عاد فجأة حديث الحرب مع إسرائيل عند منظومة "حزب الله" الى الصدارة، بعد أن غاب طويلاً بحكم الحروب التي ينخرط فيها الحزب في المدار المحيط، كما بحكم "التعديلات" التي أدخلها على أجندته التعبوية واستبدل بموجبها، اليمن بفلسطين، والسعودية "بالصهاينة والأميركيين" دفعة واحدة!
و"حديث" الحرب، بداية، هو غير الحرب! فهذا يحضر مثلما تحضر إسرائيل، عندما يضمر خطاب الممانعة تحت وطأة ارتكابات أصحابه.. وعندما يجد هؤلاء حاجة ماسة (وطارئة) لإعادة الشماعة (قضية فلسطين) الى صدر الدار، علّها تلمّ وتحمل قمصان الفتن المستحيلة، والأدوار العبثية، والمواجهات الغلط في الأمكنة الغلط، وفي الساحات الغلط!
«وحديث» الحرب شيء، والحرب شيء آخر. هو وارد وهذه أيامه، لتأمين غطاء ما عاد يغطي شيئاً.. ولتبرير ارتكابات ما عاد لعقل أو عاقل أن يبررها! أما هي فدونها حسابات وإرادات وقرارات وسياسات، في أولها أن واشنطن ليست في هذه المرحلة، في وارد إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل لشنها، تبعاً للتركيز المكثف على «الارهاب».. ثم تحصيناً للمسار الذي أطلقته إدارة مستر أوباما مع إيران، ثم لتركيز "الاستقرار" اللبناني ومنع تعريضه (على ما يُقال) لمخاطر لا تفيد أحداً(؟).
وثانيها، ان الطرف الآخر المعني بهذه الحرب، أي "حزب الله" لا يقدم أي إشارة على سعيه إليها! أو طلبه لها! أو رغبته في تشتيت انتباهه الإقليمي المصبوب على سوريا والضرورة الربّانية لانقاذ رئيسها السابق بشار الأسد وبقايا سلطته من الاندثار.. كما على اليمن والضرورة الربانية (بدورها) لمنع انهيار الانقلاب الايراني الذي نُفّذ على أيدي بني حوث والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.. كما على «معركة المصير» التي فتحها مع الخليج العربي عموماً والسعودية خصوصاً من أجل أن تؤكد ايران مركزية وأولوية ومحورية دورها في المنطقة، ومن أجل إشغال وإرباك كل من يقف في وجهها ووجه مشروعها الامبراطوري ذاك!
وثالثها، أن إسرائيل (مثل الولايات المتحدة بالمناسبة) تراكم منذ خمس سنوات إنجازات ما كانت لتحلم بها، نتيجة سياسات وحروب "أعدائها"، وليست (منطقياً) في حاجة لأن تتدخل في هذه اللحظة (التاريخية) لإفساد المشهد في عمومياته وتفاصيله.
تتحرك أدواتها الاعلامية والسياسية لتطلق بين الحين والآخر كلاماً متذاكياً ينم عن "قلقها" من تنامي "قدرات وخبرات مقاتلي حزب الله" نتيجة معاركهم في سوريا! غير ان ذلك، لا يغطي، سوى بشكل كاريكاتيري بدائي وبائس، حقيقة اندهاشها بحجم العطاءات المجانية التي تحصدها من تورّط "حزب الله" في سوريا، وفي الدم السوري، وفي الفتنة الإسلامية، وفي تفتت وانكسار "فكرة" مركزية النزاع معها! وأولوية "قضيتها" في الوجدان العربي العام! عدا عن تمتعها الأكيد، في رؤية كل ذلك الاستنزاف الذي تتعرض له "المقاومة" بشرياً ومادياً في سوريا وعلى حطام مؤسساتها وجيشها، الذي يعني في محصّلته تغييب مخاطر هذه الدولة لعقود وعقود آتية!
يطغى احتمال الحرب على "حديث" الحرب، في حالة واحدة: عندما يبدأ "حزب الله" في العودة الفعلية من سوريا الى لبنان.. وفي تقديم إشارات جدّية على خروجه من ورطاته الفتنوية في العالمين العربي والاسلامي.
والى ذلك الحين، يخطئ كثيراً من يفترض أن الغباء الذي فيه، يُعدي الأعداء!
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News