وإذ يتولى السفير عيسى متابعة ملف تنفيذ اتفاق وقف النار بمعاونة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، فهو يتقدم في مقاربة ملف التفاوض بين لبنان وإسرائيل بخطى متسارعة، ووسط ضغوطٍ واضحة من إدارته على لبنان لتنفيذ بند “حصرية السلاح” والإصلاحات الضرورية، قبل الشروع في أي حراكٍ داعمٍ للبنان في مجالي الاقتصاد والإعمار، بموازاة دعم الجيش والأجهزة الأمنية.
بهذا المعنى، يكشف الوزير السابق كريم بقرادوني ل”ليبانون ديبايت”، عن موقع عيسى المتقدّم في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. فأهمية دور السفير عيسى، كما يوضح بقرادوني، تكمن في أنه على تواصل مباشر وفوري مع الرئيس ترامب، وهو لا يقدّم تقاريره عن الوضع اللبناني إلى وزارة الخارجية الأميركية التي تدرسه وترفع تقريرًا جديدًا بدورها إلى الرئيس ترامب.
ومن أبرز دلالات هذه العلاقة، بحسب بقرادوني، أن الرئيس ترامب يضع في أولوياته مسألة الحل في لبنان من ضمن الحلول في المنطقة، ولهذا السبب كان تكليفه للسفير عيسى، وذلك انطلاقًا من التعويل على دوره وإدراكه لواقع وتفاصيل الوضع اللبناني والمنطقة، وأيضًا لقدرته على وضع تصوّرٍ للحل في لبنان.
ولكن، هذا لا يعني غياب الدور الإسرائيلي في أي حلّ، إذ يرى بقرادوني أنه لا يمكن تجاهله، حيث إنها ما زالت الحليف الأول لواشنطن في المنطقة، مع الإشارة إلى أن القرار ليس إسرائيليًا في المنطقة، بل أميركيًا بالدرجة الأولى، وبالتالي، فإن أميركا هي صاحبة القرار وإسرائيل تنفّذ إرادة أميركا، رغم أنها قادرة على “الخربطة” في حال أرادت ذلك.
من هنا، وعلى الرغم من الكتمان الشديد الذي يحيط بالمحادثات التي يجريها عيسى مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، إلاّ أن بقرادوني يضع حراك السفير الأميركي في إطار تصوّرٍ عام يرسمه، وهو “تسيير المفاوضات بين لبنان وإسرائيل”.
وعليه، يحدّد بقرادوني مهمتين في روزنامة عيسى: تنفيذ المشروع الأميركي للمنطقة، ودفع عملية التفاوض بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي باتجاه تحقيق نتائج عملية ووفق إيقاع سريع.
ويشدّد بقرادوني على أن الدبلوماسية الأميركية “مفتوحة” على كل الأطراف المحلية، والهدف يبقى تنفيذ ما أعلنه ترامب من مشروع حلٍّ سريع، إنما من دون أن يعني سهولةً في التطبيق، خصوصًا وأن المفاجآت متوقّعة عند كل منعطف، فالشرق الأوسط “منطقة حافلة بالمفاجآت ولا يمكن توقّع سيناريو اليوم التالي”.
وبرأي بقرادوني، فإن واشنطن تعتبر أن التفاهم مع الرئيس بري يعني التفاهم مع “حزب الله”، والتفاهم مع الحزب يعني حلّ القضية اللبنانية. وبالتالي، فإن هذه المعادلة تختصر محادثات السفير عيسى، وإن كانت المعلومات شحيحة في هذا الإطار، حيث إن عناوين أخرى قد تكون مدرجة في جدول أعمال لقاءات عين التينة.
إنما الثابت، بحسب ما يؤكد بقرادوني، بالنسبة للتعامل الأميركي مع بري، أنه يأتي على أساس أنه “صاحب الحلّ والربط” على مستوى “الثنائي الشيعي”، إنما من دون أن يعني ذلك أنه يتفرّد بالقرار، بل يعرف “الحدود التي يتحمّلها حزب الله”.
ومن ضمن هذه الحدود، لا يمكن إغفال دور وتأثير المهمة التي أوكلها الرئيس بري إلى الوزير السابق علي حسن خليل عندما أوفده منذ أسابيع إلى إيران، حيث إن بقرادوني يتحدث عن “دينامية جديدة” في الكواليس الدبلوماسية سوف تتبلور نتائجها في المرحلة المقبلة.