مختارات

محمد مشموشي

محمد مشموشي

المستقبل
الأحد 03 نيسان 2016 - 06:50 المستقبل
محمد مشموشي

محمد مشموشي

المستقبل

"إعلان الحرب" على العالم.. من لبنان!

placeholder

يبدو أن ما ينقص لبنان هو أن يعادي العالم، أو ربما أن يعلن الحرب عليه. والمعنى هنا، ليس حرباً عسكرية إنما سياسية وحتى أخلاقية. لكن الأدعى للتساؤل أن يفعل ذلك نتيجة سوء تقدير، أو بسبب شائعة أو حتى كذبة ملفقة حتى لا نتحدث عن نية مبيتة. بل وأكثر من ذلك، يبدو أنه لم تعد تكفي لبنان مشكلاته التي لا تعد ولا تحصى، وكلها قريب من الاستعصاء، لكي يبحث عن مشكلات أخرى له، أو حتى أن يفتعلها عامداً، مع دول وشعوب ومنظمات في العالم لم تقدم له يوماً ولا أضمرت إلا كل خير، فضلاً عن منحها اياه ما يعرفه الجميع من العون المادي والمساعدة السياسية.

ذلك أن المشكلات اللبنانية الكبرى، سياسياً وأمنياً ومالياً واقتصادياً واجتماعياً، والتي فشل ساسة لبنان في معالجتها على مدى أعوام بل عقود، كانت تقتضي منهم أن يعملوا على تخفيض عددها ووتيرتها على الأقل، لا أن يلجأوا أو بعضهم الى إضافة مشكلات أخرى اليها، لا سيما مع الجهات التي سعت دائماً لمد يد العون للبنان، والمساهمة في إنقاذه عندما كانت مشكلاته الداخلية تصل الى نقطة الخطر. وإذا كان لدى هذا البعض ما يأخذه على تلك الدول أو المنظمات، سواء في السياسة أو في طريقة مقاربتها للقضايا اللبنانية المحلية، فكان يجدر به على الأقل أن يضع في حسابه مصلحة البلد قبل أية حسابات ضيقة له أو لفريقه السياسي.

يسري الأمر هنا على مواقف وزير الخارجية جبران باسيل في كل من مؤتمري وزراء الخارجية العرب ووزراء خارجية الدول الإسلامية، تجاه قضية لا يمكن لأحد في العالم أن ينكر أحقيتها (الاعتداء على بعثة ديبلوماسية لدولة ما في دولة أخرى)، كما أخيراً على موقفه من البعثة الدولية الرفيعة التي زارت لبنان برئاسة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وعضوية رئيسي البنك الدولي والبنك الإسلامي تحت عنوان مساعدته على مواجهة تحدي المليون ونصف المليون من النازحين السوريين اليه خلال الأعوام الخمسة الماضية.

وليس خافيا أن سوء التقدير في الأولى (اعترف به الوزير، من خلال محاولاته المتكررة لاحقاً لقول ما لم يقله عبر التصويت في المؤتمرين)، والسير وراء شائعة كاذبة، أو كذبة مفتعلة، في الحالة الثانية تضع مساعدة المنظمة الدولية والمصرفين العالميين تحت مسمى «مؤامرة» أممية لتوطين النازحين السوريين، ومعهم اللاجئون الفلسطينيون الذين نزحوا من سوريا، في لبنان.

ومن دون مناقشة سوء التقدير، أو إساءته المتعمدة، فلا حاجة للقول إن امتناع زميله وزير الداخلية نهاد المشنوق عن التصويت، في مؤتمر وزراء الداخلية العرب، على وصف «حزب الله» بأنه تنظيم إرهابي، كشف بما لا يدع مجالاً للشك أن موقف الأول في المؤتمرين السابقين كان مفتعلاً من ناحية أولى، ولدواعٍ مختلفة كلياً عما حاول أن يعطيه من «مبررات» له من ناحية ثانية.

أما في الحالة الثانية، فيكفي اللبنانيين استذكار ما قامت به الوكالة الدولية لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» طيلة الأعوام الـ65 السابقة، ليس في لبنان فقط بل في سوريا والأردن ومصر وغيرها أيضاً، للقول إن «مؤامرة» التوطين المزعومة لم تنجح لا في إقناع الفلسطينيين بعدم العودة الى بلادهم، ولا كذلك في فرض الأمر على أي من الدول المضيفة لهم. وفي لبنان تحديداً، لا بد يعرف الوزير وغيره، أنه يمنع على الفلسطيني العمل وحتى امتلاك سقف يقيه البرد في فصل الشتاء والقيظ في الصيف.

لكن، لماذا اذاً هذا النوع من الممارسة في «العمل السياسي»، عملياً اللاسياسي، من الوزير باسيل؟.

قد لا يكون مبالغاً به القول إنه لا يتعلق فقط بالدفاع عن حليف تياره الأساس، «حزب الله»، والوقوف الى جانبه في وجه اتهامه بالإرهاب والتدخل الميليشيوي والمخابراتي في شؤون البلدان الخليجية. ولا كذلك «رد الجميل» له على تمسكه بترشيح رئيس هذا التيار، النائب ميشال عون، لرئاسة الجمهورية وتعطيل البلاد والعباد على مدى حوالى عامين بنتيجة هذا الموقف. ولا أيضاً، كما يدعي هذا التيار، اتهام المملكة العربية السعودية بمناهضة ترشيح عون ورفض وصوله الى الموقع. ولا... ولا...!!

غالب الظن، أقله كما يشي خطاب باسيل وتياره السياسي في الفترة الأخيرة، أن وراء مواقفه هذه نوعاً من «إعلان الحرب»، ليس على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي (العالم الغربي والمسيحي) فقط إنما أيضاً حتى على رأس الكنيسة الكاثوليكية في الفاتيكان بدعوى «تخلي» هؤلاء عن المسيحيين في لبنان وفي الدول العربية والإسلامية الأخرى في الشرق.

أما مبرر هذه الحرب وعدتها، فجاهزان في لبنان والمنطقة كما في الغرب المسيحي نفسه: «داعش» وارتكاباته من ناحية، والحرب العالمية ضده وضد الإرهاب من ناحية ثانية، ولكن أساساً وقبل ذلك من وجهة نظر رافع الراية، راية «إعلان الحرب»، ما يسميه مسألة الأقليات في المنطقة.

وهل يعني غير ذلك، في واقع الحال اللبناني، تكرار القول في كل مناسبة إن ضحية مسألة الأقليات هذه في المرحلة الحالية هو الأقوى مسيحياً... والذي يمنعه غير المسيحيين من الوصول الى رئاسة الجمهورية في لبنان؟.

ولا أهمية هنا لما قد يلحق بلبنان، الدولة والشعب والوطن، من أضرار وخسائر وسمعة سيئة بنتيجة ذلك.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة