رعى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ممثلا براعي أبرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله ندوة عن كتاب "الخوري يوحنا طنوس في أدبه وشعره" للأب جورج عقل اليسوعي وتنسيق ونشر جورج نون.
ثم ألقى خيرالله كلمة قال فيها: "أولاني صاحب الغبطة والنيافة البطريرك مار بشاره بطرس الراعي الكلي الطوبى شرف تمثيله في هذه الندوة التي نكرم فيها مرة جديدة رجلا كبيرا من رجالات الكنيسة والوطن، الخوري يوحنا طنوس، ابن غوما. وأنقل إليكم تحياته وتمنياته بأن يكون من نكرمه مثالا وقدوة لنا في سلوكنا وثقافتنا. لن أدخل في تفاصيل مسيرة حياة الخوري يوحنا طنوس الذي ولد في غوما سنة 1866 من والد شاعر زجلي هو طنوس بن يوحنا بن ديب بن الخوري وهبه، لكني ألخصها بالقول إنه أحب العلم والأدب والشعر منذ صغره. وراح يتنقل بين مدارس غوما والقدس وكفرحي - مار يوحنا مارون - والمكسيك، إلى أن حط رحاله سنة 1890 في المعهد الإكليريكي الشرقي في جامعة القديس يوسف بيروت، الذي كان بإدارة الآباء اليسوعيين، حيث درس الفلسفة واللاهوت لمدة تسع سنوات قدم بعدها أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في اللاهوت. وارتسم كاهنا، وراح يدرس ويؤلف ويعظ ويرشد".
أضاف: "نظرا لحدة ذكائه وبلاغته، طلب منه الآباء اليسوعيون، أن يعلم في الجامعة البيان والخطابة والأدب العربي لمدة عشر سنوات. ثم انتقل ليعلم في مدرسة سيدة النصر كفيفان، ومدرسة سيدة ميفوق، والكلية الوطنية في بانياس. وتتلمذ على يده عدد كبير من مشاهير لبنان أمثال الشيخ بشاره الخوري ورياض الصلح وجورج حيمري ويوسف السودا".
وتابع: "على الرغم من شخصيته المتعددة المواهب، إذ كان يعرف بأنه شاعر وخطيب ومؤرخ وأديب وكاتب ومفكر ولاهوتي ومؤلف مسرحي، كانت شخصية الشاعر هي الطاغية في كل نتاجه. كان شاعرا في خطاباته وفي أدبه وفي مواعظه وفي عمله وفي حياته اليومية، وبخاصة في مسرحه، وقد تميز نتاجه الشعري والمسرحي بصبغة لبنانية فريدة وبوجه عربي. وفي كل ما كتب من مسرحيات، كان الشعر هو الأبرز. وعرف كيف يحافظ على جدلية متوازنة في العلاقة بين الشعر والمسرح. فاشتهر الخوري يوحنا طنوس بأنه رائد الأدب المسرحي بدون منازع".
وقال: "إذا كان أحدهم اعتبر أن رائد الأدب المسرحي هو أمير الشعراء أحمد شوقي إثر صدور أولى مسرحياته "مصرع كليوباترا" سنة 1927، فإن الخوري يوحنا طنوس كان قد بدأ ينتج أدبا مسرحيا عاليا منذ عام 1901. وكان له حتى سنة 1927 ما لا يقل عن خمس وعشرين مسرحية. كتب الخوري يوحنا طنوس بين سنة 1901 و1946، سنة وفاته، سبعا وثلاثين مسرحية، كان آخرها مسرحية " عذراء لبنان" أو " سيدة قنوبين" وهي مسرحية مريمية وطنية تاريخية. واستقى مواضيع مسرحياته من التاريخ العام (سبع مسرحيات)، من التاريخ العربي (ست مسرحيات)، من التاريخ اللبناني (تسع مسرحيات)، من الكتاب المقدس العهد القديم (عشر مسرحيات)، من تاريخ القديسين (ثلاث مسرحيات)، ومن مواضيع اخلاقية عامة (مسرحيتان). إلى جانب حبه للغة العربية وآدابها، عرف الخوري يوحنا طنوس بحبه للعروبة، نادى بعروبة لبنان، داعيا إلى انفتاح واسع على المحيط العربي يجعل من لبنان جنة يرتادها العرب بكل فئاتهم، ملوكا وحكاما وشعوبا. وهو في موقفه هذا يعود إلى البطريرك اسطفان الدويهي، المؤرخ والمفكر والمصلح، الذي كان أول من دون تاريخ كنيسته المارونية في تزامنه مع التاريخ الإسلامي والعربي بحيث أن التاريخين أصبحا عنده تاريخا واحدا".
أضاف: "هذا ما عاد وردده على مسامعنا البابا القديس يوحنا بولس الثاني في إرشاده الرسولي "رجاء جديد للبنان" سنة 1997، أي بعد واحد وخمسين سنة على وفاة الخوري يوحنا طنوس، قائلا لنا: "إن الكنيسة الكاثوليكية منفتحة على الحوار والتعاون مع المسلمين في لبنان. وتريد أن تكون منفتحة على الحوار والتعاون مع مسلمي سائر البلدان العربية، ولبنان جزء لا يتجزأ منه. وفي الواقع أن مصيرا واحدا يربط المسيحيين والمسلمين في لبنان وسائر بلدان المنطقة. بودي أن أشدد، بالنسبة إلى مسيحيي لبنان، على ضرورة المحافظة على علاقاتهم التضامنية مع العالم العربي وتوطيدها. وأدعوهم إلى اعتبار انضوائهم إلى الثقافة العربية، التي أسهموا فيها إسهاما كبيرا، موقعا مميزا، لكي يقيموا، هم وسائر مسيحيي البلدان العربية، حوارا صادقا وعميقا مع المسلمين" (عدد 93)."
وختم: "كم نحتاج اليوم نحن اللبنانيين إلى أمثال البطريرك الدويهي والخوري يوحنا طنوس لنعمل معا، مسيحيين ومسلمين، على إعادة بناء لبنان، كما أراده البطريرك الحويك واللبنانيون معه، وطنا رسالة في الحرية والعيش الواحد المشترك، في احترام تعددية الطوائف والأديان والحضارات والثقافات، وأن نعمم هذه الخبرة على مجتمعاتنا وأوطاننا في العالم العربي التي تسعى إلى ربيع لها في الحرية والديمقراطية، وأن نكون لشعوبنا قيمة ثقافية مضافة واسهامات جديدة في تعزيز حضارة التلاقي والحوار."
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News