اذا كان رئيس الحكومة تمام سلام يتوجه الى مؤتمر المانحين الذي يعقد في لندن الخميس بتفاؤل يبنيه على ما سمعه من الموفدين الاجانب والامميين الذين أعربوا أمامه عن نيتهم مساعدة لبنان لمواجهة النتائج السلبية المترتّبة من حجم النزوح وتداعياته على مختلف المستويات الأمنية والسياسية والاجتماعية، فان أطرافا رسمية أخرى تبدو أقل اندفاعا، وتنظر بحذر بالغ الى المقاربة الجديدة التي تتجه بعض الدول المانحة الى اعتمادها في ملف النازحين، حيث تقترح خططا تساعد اللاجئين على تدبّر أمورهم بأنفسهم في البلد المضيف، فتطلب من لبنان فتح سوق العمل أمام هؤلاء، الامر الذي ولّد "نقزة" داخلية عبّر عنها بوضوح فريقا التيار الوطني الحر والكتائب، اللذين قرأوا في هذه الاجراءات مدخلا الى توطين مرفوض، مؤكدين ان ما يجب ان يبحث مع الدول المانحة هو كيفية مساعدة اللاجئين على العودة الى بلادهم لا على البقاء في لبنان!
هذه المخاوف عززها الحديث عن ربط عدد من الدول الاوروبية بين المساعدات التي سيحصل عليها لبنان في المؤتمر وقبوله تشغيل اليد العاملة من النازحين السوريين، وقد أكد وزير العمل سجعان قزي في أكثر من حديث صحافي في الايام الماضية رفضه المطلق لهذا الشرط، مؤكدا تمسكه بقانون العمل اللبناني فقط. من جهته، رفع حزب "الكتائب" الصوت، فحذّر مكتبه السياسي امس "الحكومة من الخضوع لأي ضغوطات تهدف الى ربط المساعدات الدولية للبنان باستهداف اليد العاملة اللبنانية من خلال فتح سوق العمل بشكل عشوائي امام النازحين السوريين.
مؤكدا على "مرجعية وزارة العمل والقوانين اللبنانية في المواضيع ذات الصلة". وكانت بكركي بدورها حثت "الأسرة الدولية على التخفيف من الأعباء المادية والاقتصادية التي يرزح تحتها لبنان واللبنانيون، وفي الوقت عينه إنهاء الحرب في سوريا والعراق وتأمين عودة النازحين إليها في أقرب ما يمكن"، كما برز تنبيه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من ان "لا يمكن أن يكون استقبال النازحين على حساب اللبنانيين اقتصاديا وسياسيا". أما وزير الخارجية جبران باسيل الذي لطالما دعا الى خلق مخيمات منظمة للنازحين في أراض آمنة على الحدود اللبنانية – السورية لوضع حد لتدفقهم العشوائي، قبل ان يحتج أخيرا في الامم المتحدة على ما سُمي بـ"العودة الطوعية" للاجئين، لانها عبارة فضفاضة تطيل أمد بقائهم في لبنان وتمهد للتوطين، فأوضح منذ أيام "أن علينا الآن أن ندخل في مفهوم عودة النازحين إلى بلادهم، فهو الحل الوحيد والمتوافر واللازم لهذه الازمة".
مشيرا الى ان الخارجية ستطرح في لندن مشروع "STEP" الذي يقوم على خلق فرص عمل للبنانيين والسوريين في القطاعات المسموح للسوريين العمل فيها كالزراعة والبناء والصناعات الأخرى، لكنه أيضا يحفزهم على العودة الى بلادهم عبر ربط عملهم في هذه المشاريع بأفق زمني محدد على ان يسحبوا عائداتهم منها قبل مغادرتهم الى سوريا.
إزاء هذه المخاوف الداخلية، تقول اوساط الرئيس سلام " إن "همّ لبنان عودة النازحين ولن نقبل بالتوطين، وهذه سياسة الحكومة المتفق عليها ولا خلاف عليها على الاطلاق"، مؤكدة ان الوفد الرسمي لن يقبل بأي طرح لا يرضيه في لندن، داعية الاطراف المتوجسة والتي نتفهم هواجسها "المشروعة" الى عدم القلق". ويغادر سلام غدا إلى لندن على رأس وفد يضمّ وزيرَ التربية الياس بوصعب وعددا من المسؤولين المعنيين في الوزارات ذات الصلة، وسيطلب رئيس الحكومة بإسم لبنان من المجتمع الدولي دعماً مالياً بحدود 11 مليار دولار لصرفها في التعليم والبنى التحتية، وإيجاد فرص عمل، ودعم الأنشطة الإقتصادية الأخرى.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News