Beirut
16°
|
Homepage
إلى "حزب الله": بادر تجاه المسيحيين
وليد خوري | المصدر: ليبانون ديبايت | الجمعة 01 آذار 2024 - 7:02

"ليبانون ديبايت" - وليد خوري

الوضع لا يُبشّر بالخير. أحد المراجع المسيحية، يتخوف من اليوم الذي يلي الحرب. ينقل عنه زواره أنه يمتلك معلومات حول توفر رغبة لدى بعض الدول الغربية لـ"معاقبة لبنان والمقاومة". لماذا؟ لأنها قامت بإطلاق معركة لمساندة غزة، ولانها أرهقت الجيش الإسرائيلي أثناء تفرّغه لـ"صد طوفان الأقصى"، ولأنها أجبرت المستوطنين على النزوح من الشمال، ولأنها أطلقت الصواريخ تجاه إسرائيل، ولأنها تجاهلت المساعي الدبلوماسية للحل.

المعطيات التي شاركها المرجع، توحي بما لا يقبل الشك، أن تبعات الحرب ستفوق الحرب شدةً. مرحلة الأزمة الإقتصادية ستتكرّر، وما هو متوقع أو نحن في صدده، أسوأ من الحصار الذي فُرِضَ على لبنان عام 2019 ونتجت عنه أزمة ما زالت تبعاتها ماثلة. باعتقاده، إننا مقبلون، عندما تسكت المدافع، على انتهاج سياسة واضحة لمعاقبة لبنان. هذا يعني أن لا رئيساً للجمهورية في غضون الأشهر المقبلة أو في القريب العاجل، فيما بعض المتشائمين يعتقدون أن لا رئيس للبنان أقله حتى العام المقبل، والوقت الحالي هو لانتظار إنجاز ترتيبات المنطقة، ولبنان من ضمنها.


بناءً عليه، يصبح كل الحراك السياسي الداخلي المتصل بمبادرة "كتلة الإعتدال" التشاورية أو ذلك المتعلق بـ"الخماسية"، ودورها وخلافاتها، كله لملء الوقت الضائع، وإبقاء لبنان على درجة معينة من السخونة، والاعداد للمرحلة المقبلة. ولم لا؟ إستخدام القليل من المكر من خلال فرض الشروط الرئاسية، التي لا بد أن يتلقفها "الثنائي الشيعي" بالرفض، ما يخدم تحميله التبعات والعواقب والنتائج، ويرمي إلى زيادة الإستثمار في القوى المعارضة له، الآخذة في الإتساع. ولأخذ الرأي العام المعادي له باتجاه التعبير عن ذاته أكثر! الرأي العام الذي يتهم الحزب بجلب الويل والثبور للدولة والكيان. وفي تقدير أكثر من مرجع، سينتج عن ذلك، حملة سياسية مشابهة لتلك التي حُرّكت بعيد عدوان تموز عام 2006 وكان من نتائجها 7 أيار.

إذاً، لبنان مقبل على ترتيبات ذات وجه سياسي معين، قد تكون ذات قدرة على إرساء شكل مختلف من البعد السياسي الحالي في البلد. لا بد لهذه الترتيبات أن يُصاحبها تنازلات من جميع الفرقاء. ليس بالضروري أن نكون أمام "دوحة 2" أو "دوحة 3". ما هو ثابت أننا مقبلون على تسوية ستقلب الخريطة السياسية رأساً على عقب.

لكن الزمن اليوم أسوأ. ثمة قوى تتوثّب ل"حزب الله"، وثمة نزاع أهلي يدور حول الثقة بالحزب، وثمة مشكلة أعمق تتصل بفكرة المقاومة. وثمة شرائح تبدلت وجهة نظرها حيال المقاومة عما كانت عليه في السابق، وثمة ألسنة اليوم، مسيحية وإسلامية، باتت تعلن جهاراً، رفضها الحرب وعدم رغبتها في توسيعها، بل وميلها صوب إجراء مفاوضات حول طبيعة حضور الحزب عند الحدود.
من بين هؤلاء حلفاء مفترضون للحزب، ومن بينهم أيضاً، ألسنة ما زالت تلتزم الصمت في العلن لعدم إحراج الحزب، لكنها تنطق في الغرف المغلقة بكلام ليس موضع نقاش الآن.

لماذا نريد أن نتخفى خلف اصبعنا؟ نعم، ثمة من يأمل أن يتعرض الحزب لضربة حتى يسهل الإنقضاض عليه في الداخل. يعتقد هؤلاء أن تغيير مفهوم حضور "حزب الله" يأتي من خلفية إضعافه عسكرياً. هناك من يعتقد أن انتهاء المعركة في الجنوب سيكون مؤشراً على إعادة تفعيل مسار كان يؤمل إطلاقه على دماء من ماتوا عند كوع الكحالة، لكن الظرف لم يكن ناضجاً.

على الحزب اليوم، الذي يخوض حرباً، ويعي بشكل دقيق ما هو مقبل عليه، وسبق أن وضع في صورته، وأبلغ رسائل مغلفة بعنوان الحرص تتحدث عن برامج ونماذج ومعطيات وعن معلومات وضعت في متناوله، أن يُبادر تجاه الجماعة المسيحية تحديداً، لأنها أكثر جماعة يجري الإستثمار فيها لتقليبها على بيئة "حزب الله". المواقف التي وردت أخيراً على لسان قادة ومسؤولين في "التيار الوطني الحر"، ليست موسمية أو عفوية أو عبارة عن تبادل أدوار محسوب بين الحليفين. إنها تعبير حقيقي عن عمق الفجوة بينهما فضلاً عن كونها دليلاً على تبدل المزاج.
لا بد أن يستدرك "حزب الله" بشكلٍ سريع المتغيرات الداخلية، ويعرف كيف يتعامل معها، ويفضل أن يستثمر من أجل الحد منها بصداقات ضمن مستوى تأييد ما زال متوفراً ضمن البيئة البرتقالية.

لا بد للحزب، من أجل كبح جماح أي مغامرة، أن ينفتح تحديداً على النقاش بخطواته المقبلة تجاه البيئة المسيحية ولو أتى ذلك في ظل الحرب، وأن يستمع إلى هواجس المسيحيين، وأن يفتح أذنيه لسماع الخطاب المتداول في شارعهم، وألا يسمح لبعض "المرتزقة" في أخذ النقاش إلى مكان آخر، وأن يسمع المفردات المعادية للحرب، ليس كي يسمع أو يرد على خطاب الإعتراض بخطاب التخوين، إنما من أجل البحث عن العلاج المناسب.

ثمة هواجس لدى الجماعة المسيحية، من توسع الحرب وأمدها، من تبعات الحرب، من دور المسيحيين وحضورهم، من شكل الدولة المقبلة، من حضور الحزب داخل الدولة، من الشعور بالعبور فوق آرائهم، تتطلب مرونة في التعاطي وتتطلب إقلاعاً عن لغة الفرض بالنسبة إلى الرئيس وسواه. لا يعقل أن يتم التعاطي مع المسيحيين من منطق الإستعداء أو فرض رئيس على الغالبية المطلقة. فرض رئيس بالنسبة إليهم يعني تقويضاً لحضورهم، وتقويض الحضور ينجم عنه الانتقال إلى محاولات الانتقام الممنوع.

ثمة من نصح الحزب بعدم إبراز قوته في مسألة اختيار رئيس للجمهورية حتى لا يفهم أنه يُمارس "فائض قوة" على المسيحيين، كي لا يؤدي ذلك إلى تحامل هؤلاء عليه، وتقليب رأي من هم في الاساس مصنفون في صفّه. نصح الحزب بمفاتحة المسيحيين بالملف الرئاسي، بحوار مفتوح "على بساط أبيض"، حول بروفايل الرئيس ومواصفاته. وعلى الأرجح، قد يؤدي ذلك إلى رئيس مناسب للطرفين، وثمة مؤهلون كثر.

لا بد للحزب من مفاتحة المسيحيين، ومشاركتهم رؤيته. نقول رؤيته وليس قراره.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
بالفيديو: لحظة قتل "رجل الأعمال اليهودي" بمصر على يد "محمد صلاح" 9 القضاء اللبناني يضرب في قضية "التيكتوكرز"... ما جديده؟ 5 "مرة جديدة"... شخصية بارزة في "قفص الإتهام"! 1
إبتزاز صحفي لأجهزة أمنية 10 "هُراء"... راصد الزلازل الهولندي ينفجر غضباً! 6 48 ساعة "حارة" بانتظاركم... ولكن استعدوا: المشهد سينقلب رأساً على عقب! 2
لسد فجوة الماضي... حجر "القوات" يصيب 3 عصافير! 11 مئة ألف مسلّح جاهزون لـ محاصرة حزب الله داخل لبنان! 7 تفاصيل خطيرة... الـ Dark web عالم "الدعارة" المستتر! 3
"تهديدٌ مصريٌ" بعد سيطرة إسرائيل على معبر رفح 12 "قادة ميدانيون بالحزب"... الكشف عن هوية شهيدين في غارة بافليه 8 بجرم الاساءة للدين الاسلامي... إخبار من دار الفتوى بحق شادن فقيه 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر