مختارات

الثلاثاء 02 شباط 2016 - 07:09 الديار

وليد جنبلاط...!!

placeholder

لا نتصور ان وليد جنبلاط يريد ان يكون تيمور جنبلاط على شاكلته. هذه الحجارة التي في القصر، وبما تنطق به، كلها على كتفي وليد بيك. حتما، لا يرغب ان يورث ابنه عذابات التاريخ، وعذابات الثأر. تكفيه عذابات الطائفة. توضيحا... عذابات القبيلة. هكذا قال لنا.

لا نتصور ايضا ان تيمور جنبلاط يريد ان يكون على شاكلة وليد جنبلاط. انظروا الى تسريحته، والى اناقته. نموذج مختلف؟

كان ثمة من وصف كمال جنبلاط بـ"قضيب الزعرور"، اي رجل العقد. كنت اكتب في "الانباء". وفي اجتماع هيئة التحرير، كان المعلم يبدأ الحديث في السياسة ولا يلبث ان يدخل في الفلسفة التي كنت مأخوذا بها. قد اكون الوحيد الذي يبقى فاتحا عينيه، واذنيه، على مصراعيها، وهو يتنقل بين اريسطو وتيار دوشاردان. ولم اكن ارى فيه قضيب الزعرور بل...الطيف!

وليد جنبلاط يقرأ بشغف للبرتغالي جوزيه ساراماغو. لا ندري ما اذا كان قرأ لصاحب "الانجيل بحسب يسوع المسيح" قصته القصيرة، حيث السياسي لا بد ان يقتل اباه كي لا يكون هو قتيل ابيه. هل تطرق سيغمند فرويد الى هذه المسألة؟ لا ندري ما اذا كان بامكان مؤسس مدرسة التحليل النفسي ان يلج الى داخل وليد جنبلاط. ثمة حالات سريالية لا يفقهها احد. لا نعتقد ان وليد جنبلاط يفهم وليد جنبلاط...

لماذا نكتب عنه؟ ظاهرة لا بد ان يكتب عنها كثيرا لندرك لماذا كان على حق حين قال ان من الافضل ان يعمل المرء زبالا في نيويورك، ولم يقل في كلكوتا او في مقاديشو، على ان يكون سياسيا في لبنان. يا صاحبنا، لبنان يحتاج الى زبال كبير. حتى تمام سلام ضاق ذرعا بتلك القمامة البشرية...

وليد بيك الذي كما الراقص على صفيح ساخن، وهذا منطق الاشياء، يعلم ان السياسي في لبنان لا يستطيع الا ان يكون مهرجا او بهلوانا، رهينة او قهرمانة، مخاتلا او مشعوذا. بطبيعة الحال، هناك حالات شاذة. لهذا آثر وليد جنبلاط ان يكون زبالا في نيويورك...

سؤال اخر، لا من قبيل الفانتازيا اللغوية ولا من قبيل الفانتازيا السياسية، كيف يستطيع وليد جنبلاط ان يكون وليد جنبلاط وسط هذه الغرنيكا اللبنانية، وحجارة القصر كلها على كتفيه...

قال لنا غسان تويني "حين نكون في حفل اجتماعي، ترجوني زوجته انقاذه من تلك الضوضاء". افضل اوقاته ان يكون بعيدا، ووحيدا. الزاهد في الدنيا الى حد الغرق والاستغراق في كل شؤون الدنيا، والفيلسوف الذي يدرك ان البداوة جزء لا يتجزأ من اللوجيرغا اللبنانية.

اخيرا، تهكم على الديموقراطية في ايران. لا ريب انها ديموقراطية معقدة، ومركبة، وملتبسة، ولكن من قال ان الديموقراطية في اي بلد ينبغي ان تكون ديموقراطية كرومويل او ديموقراطية جيفرسون؟ هذا لا يعني (وبصراحة) ان مصطلح "مجلس تشخيص مصلحة النظام" لن يكون غريبا للبعض الا اذا كان النص باللغة الفارسية اكثر تناغما من الترجمة العربية...
هي ديموقراطية الولي الفقيه. اليس وليد بيك الولي الفقيه ايضا؟ من يستطيع ان يقول له "لا"، ومن لا يصفق له حين ينتقل من صداقة يفغيني بريماكوف الى صداقة كوندوليزا رايس، ومن اشتراكية فرانز فانون الى اشتراكية وول ستريت؟

على اي ديموقراطية يتهكم وليد بيك؟ لا مجال للعتب على اي سياسي اخر في لبنان، وتقتصر ثقافته على ثقافة الهوت دوغ (او على ثقافة الماعز)، لكن وليد جنبلاط «التقدمي الاشتراكي»، والمثقف الذي لا يشق له غبار، واللمّاح في اللغة وفي الفكرة، كيف يرى الديموقراطية في ايران ولا يرى الديموقراطية في بلداننا العربية الكبرى، حيث ديمقراطية الاقبية، وديمقراطية النصوص البلهاء (والنصوص الميتة) والاحذية التي في الرؤوس، والشمع الاحمر الذي في الافواه..

لا يمكن لاي كان ان يقبل ذلك الشكل الغريب من الديموقراطية في ايران وحيث تتم تصفية المرشحين الاصلاحيين بطريقة قطع الرؤوس، ولكن كيف لوليد بيك الذي يرى ما لا يراه الاخرون، الا يرى كيف تجثم القرون الوسطى على صدورنا وعلى ظهورنا بل وعلى ارواحنا...

هكذا يعلن الحرب على ايران، وقد لاحظ ما قال فيها باراك اوباما، وكيف استقبل حسن روحاني في باريس، ويعلن الحرب على روسيا، الصديقة القديمة لقصر المختارة ولاهل القصر، منذ زمن المطرقة والمنجل، والمعول والريشة. شعارات وحملتها الريح بعيدا...

مع من يقف وليد جنبلاط الان؟ لانقاذ الموحدين الدروز في سوريا يمتدح "جبهة النصرة" ويكاد يثني على تنظيم الدولة الاسلامية. من يعرف من هم الدروز في سوريا يعرف ما هو النبل، وما هي الشهامة، وما هي القيم التي باتت عندنا على عربات الخضر ولا همّ لها سوى الملابس الداخلية لهيفاء وهبي ومايا دياب...

هل هناك في دنيا العرب من هم اكثر بهاء، واكثر مناقبية، واكثر عنفوانا، واكثر عروبة، من دروز الجولان؟

يا وليد بك، ندرك ماذا يعني الرقص على صفيح ساخن، وندرك انك تستطيع، وفي هذه اللحظة التاريخية، ان تضطلع بالدور الاخر، ليكون دروز لبنان من ينقذ لبنان، لا ان نداري لهذا الغرض او ذاك (ولا داعي للتفاصيل) من نعلم انه لا مكان لهم لا في رأسك، ولا في قلبك، ولا في ثقافتك.

الطائفة الدرزية عميقة في التاريخ، عميقة في الجغرافيا، اعد اليها دورها!!

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة