اقليمي ودولي

placeholder

24
الجمعة 05 شباط 2016 - 09:23 24
placeholder

24

ليبيا وفزَّاعة التدخل العسكري

ليبيا وفزَّاعة التدخل العسكري

"المجلس الرئاسي" الليبي الذي تشكل بموجب اتفاق الصخيرات، يعمل من تونس، لعجزه عن دخول طرابلس، بسبب خضوعها للميليشيات، وموقف المؤتمر الوطني الرافض للاتفاق، وبرلمان طبرق رفض التشكيل الموسع لحكومة الوفاق، وتحفظ على المادة الثامنة المتعلقة بالمناصب المدنية والعسكرية والأمنية العليا، ضارباً بآليات التعديل -الواردة بالاتفاق- عرض الحائط، مما يهدد بانهياره..

أول قرارات "المجلس" تشكيل لجنة لإجراء الاتصالات، ووضع الترتيبات الكفيلة بتأمين دخول الحكومة للعاصمة، لممارسة مسئولياتها، وهي مهمة شبه مستحيلة، لأن الصفقات مع الميليشيات تضع الحكومة رهينة لها.. التنظيمات الرافضة وزعت الأدوار بين قياداتها؛ التاريخي منها - مثل عبدالحكيم بلحاج القائد السابق للجماعة المقاتلة "الموالي للقاعدة"- انخرط في العملية السياسية، والتنفيذي يُعِد مخططات التفجير والإرهاب، ليحقق بها ما تعجز الدبلوماسية عن تحقيقه.. أما الميليشيات التي رحبت بالحكومة مثل "كتائب مصراتة" فتشترط عدم المساس بوضعها، وهي نفس الإشكالية التي واجهت حكومة علي زيدان، فعندما أوقف عنهم التمويل، خطفوه!!، ورغم العجز عن مواجهة الإرهاب، رفض أحمد معيتيق نائب الرئيس أي تدخل أجنبي.. إذن، أين المفر؟!.

الغرب يعول على نجاح حكومة الوفاق في تولي مهامها، من داخل العاصمة، والسيطرة على المؤسسات السيادية، خاصة البنك المركزي، لوقف تمويل الجماعات المسلحة، لذلك شرع فى تنفيذ خطة تهويل وترهيب وتهديد، لدفع أطراف العملية السياسية للمرونة استناداً لمحورين:

الأول: ترويج أخبار "ملونة" لمضاعفة التخوفات من قوة داعش؛ انتقال قيادة التنظيم برئاسة أبوبكر البغدادي لسرت.. تأسيس قيادة مختصة بتنفيذ العمليات ضد الغرب، بدأت بعملية باريس.. وصول قوته العددية لـ5000 مقاتل، وهو رقم يقترب من ضعف القوة الفعلية.. تدريب المقاتلين على قيادة الطائرات قرب مطار سرت!!.. تحذير كليف جونستون قائد بحرية "الناتو" من سعي "داعش" لامتلاك أسطول بالمتوسط، لشن هجمات انتحارية ضد سفن التجارة والسياحة ومنصات النفط!!.. اتصالات مع القاعدة والإخوان لتشكيل "مجلس شورى" موحد لمواجهة حكومة الوفاق، داعش تسيطر في الشرق على شريط ساحلي يمتد من شرق بنغازي حتى درنة بطول 300 كم، وفي الغرب بطول 250 كم من سرت حتى بن جواد، وبعض مناطق صبراتة ومصراتة وصرمان بمحيط طرابلس، وتسعى لاحتلال طريق "أجدابيا – البريقة" لعزل قوات حرس المنشآت البترولية، تمهيداً لاحتلال المثلث النفطي "البريقة - رأس لانوف – أجدابيا"، لتوفر مصدر للتمويل يسمح لها بالانطلاق لقلب القارة الأفريقية.

الثاني: التهديد بشن حرب شاملة على الإرهاب، تتحمل حكومتا طبرق وطرابلس تبعاتها، أسوة بالجماعات المسلحة؛ نيويورك تايمز كشفت أن فرق العمليات الخاصة الأميركية والبريطانية تنفذ منذ شهور مهاماً سرية بليبيا، لتحديد زعماء المسلحين، ورسم خريطة لشبكاتهم، ومحاولة استمالة حلفاء من بينهم.. تكثيف البنتاجون لعمليات جمع المعلومات، تمهيداً لشن غارات جوية وعمليات خاصة.. أميركا اتخذت قراراً بالحرب، وأوباما طلب تفويضاً من الكونغرس، والجنرال جوزيف دانفورد رئيس الأركان الأميركي تلقى تفويض أوباما باستخدام القوة ضد داعش، ومنع تواصلها مع الجماعات المسلحة فى أفريقيا، ثم زار بريطانيا وفرنسا وإيطاليا لإعداد مسرح العمليات.. القيادة العسكرية الأميركية فى أفريقيا (أفريكوم) أعلنت تضمن خطة عملها خلال السنوات الخمس المقبلة التدخل العسكري في ليبيا، وإحكام الخناق على الجماعات الإرهابية..

وصول عناصر من مخابرات القوات الجوية البريطانية sas إلى ليبيا، لتحضير الأرضية وجمع المعلومات الضرورية تمهيداً لقدوم القوة العسكرية للحلفاء "أميركا، إيطاليا، فرنسا وإسبانيا".. الطيران الفرنسي ينفذ طلعات تجسس وتدريب فوق ليبيا وأمام سواحلها، مستخدماً طائرات التزوّد بالوقود C135k، استعداداً لتنفيذ طلعات قتالية انطلاقاً من قاعدة "مادما" في النيجر، ومدرعات الجيش الفرنسي تنتشر بصحراء شمال أفريقيا، لقطع طرق تحرك الإرهابيين والمهربين.. تمركز المقاتلات الإيطالية AMX وطائرات Predator بدون طيّار فى صقلية، وتنفيذ طلعات فوق درنة.

تنفيذ خطة الترهيب يستهدف الضغط، لانتزاع اعتراف أطراف العملية السياسية بالحكومة، التى يمكن أن تمنح الشرعية للتدخل، أما التدخل قبل ذلك فإنه يُسقِط اتفاق الصخيرات، سيناريو التدخل يتم دراسته منذ شهور؛ أهم ضوابطه الحد من الخسائر البشرية لقوات الحلفاء، وهو ما أكدته فيدريكا موجرينى مفوضة السياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي بأنه طلن يكون هناك تدخل على الأرض"، ويعني ذلك الاعتماد على القصف الجوي والبحري والصاروخي، مع ما يؤدي له من خراب، وإضرار بالمدنيين، ويفرض ذلك الاستعانة بقوات برية محلية، مما يفسر التراجع عن إبعاد حفتر، وقبول إدماجه ضمن العملية السياسية، بعد إضعاف موقفه، ليسهل تطويعه، بالانشقاق الذى نفذه محمد حجازي المتحدث الرسمي للجيش، وعدد من أمراء وقادة المحاور، وتوتر علاقته بإبراهيم الجضران قائد قوات حرس المنشآت النفطية، التابع تنظيمياً للجيش، المستقل عنه إدارياً..

الاتفاق مع كتائب مصراتة، وبعض تشكيلات فجر ليبيا يستهدف أداء دور مماثل بالمنطقة الغربية، أما من خارج ليبيا فقد عكست زيارتا لويد أوستن قائد القيادة المركزية الأميركية، وجون برينان مدير المخابرات للقاهرة، أن هناك تعويلاً على دور مصر، إلا أنها تحفظت على التدخل الخارجى، وتمسكت بضرورة تعزيز قدرات الجيش والحكومة للاضطلاع بمهامهما فى استئصال الإرهاب، المغرب وافق على تقديم الدعم اللوجيستي، بعد زيادة أعداد متطوعيه للانضمام لداعش، وهناك تنسيق وتعاون مخابراتي مع الجزائر، خاصة بعد تبني داعش التفجير الانتحاري بعين الدفلى غرب العاصمة.

العمليات ستقتصر على استهداف جوي مكثف لقادة داعش -على نحو ما تم ف نوفمبر الماضي بقتل أبونبيل العراقي- ولمعسكراتها ومخازن أسلحتها، وتقديم الاستشارات والتدريب للقوات الليبية.. الدائرة السياسية بالاتحاد الأوروبى، اقترحت دفع تشكيلات عسكرية لتأمين المطارات والمباني الحكومية، ومراقبة وقف محتمل لإطلاق النار، لكن ذلك لم يتم إقراره.. الخطة تشتمل على بُعد غير عسكرى؛ يتضمن تدريب وتجهيز حرس الحدود والسواحل لتأمين منافذ الدولة، بسط الأمن فى طرابلس، نزع السلاح، تطهير الألغام، إعادة المهاجرين لمواطنهم الأصلية، تنظيم السياسة الإعلامية، إعادة بناء المؤسسات، ودعم قدرة الحكومة على إدارتها، وتشغيل المرافق العامة، التدريب والمشورة والدعم الفنى لشئون الحكم المحلى والصحة والإعلام.. ورغم طموح الخطة لم يعتمد لها الاتحاد الأوروبى سوى 100 مليون يورو، ما يعكس نية السيطرة على قطاع البترول لتوفير مصادر تمويلها!!.

أميركا تتعجل التدخل، حتى لا تترك لروسيا فرصة التواصل مع حكومة الوفاق، لاستعادة وجودها القديم في ليبيا، لكن أهدافها لن تتجاوز "منع تمدد داعش، دون إنهاء الدور الذي تأسست لأدائه بالمنطقة"، مكررة نفس أخطاء ضرباتها فى العراق وسوريا قبل التدخل الروسي.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة