خاص ـ "ليبانون ديبايت"
تتّسم الإنتخابات البلدية في الدامور بنكهة خاصة، فأبعد من رمزية هذه البلدة الساحلية إن لناحية موقعها الجغرافي كنقطة وصل بين الجنوب وبيروت وبوابة الشوف، أو لناحية الثقل الإنتخابي الذي تمثله الدامورـ أكبر أقلام الشوف الإنتخابية المسيحية، أو لناحية رمزية الدامور وما تعنيه للمسيحيين من بطولة ومعاناة وتهجير ومجزرة، فبعيد الذكرى ٤٠ للنكبة تبدو الدامور على منعطف تاريخي نظراً لتداخل عوامل متعدّدة في انتخاباتها البلدية:
ـ للمرة الأولى منذ انتهاء الحرب الأهلية الأليمة، وبعد ثلاث إستحقاقات بلدية عام ١٩٩٨ و٢٠٠٤ و٢٠١٠، تنتظم قوى وفعاليات وعائلات وجمعيات دامورية في جبهة واحدة، هدفها التغيير والإتيان بمجلس بلدي وإختياري جديد، بعد فشل المجلس البلدي الحالي، برئاسة المحامي شارل غفري، الممسك بالسلطة البلدية منذ عام ٢٠٠٤، في إعادة قسم كبير من أهل الدامور إلى بلدتهم التي لا تبعد الّا كيلومترات قليلة عن بيروت، كما يأخذ كثيرون على غفري، إعطاءه الأولوية للمصلحة الخاصة على حساب مصلحة الدامور، نظراً لتشعّب علاقاته التي أنتجت مشاريع خاصة على البحر وعلى اوتستراد صيدا بيروت وداخل الدامور، لا يملك أهل الدمور إلّا نسبة ضئيلة جداً منها، بعضها تمّ بالشراكة مع نائب الدامور إيلي عون. كما ساهم إغلاق الغفري الدامور أمام أي مشروع إنمائي أو إجتماعي، كالمستشفى الذي حاول الوزير السابق ماريو عون إنشاءه، أو الحدائق العامة والملاعب البلدية التي حاول رجال أعمال من الدامور إقامتها، والتي جوبهت جميعاً بعرقلة بلدية - فاضحة.
ـ للمرة الأولى أيضاً تخوض "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" إستحقاق إنتخابي بالتكافل والتضامن، وهذا أيضاً سينسحب على الدامور، وهنا يسعى رئيس البلدية الحالي إلى إقناع الأحزاب المسيحية بعدم الإنغماس في إستحقاق بلدي له طابع عائلي، بعد نجاح المعارضة المنتظمة تحت مسمى "الدامور هويتي" وتضم وجوه دامورية بارزة برئاسة رجل الأعمال إلياس العمّار، في إحداث اختراق نوعي لدى "التيار الوطني الحر"، بدعم مطلق من الوزير السابق ماريو عون، ما تُرجم تغطيات عبر شاشة "أو. تي. في" لمصلحة التغيير في الدامور، كما تبلّغ الغفري موقف قواتي واضح يدعو للتغيير، وهنا يسعى نائب قائد "القوات اللبنانية" جورج عدوان إلى بلورة موقف قواتي - عوني مشترك، عنوانه التغيير، بحيث تتمظهر المصالحة المسيحية - المسيحية إيجابياً على أرض الواقع، خصوصاً في مناطق هي بأمسّ الحاجة إليها وعلى رأسها الدامور.
ـ للمرة الأولى أيضاً يستشعر آل غفري بجدّية المنازلة الإنتخابية، مع اتساع رقعة التغيير خصوصاً بين الشابات والشباب الداموري، وهنا ساهمت مواقع التواصل الإجتماعي في خلق مناخ تغييري واضح، وتسعى العائلة الممسكة ببلدية الدامور منذ ٧٥ عاماً، رغم أنها من أصغر عائلات الدامور على الإطلاق عددياً، إلى تغيير تكتيكات الإنتخابات التي تتّبعها تقليدياً، ما أضطرّها للتخلي عن غالبية أعضاء المجلس البلدي الحالي لمحاولة إقناع أشخاص أكثر تمثيلاً داخل عائلاتهم، ما انعكس إرباكاً مع تهديد بعض من تمّ التخلي عنهم بالعمل على إسقاط لائحة الغفري، فيما محاولاتهم إقناع الشخصيات الأكثر تمثيلاً لم تصل إلى خواتيمها بعد، خصوصاً وأن عائلات دامورية عدة أبلغت الغفري رفضها المسبق لأي اختيار يقوم به، وهي ما زالت تترقّب موقف "بيضة القبان"، أي التحالف القواتي - العوني، كي تؤيّد الورقة الرابحة.
ـ إرباك آل غفري يقابله عمل ممنهج من معارضيه الذين إنتظموا تحت شعار "الدامور هويتي" ، التي جمعت إئتلاف عريض من عائلات الدامور وجمعياتها وكادرات حزبية بارزة، إضافة الى اختصاصيين في مجالات البئية والإعلام والقانون والهندسة، وتبدو ماكينة "الدامور هويتي" الإنتخابية محترفة، وتعمل وفق خطط ممنهجة ومتدحرجة، ما أضطر آل غفري إلى تعبئة كافة مناصريهم قبل أسابيع من الإنتخابات، وهذه ظاهرة هي الأولى من نوعها، وتقوم شرطة البلدية وكادرها البشري بتعليق صور ويافطات إنتخابية، لرفع المعنويات بعد تسجيل "الدامور هويتي" مجموعة إختراقات قد تكون حاسمة في بلوكات عائلية حسّاسة.
التغيير مطلب حزبي، شبابي، عائلي، وتبدو الدامور على أهبة تغيير جذري، وهنا أكدت مصادر في "الدامور هويتي" أن الهوية الدامورية في خطر حقيقي، لأن عدد كبير من أهل الدامور لا يملكون أي عقار في بلدتهم، كما أن عدداً كبيراً ممن يملكون منازل يتردّدون في العودة، وأن عدد النازحين السوريين بات يوازي عدد أهل الدامور، وشدّدت المصادر أن كل هذا الواقع هو نتيجة ١٨ عام من حكم آل غفري البلدي، خصوصاً الأعوام أل ١٢ الأخيرة، وحمّلت المصادر شارل غفري المسؤولية الكاملة للحرمان الذي تشهده الدامور وعلى مختلف الأصعدة، إذ لم تقم البلدية بأي مبادرة أو نشاط أو مشروع من شأنه إحياء البلدة وأهلها.
بعد اتفاق رئيس بلدية الدامور شارل غفري مع عرب السعديات، قبل أيام. والمتضمّن سلخ حي السعديات عن الدامور، لضمان أقل من مئتي صوت، علّق كهل داموري على مشارف التسعينيات من عمره قائلاً : لم أرَ طيلة عمري آل غفري محشورين هلقد، وأردف قائلاً : يبدو أن حضورهم المحلي الذي نمى وترعرع بفضل زعامة الرئيس الراحل كميل شمعون في قصر السعديات، سينتهي بفعل تخليهم عن السعديات.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News