لنتصور ان ابا بكر البغدادي وصل بجحافله الى قصر بعبدا وتربع سعيدا هناك، وقال» هنا نصف الجنة»، هل تعتقدون انه سيجد صعوبة في تشكيل حكومة من الطبقة السياسية اياها؟
نوضح اولا ان النصف الاخر من الجنة في العالم الاخر بعدما كان احمد شوقي يسأل كازينو عرابي في زحلة ما اذا كانت الملائكة تصطاف في جارة الوادي...
لا ريب ان غازي كنعان ورستم عزالة فعلا باللبنانيين ما يفعل عادة الاخوة العرب بالاخوة العرب، ولكن هل كان احد الرجلين يرغم فلانا ان يكون رئيسا للجمهورية او فلانا اخر ان يكون رئيسا للحكومة او وزيرا او نائبا؟
السوريون كانوا يحترمون من يحترم نفسه، وكان يذلون من يذل نفسه. زوجة وزير، وهي محجبة، كانت تجلس الى مائدة بعض «رجال الوصاية» في دمشق بصدر شبه مكشوف لكي يضمن صاحب المعالي او صاحب السعادة مقعده والى الابد...
احد الوزراء الذي تربّع على المقعد الوزاري منذ ان بدأ العمل بالجمهورية الثانية والى رحيل السوريين، كان يبعث حتى بالملوخية الى عبد الحليم خدام حتى اذا ما رحل السوريون التحق للتو، ودون خجل، بالمعسكر الاخر..
ألم يصل ارييل شارون الى باحة قصر بعبدا، وكاد يدخل الى غرفة نوم الرئيس الياس سركيس لولا البرقية الاميركية العاجلة، ولم يكن هناك ما هو اسهل من ان يختار مائة مرشح لرئاسة الجمهورية، وان يشكل حكومة، وكاد يربط لبنان باتفاق يضعه تحت الوصاية الاستراتيجية لهيكل سليمان...
للتوضيح فقط، عندما غزا صدام حسين الكويت لم يجد كويتيين جاهزين لشغل مناصب الوزراء فاستعان بكويتيين من اصل عراقي، اذا ما نسينا او تناسينا وزير الدفاع السوري يوسف العظمة الذي واجه بالبنادق دبابات ومدفعية بطل المارن الجنرال هنري - غورو في ميسلون ليسقط مضرجا بدمه وهو يحمل راية بلاده...
لكننا فخورون باللوحات التي ثبتت عند نهر الكلب. كل الغزاة رحلوا، ولكن كيف؟ آنذاك كانت هناك لعبة الامم، حتى الاستقلال حصلنا عليه في لعبة الامم، وكان بائسا «سيناريو التحرير» الذي نسلط عليه الضوء في المناسبات كما في كتب التاريخ...
مرة واحدة دحرنا اعتى غزاة الارض. من من العرب استطاع اجتثاث الاسرائيليين من حفنة من تراب ارضه المحتلة سوى اللبنانيين الذي لهم وجههم الآخر ولغتهم الاخرى؟
الاسرائيليون قالوا انهم يبغون تدمير الآلة العسكرية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي تحوّل اركانها من ثقافة الخندق الى ثقافة الكازينو اذا كنتم تتذكرون ابا الزعيم وابا الهول وابا الجماجم الذين هربوا الى البقاع فور ان حصل اجتياح عام 1982 هل كانت وصاية ياسر عرفات اقل هولا من وصاية غازي كنعان ورستم غزالة؟ لا داعي للتفاصيل...
حكومة مناحيم بيغن حققت الهدف. وكانت المنظمة قد بدلت شعارها من «ثورة حتى التحرير الى ثورة حتى تحرير لبنان من اللبنانيين». من كانوا يوصفون بالفدائيين توزعوا بين تونس و الجزائر و اليمن، وقال لنا وزير الخارجية الجزائري «طلبوا المارلبورو فأتيناهم بها، وانا كما ترى ادخن صناعة محلية، ثم طلبوا الويسكي فقلنا لهم ألا تريدون راقصات؟».
نستذكر ذلك لاننا شاهدنا بعضهم بالعين المجردة، وإبان الاجتياح، يقصدون الملاهي الليلية والفنادق بحثا عن بنات الهوى، دون ان يعني ذلك، في حال من الاحوال، اغفال اصحاب الصرخات النظيفة، والبنادق النظيفة، الذي تعنيهم فلسطين، فلسطين فقط، لا المواخير ولا الارائك الوثيرة...
ونسأل لماذا بقي الاسرائيليون ثمانية عشر عاما على الارض اللبنانية (وهم الذين غضوا الطرف عن عودة عرفات الى طرابلس)، أليس من اجل تدجين لبنان وتحويل مياهه، وتحويل قممه الى مواقع عسكرية تجعل تل ابيب تتحكم بالمنطقة من الدردنيل وحتى قناة السويس (ومن الفرات الى النيل)؟
المقاومة هي التي دحرت الاحتلال، وان بدأت بالمقاومة الوطنية وانتهت بالمقاومة الاسلامية، وببطولات خارقة. ولكن لا بد من ملاحظة في هذا السياق، ونحن ندرك مدى شفافية، ونقاء، ورقي، ونبل، قائد المقاومة، هل هي معقولة حقا تلك المبالغة الهائلة التي نراها في عاشوراء، وحيث التضحية الكبرى من اجل العدالة، في الطقوس اليومية. مكبرات الصوت تدمر حتى الهواء في المناطق المختلطة كما في المناطق «الحاضنة».
منذ الصباح الباكر تلعلع مكبرات الصوت بالنحيب، وبقراءة نصوص تسيء الى الحسين واهل الحسين، ودون اي اعتبار للناس الذين لا احد باستطاعته ان يعترض، واذا ما اعترض تم توجيه مكبرات الصوت الى غرفة نومه، وجالت السيارات المجللة بالسواد حول منزله وقد اطلقت العنان لاصوات التفجع والفجيعة...
قال لنا المستشرق الفرنسي الكبير جاك بيرك «علي! دفعكم الى باب الله»، فماذا يفعل هؤلاء الناس بعلي وبعبقرية علي اذا كانوا يقضون مضاجع الناس، واذا كانوا لا يعلمون ماذا يعني ان يكون الحزن مقدسا و...عبقرياً.
هي لبنانيات....!!
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News