مختارات

داود البصري

داود البصري

السياسة الكويتية
الثلاثاء 03 تشرين الثاني 2015 - 06:47 السياسة الكويتية
داود البصري

داود البصري

السياسة الكويتية

الشعب السوري يسحق… والعالم يتفاوض

placeholder

جرائم الإبادة البشرية الشاملة لم تعد حكرا على النظام المخابراتي السوري الذي قتل حتى اليوم أكثر من 400 ألف إنسان في معتقلاته الرهيبة، أو في غاراته الجبانة ومن خلال صواريخه المهانة أو براميله، وشرد بعدهم الملايين من السوريين في أكبر فضيحة نزوح بشرية في التاريخ، بل أن المهمة أضحت أممية بإمتياز، وتحولت الأرض والأجواء السورية لمناطق مرور مكتظة بكل حثالات البشرية الذين توافدوا من أجل مساندة النظام الإرهابي ومعاونته على قتل شعبه تحت اليافطات المذهبية الرثة، أو السياسية والأمنية المنافقة.

فقد بدأ كرنفال إبادة السوريين مع العصابات الطائفية العراقية التي دخلت المعركة، وهي محملة بإرثها التاريخي الحاقد، وبكميات جهلها المريعة تحت يافطة وستار حماية مرقد السيدة زينب بريف دمشق، ولم يكن ذلك صحيحا بالمرة، بل كان الأمر استجابة من العصابات الطائفية العراقية لأوامر إيرانية لعملائها الطائفيين الجهلة الأوباش في العراق للتحرك وتخفيف الضغط على النظام السوري المتهاوي، ولما توسعت الثورة وأضحت خارج نطاق السيطرة الميليشياوية تدخل الإيرانيون من جديد وأبرزوا سلاحهم المعلوم وهو الجهاز العسكري والأمني لـ»حزب الله» اللبناني الذي أسفر عن حقيقته الوجودية وأشهر آلة الموت الإيرانية بوجه الشعب السوري الحر، وليس بوجه جنود الدولة العبرية كما يصرخون في إعلامهم! معتبرين إن قتل الشعب السوري وإبادته وتدمير مدنه هو أقصر الطرق لتحرير فلسطين!

ولما فشل «حزب الله» وتعرضت آلته الحربية ورجاله الأشداء لإبادة وخسائر مروعة جعلت من مصيره المستقبلي في مهب الريح، ولوثت سمعته بالكامل وتهاوت في الحضيض، هبت فصائل الحرس الثوري الإيراني للنجدة بشكل مباشر باعتبارها قوات احتلال إيرانية تدعم نظام دمشق فكان مصيرها أيضا السحق والدعس بايدي أبطال الشعب السوري الذين جعلوا الخط الرابط بين دمشق وطهران ممرا للجنائز الإيرانية المستمرة، وشكل حالة نزيف إيرانية مؤلمة للجنرالات والخبراء والمستشارين.

لقد كان الشعب السوري الثائر حالة عصية على الإنكسار والهزيمة، وبعد أن ترنح النظام وهو يرفس رفسات الاحتضار دخل الدب المافيوزي الروسي محاولا تحريف الحتمية التاريخية، ومدافعا بشكل إرهابي وإجرامي وفظ عن النظام السوري في قرصنة تاريخية روسية غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الدولية في الشرق وبذريعة الاستجابة لمناشدة نظام صديق وحليف، رغم أن هذا النظام من الناحية الواقعية فقد شرعيته بسبب ملفات جرائمه المرعبة.

الروس يماحكون الغرب وينتقمون لملفات الحصار الأوروبي – الأميركي، ولملف الصراع في أوكرانيا من خلال تدخلهم الأهوج في سورية والذي كانت نتائجه وخيمة جدا على معاناة السوريين وتوسيع أطر ومجالات معاناتهم، فالجماعات الإرهابية المزعومة التي استهدفها الطيران الروسي لم تكن سوى المدن السورية العامرة بالمدنيين والأطفال، فيما هجمات النظام وحلفائه البرية ضد المدن السورية الحرة فشلت تماما في تحقيق أهدافها النهائية وتعرض جيش النظام لانتكاسة عسكرية فضائحية لم تخفها الغارات الروسية الانتقامية!
اليوم يقف العالم عاجزا عن إيقاف مذبحة الإبادة الشاملة للجنس البشري في الشام، والغرب يتفرج ويقف مشدوها أمام العربدة الجوية الروسية والبرية الإيرانية، فيما كواليس المفاوضات الدولية المنافقة، في جنيف أو فيينا، اعتبرت النظام الإرهابي الإيراني المتورط بدماء السوريين عنصراً سياسياً حاسماً في حل الأزمة، رغم كونه الجزء الفاعل من المشكلة.
المشاركة الإيرانية الأخيرة في لقاء فيينا الدولي كانت معرقلة لأي حل سلمي حقيقي ينتهي برحيل نظام دمشق لمزبلة التاريخ، ومحاسبة عناصره عن جرائمهم المريعة، فهل من المعقول إدخال النظام الإيراني في مفاوضات تقرير مصير الأسد بينما يعتبر ذلك النظام رسميا ان مصير الأسد خط أحمر بالنسبة لهم كما قال نائب وزير الخارجية أمير حسين عبد اللهيان؟، وهل بابتسامات جواد ظريف المنافقة تحل الأمور ؟ ولماذا يصمت العالم عن جرائم حرس إيران الإرهابي والميليشيات الطائفية اللبنانية والعراقية والأفغانية والباكستانية التابعة له ؟ وهل يعتقد الغرب صدقا ان النظام الإيراني يوافق على إنهاء نظام دمشق والتداعيات التي ستجري بعد ذلك، وأهمها انحسار النفوذ الإيراني في الشرق، وتحلل «حزب الله» وإنهاء ترسانته الحربية وتحوله لمجموعة سياسية وطبعا خلخلة أوضاع دولة الميليشيات العراقية، وبما سيؤدي لانهيارها الحتمي؟ ملفات الشرق خطيرة ومثيرة، والغرب يتفاوض من منطق إنتهازي مصلحي فظ لاعلاقة له أبدا بمصالح الشعوب…

كل اللقاءات الدولية المنافقة لن تفرز حلا، فالحل في ميادين المعركة وترحيل نظام دمشق لمزلة التاريخ مهمة مقدسة يتحمل مسؤوليتها أحرار الشعب السوري وحدهم، أما اجتماعات الفنادق الفاخرة فلن تكون بديلا عن حلول الخنادق، سينهار نظام بشار وستتلوث وجوه حلفائه الأوغاد بسواد العار التاريخي، واللعنة على قتلة الشعوب.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة