مختارات

الخميس 14 كانون الثاني 2016 - 07:04 الديار

... وتدهور أسعار الدمّ!!

placeholder

انها القنبلة التكنولوجية بدل القنبلة النووية!
كان ثمة سفير عربي في واشنطن، ولا حديث له هناك الا عن "الشيطان النووي الذي يدق ابوابنا". لم يكن يقصد، في اي حال، اسرائيل التي كان لها الدور الاكبر في تسويق الهيستيريا الايديولوجية في الشرق الاوسط. ايران كانت الشيطان النووي، ويفترض تحطيم اسنانه...

لم نتعلم شيئا من اسرائيل سوى الدوران، والى الابد، حول حائط المبكى. ادمغة اميركية واوروبية هي التي اقامت معهد وايزمان، وبعده مفاعل ديمونا، دون ان ننسى ان عالما يهوديا فذاً هو البرت اينشتاين رفض تنصيبه اول رئيس لاسرائيل، فيما كان للعالم الاخر حاييم وايزمان دور هائل في ظهور الدولة العبرية، ليكون البديل من الاب (الروحي والفيزيائي) للقنبلة الذرية...

كما لو اننا لم نكن نمتلك المال، لنبعث بالنابغين بيننا الى كبرى الجامعات والمعاهد التكنولوجية في الغرب علّ ذلك يساعد على انشاء البنية الصناعية والاقتصادية التي تنقلنا من البداوة الى الحداثة.

تكنولوجيا نحن عراة. سقوط النفط حوّلنا تدريجيا الى هياكل عظمية. العباءات لا تكفي لحجب واقع الحال. لم نتنبه الى الطريقة التي ينظر بها الاميركيون الينا، وقد عجزنا عن نقل المبادرة الديبلوماسية، التي جردتنا حتى من الملابس المرقطة، من بيروت الى نيويورك، والى الطريقة التي ينظر بها الاميركيون الى الايرانيين ومنذ مفاوضات فيينا و ما آلت اليه...
لن نتوقف عند ذلك التوصيف الفظ لارنست رينان، المستوحى من التصنيف النيتشوي او حتى النازي، حيث الادمغة الغليظة لدى الساميين وحيث الابداع لدى الآريين. الذي توقف هو وايزمان. لاحظ ان ثلاثة يهود (كارل ماركس، سيغمند فرويد، البرت اينشتاين) هم من حكموا القرن العشرين...

نسأل ما اذا كنا نعاني من عاهة بيولوجية، ودون ان نستذكر لا ابن سينا، ولا الخوارزمي، ولا البيروني، ولا الرازي الذين هم من تراثنا حين نصّر على البقاء كزبائن في لعبة التكنولوجيا، بالرغم من امكاناتنا المالية، والبشرية، الهائلة. الايرانيون، وفي ظروف قاتلة، لامسوا القنبلة النووية، وباتت لديهم ادمغتهم، او آلاف الادمغة في القطاع النووي؟

الايرانيون دخلوا ثقافة النانو. لا بأس ان تكون لدينا تحية كاريوكا وهيفاء وهبي. هيلين كارير- دانكوس تحدثت عن مارلين مونرو التي كان دورها في تقويض الامبراطورية السوفياتية اكثر فاعلية من دور الصواريخ العابرة للقارات. ولا بأس ان يعلّق شارل ديغول الوسام الاكبر على صدر بريجيت باردو (وما ادراكم ما صدر بريجيت باردو!) لانها قدمت للخزينة الفرنسية اكثر مما قدمته مصانع داسو لطائرات الميراج التي ندرك ماذا فعلت بنا في حرب عام 1967.

الورشة التكنولوجية في ايران تمضي على قدم وساق. الان نقرأ عن الاستنساخ التكنولوجي للكائن البشري من خلال الروبوت "سيرينا الثالث". متى نستطيع نحن ان "نخترع" عيدان الثقاب؟

حين اطلق الرئيس رونالد ريغان برنامج "حرب النجوم"، جاء المدير التنفيذي للبرنامج الجنرال جيمس ابرامستون الى تل ابيب في صيف 1981 ليوقع عقودا تتعلق بصناعة اسرائيل معدات ذات حساسية فائقة في البرنامج. في 14 كانون الاول من العام ذاته اقر الكنيست الحاق مرتفعات الجولان باسرائيل. صرخنا. الصراخ القبلي، لا الصرخة التكنولوجية...

عرب ويدقون ناقوس الخطر. بعد اقل من عقدين ستغدو ايران يابان الشرق الاوسط. واذا كانت الان تجتاح الدول، كما يقال، ايديولوجيا. الاجتياح المقبل سيكون تكنولوجيا. بعبارة اخرى... الاجتياح التكنو - ستراتيجي!

هؤلاء العرب يقولون ان اسرائيل، ومهما انتفخت تكنولوجيا، تظل محكومة بالهاجس الديموغرافي، وبكونها طارئة على الديناميكية التاريخية للمنطقة. ايران هي التي تخيف، بمواردها البشرية والمادية، وكذلك بالتقاطع الهائل بين الايديولوجيا والتاريخ.

الآن، وبراميل النفط تتدحرج هبوطا، اكتشفنا على اي كثبان من الرمال نقف. ما العائق الذي حال بيننا وبناء اقتصاد ماليزي او كوري او حتى تايلندي؟ انها البداوة، ايها الاعزاء...

اذاً، صراع سيزيفي بيننا نحن، الوالغون في لعبة القبائل، ومن سوريا الى اليمن مرورا بالعراق (لاحظوا التزامن بين تدهور سعر النفط وتدهور سعر الدم)، وبين الايرانيين الذين لا شك ان بعضهم الذين ليسوا على شاكلة محمد خاتمي او حسن روحاني، ينظرون الينا بالطريقة التي كان ينظر الينا الشاه المخلوع. قال لاحمد بهاء الدين "من هنا، اي من ايران، الى مصر، لا بشر".

بعد فوات الاوان، هل نستطيع ان نثبت للاخرين، بالدرجة الاولى ان نثبت لانفسنا، اننا بشر؟ بشر اسوياء؟

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة