جاء هذا الكلام في دارة نائب بيروتي، وبحضور عدد كبير من النواب الذين تفاجأوا بدورهم بتعبير السفير الجديد، على اعتبار أن الولايات المتحدة الأميركية هي “عرّاب” مسار نزع سلاح الحزب.
ووفق المعلومات، دار نقاش بين النواب والسفير حول تعبير “احتواء”، فأوضح السفير عيسى أن المقصود هو احتواء السلاح شمال الليطاني بعد انتهاء مهمة الجيش اللبناني في جنوب الليطاني، وشرح أن احتواء السلاح هو مرحلة مؤقتة تسبق تسليم سلاح الحزب كاملًا إلى الجيش اللبناني.
ولفت إلى أن عملية حصر السلاح في مناطق شمال الليطاني ستتطلب وقتًا، وهنا تكمن أهمية احتوائه كي لا يتحول ملف السلاح إلى قنبلة تفجّر السلم الأهلي في لبنان.
لكن مصادر سياسية مطلعة اعتبرت أن استخدام السفير الأميركي لكلمة “احتواء” لم يكن توصيفًا عابرًا، بل إشارة واضحة إلى واقع بات ثابتًا لدى المجتمع الدولي، وهو أن جنوب الليطاني لم يعد ساحة مفتوحة للسلاح. فالانتشار العسكري الذي كان قائمًا قبل سنوات تراجع فعليًا بفعل الرقابة الدولية وانتشار الجيش والالتزامات الإقليمية، ما جعل وجود السلاح هناك محصورًا بالرمزية السياسية أكثر منه قدرة ميدانية حقيقية. لذلك، يأتي مصطلح “الاحتواء” كغطاء دبلوماسي لتثبيت هذا الواقع من دون صدام مباشر أو إعلان رسمي.
والاحتواء في جوهره، بحسب المصادر، هو إدارة مرحلة لا يريد فيها الخارج حربًا جديدة، ولا يريد الداخل أن يظهر بمظهر المنكسر. هو صيغة تحفظ ماء الوجه للجميع: الولايات المتحدة تقدّم الإجراء كجزء من استراتيجية تهدئة، والحزب لا يضطر إلى الاعتراف بأن حركة سلاحه جنوب الليطاني أصبحت عمليًا غير ممكنة، والدولة من جانبها تظهر كأنها تعزّز حضورها في منطقة حساسة عسكريًا وسياسيًا. وهكذا يتحول الاحتواء إلى كلمة رمزية لمرحلة انتقالية، تراجع ميداني من دون إعلان، واستمرار سياسي من دون تصعيد.
لكن الاحتواء لا يقتصر على السلاح فقط، فالمساعدات الدولية للجنوب، ومشاريع الإعمار، ودعم المؤسسات الرسمية، هي أدوات واضحة تهدف إلى احتواء البيئة الشيعية أيضًا. فالهدف هو تعزيز حضور الدولة تدريجيًا وتقليص الاعتماد على شبكات الخدمات التي شكّلت جزءًا من نفوذ السلاح.
لذلك، الاحتواء هو عملية هادئة لكنها فعّالة، تعيد رسم العلاقة بين المجتمع والدولة، وتضع السلاح في إطار سياسي أكثر منه عسكري.