هي اللحظة السوفياتية في وجه القيصر. ايام زمان كانت اجهزة الاستخبارات العربية، او الصحافيون، يحاولون قراءة ما وراء جدران الكرملين من خلال الصور التي تظهر في المناسبات الرسمية...
فلان الى صعود وفلان الى هبوط. قراءة الوجوه كانت اسهل من قراءة الفنجان. اذاً، علينا ان نقرأ في وجوه فلاديمير بوتين و سيرغي لافروف وسيرغي شويغو عبر الصورة التي التقطتها وكالة الصحافة الفرنسية.
كان ثمة وجوم. وكان ثمة قرار غامض في الوجوه. نخشى ان يؤخذ علينا اننا في قراءتنا السيكولوجية هذه اثقل ظلاً من الذين تستدعيهم شاشاتنا لتحليل (غبي) لحركات اليدين او لتعابير الوجه لدى اهل السياسة...
ما الذي حصل حتى يأتي القيصر بذراعيه الديبلوماسي و العسكري، هكذا فجأة، الى الكرملين، للاعلان الصاعق عن سحب القوى الاساسية من سوريا التي بعض اهلها كانوا يرون في قاذفات السوخوي راقصات البولشوي، والبعض الاخر يرى فيها الطيور الابابيل؟
غضب من دمشق التي رفضت اقتراحات معينة تتعلق بالمسار التفاوضي في جنيف- 3 ام اتصال مع حاكم عربي كبير قال لفلاديمير بوتين «اللي تشوفو»مقابل كذا وكذا وكذا ام وام وام...؟
لن ننسى يوما ان لعبة الامم هي لعبة الاسواق، ولعبة المصالح، ولعبة الاستراتيجيات. ابحثوا عن مكيافيلي في عقل اي سياسي. عندنا ابحثوا عن هولاكو حيناً وعن دونكيشوت حينا آخر..
لا يستطيع النظام، مهما قال، ان يضحك علينا ويوحي بأنه ليس قلقا. هو الذي كان يأمل باستعادة حلب وادلب لكي توارى المعارضة الثرى. وليس بوسع المعارضة اقناعنا بأن الضفدعة تحولت الى ثور، بالرغم من كل الضخ المالي والسياسي، وبأن رياض حجاب يمكن ان يتحول، بقدرة قادر، او بسحر ساحر، الى زاباتا او جون ترافولتا او (والعياذ بالله) الى انجلينا جولي التي بهرتنا و بهرت صديقنا الرئيس تمام سلام في السراي.
نسينا، وهذه غلطة لا تغتفر. كنا عنده ولم نسأله ما اذا كان قد استعد نفسيا للقاء النجمة الهوليوودية الفاتنة و...الفاخرة.
لطالما اخفقت محاولات واشنطن، بكل امكاناتها، في تنفيذ انقلاب عسكري في سوريا (مايكل هايدن اعرب عن دهشته). هل تنجح محاولات موسكو تنفيذ انقلاب سياسي هناك؟
لا ندري ما اذا كنا سذجا اذا ما اخذنا بالرأي القائل ان القرار الغامض، والمفاجىء، هو لاحداث مناخ يفضي الى اطلاق ديناميكية ديبلوماسية، تمكّن موسكو من الامساك بالخيارين العسكري والسياسي في سوريا.
الان، نحاول بمشقة ان نستعيد كل التفاصيل. الروس جعلوا البعض على حافة النصر وجعلوا البعض الاخر على حافة الهزيمة. هذا هو الوضع المثالي لكي تمضي العملية الديبلوماسية الى خاتمتها السعيدة..
لندع خيالنا يعمل قليلا: هل تحل روسيا محل اميركا في الشرق الاوسط؟ فلاديمير بوتين قال، في بدايات الازمة السورية، ان قواعد النظام العالمي الجديد تنطلق من سوريا.
الرجل يريد ان يحقق كل شيء قبل ان يغادر باراك اوباما البيت الابيض. يتمنى ان يصل دونالد ترامب الى الرئاسة ليس لانه يكره المسلمين داخل اميركا فحسب، بل ويكرههم خارج اميركا، اي انه قد يسحب اساطيله من المنطقة ويبعث بها الى الباسيفيك، حيث الامبراطوريات الكبرى وحيث الاسواق الكبرى، حيث التحديات الكبرى...
اذا وصلت هيلاري كلينتون تكون المشكلة. هي تنتمي الى اميركا القديمة، وقد تعيد احياء الحرب الباردة، وان كانت القصة الاميركية كلها في وول ستريت. الاقتصاد الاميركي، وهو الاقتصاد الاسطوري الذي يتواجد في اي بيت، في اي كوخ، على امتداد العالم، بات الان نقطة الضعف داخل الخيال الاستراتيجي الاميركي...
جوزف ستيغليتز وبول كروغمان، الاثنان حائزان جائزة نوبل في الاقتصاد، يحذران من «الذهاب الى هيروشيما». ما حصل عام 2008(الازمة المالية) يفترض الا يستعاد. اذا حدث ثانية فقد تتفكك اميركا. اذاً، لاحروب، ولا مغامرات، بل خطوات متزنة على الجليد...
انتهى زمن التزلج على النيران. قال هنري مور ضاحكا «ليكن لنا خيال الديك الرومي لا خيال الفيلة»!
رصدنا التحليلات والاستنتاجات شرقا وغربا. بعضهم شطح كثيرا. روسيا لم تغادر سوريا. القيصر يريد الدخول الى مناطق في الشرق الاوسط لطالما كانت محرمة على الدببة القطبية!
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News