخص الذي استلم المشروع بالنيابة عن "ربيع".

وعليه، انتقل تواصل الشباب من حميداني إلى أيوب، الذي أوهم الجميع أنّه رجل أعمالٍ قادرٍ على إحضار متعهدين لاستكمال العمل وأنّه شريك سابق لربيع حميداني أيضاً، ويقول عن نفسه إنَّ "لديه واسطة قوية من حزبٍ شيعيٍّ كبير له حضوره القوي في الجنوب".. وعن أسباب تخلّي حميداني عن المشروع؛ اكتشف المتضررون مؤخراً أنّه يعود لخلافاتٍ جرت بينه وبين الشيخ نجيب مسعود (صاحب أرض المشروع)، وخلافاتٍ بين الشيخ نفسه وشيخ آخر يدعى "زهير صالح" يملك قطعة أرضٍ مجاورةٍ للعقار 415، الأمر الذي دفع بالأخير الادّعاء على الشيخ مسعود بحجّة وجود مخالفة بناء بأحد مباني المشروع، ما استوجب توقيف المشروع منذ فترةٍ وبشكلٍ كامل من قِبَلِ التنظيم المدني والقوى الأمنية.

ولم تتوقّف الخلافات التي جعلت من حسام ورفاقه ضحايا هذا المشروع السكني، عند هذا الحدّ، إِذ إنَّ الحجز الاحتياطي على الأرض قد حصل من قِبَلِ شخصٍ يدعى "مكرم البعيني" على خلفية ديونٍ للأخير على الشيخ مسعود. ويعجز أيوب اليوم رغم تباهيه "بواسطته السياسية" عن الحصول على ورقةِ متابعةٍ للمشروع. ويحاول الترويج "لأن ورقة المتابعة تحتاج حسب التنظيم المدني لإنشاء جدارٍ كبير بين المشروع والأراضي المجاورة، ويحاول أيوب الذي "ليس لديه أيّ إمكانيّاتٍ ماديّةٍ" إقناع المتضررين أنْ يدفع كلُّ شخصٍ منهم 2000 دولار، لإنشاء هذا الجدار" الأمر الذي رفضه الشبان لعدم ثقتهم بأيوب أولاً بعدما تبيّن أنّه يحاول استدراج الزبائن لدفع المزيد من الأموال من أجل إكمال المشروع من جيبهم الخاصّ وتحقيق أرباحٍ ماليّةٍ هائلة تُقدّرُ بأكثرِ من "مليون دولار"، ولعدم ثقتهم أن ورقة المتابعة قد تصدر أصلاً.

ويُحمّل حسام ورفاقهِ المسؤوليّة للمتعهدِ الأول "ربيع حميداني" الذي كلّما حاولوا الاتصال به يقول لهم ساخراً "تعو ع قبرص لأعطيكم شقة!"، وتشير المعلومات أن حميداني قد بدأ بتأسيس عملٍ له في قبرص من لحظة ظهور المشاكل والخلافات حول مشروع بشامون. ويقول لهم "أنا مبسوط بقبرص ومش فارقة معي شي، ويمكنني زيارة لبنان عبر جواز سفري الأميركي".

وفي تفاصيل هذه القضية المعقدة، ضاع شقاء سنوات حسام وشركائه في سوء الحظ... ويبقى السؤال من يعوّض عليهم المبالغ التي دفعوها مقابل مشروعٍ لا أحدَ يَضْمَنُ استئنافَ العملِ به، ومن هي الجهة الرسمية الموكّلة بالنظر في قضيتهم؟؟ وانطلاقاً من ذلك يضع "ليبانون ديبايت" هذه الرواية مع الوثائق الرسميّة الخاصّة بها بعهدةِ المعنيين، للتصرّف فوراً من أجل شبابٍ ذنبهم أنّهم حاولوا الحصول على حقّهم الطّبيعي بامتلاكِ شقّةٍ سكنيّةٍ في وطنٍ "أكل فيه الفاجرُ مالَ التّاجر" وأكثر.. في ظلّ وضعٍ سكنيٍّ لا يُشبه الواقع اللبنانيّ المهنيّ لا من قريبٍ ولا من بعيد...!