نظم المجلس الدستوري ورشة عمل لدراسة ومناقشة المشروع الذي اعده رئيس المجلس الدكتور عصام سليمان لتوسيع صلاحيات المجلس لتفعيل دوره وتحقيق العدالة الدستورية وانتظام اداء المؤسسات الدستورية، في فندق هيلتون الحبتور - سن الفيل.
وقال رئيس المجلس الدستوري: "تصادف ورشة العمل هذه مع ذكرى شهداء لبنان، ولعل في الذكرى ما يحفزنا للعمل من أجل بناء دولة تسودها العدالة، فتستعاد الثقة بها ويعمها الوئام، فيطمئن أبناؤها الى حاضرهم وغدهم".
ورأى "ان الحالة التي وصلت اليها البلاد، في ظل شلل معظم مؤسساتها، وفي طليعتها المؤسسات الدستورية، تفرض علينا البحث في العمق عن الأسباب التي أوصلت الدولة الى ما هي عليه، فالأمور لن تستقيم بتسويات قائمة على التوفيق بين مصالح متعارضة، انما بمعالجة الداء الذي ينهش مؤسساتنا الدستورية ومعها سائر مؤسسات الدولة".
وقال: "لقد اختار اللبنانيون العيش المشترك وتشبثوا به، ليس من أجل عيش مشترك يشكل نموذجا حضاريا وحسب، إنما من أجل بناء دولة توفر لهم الأمن والاستقرار والعيش الكريم، وترسخ وحدتها الوطنية، فيصبح للعيش المشترك فيها مردود على المواطنين، ويغدو النموذج اللبناني نموذجا حضاريا، فتكتسب الدولة شرعية لا يرقى اليها الشك".
ورأى "ان المفاهيم التي قام عليها ميثاقنا الوطني ونظامنا الدستوري، أفرغت من مضامينها الحقيقية بفعل الممارسات السياسية، المتفلته من الدستور، والمتعارضة مع روحية الميثاق، فالمشكلة ليست في الميثاق ولا في الدستور، على الرغم من ثغرات فيه، انما في الذهنية المتحكمة بالممارسات السياسية، وبالتالي بأداء المؤسسات الدستورية وسائر مؤسسات الدولة. فالدستور أرقى بكثير من الممارسة، ومأساته تكمن في ان الممارسة السياسية، المنضبطة بالقواعد الدستورية والقانونية، تدفع الدساتير باتجاه التطور، بينما الممارسة السياسية المنعتقة من الضوابط عندنا، تشد الدستور الى الوراء. لذلك لا بد من وضع مزيد من الضوابط، في الدستور والقوانين، والتقيد بها لتستقيم الممارسات السياسية ومعها أداء المؤسسات الدستورية".
وقال: "لقد أنشئ المجلس الدستوري في اطار الإصلاحات الدستورية المعتمدة في وثيقة الوفاق الوطني، بهدف المساهمة في ضبط التشريع في اطار المبادىء والقواعد التي نص عليها الدستور، والبت في صحة الانتخابات الرئاسية والنيابية من أجل إزالة الشكوك التي قد تحوم حول شرعية السلطة المنبثقة من الانتخابات، غير ان صلاحياته قيدت ضمن الحد الأدنى، وهي لا تمكنه من تحقيق الآمال المعقودة عليه، وقد تأثر سلبا بالأوضاع السياسية المتردية، في زمن خطا فيه القضاء الدستوري خطوات كبيرة لجهة توسيع صلاحياته، وتفعيل دوره في تحقيق العدالة الدستورية، وفرض احترام الدستور، وانتظام أداء المؤسسات الدستورية. فصلاحيات المجلس الدستوري في لبنان باتت دون صلاحيات المحاكم والمجالس الدستورية، ليس في الدول الأوروبية وحسب، إنما أيضا في الدول الافريقية والعربية".
اضاف: "إزاء هذا الوضع، رأينا أنه من واجبنا صياغة مشروع لتوسيع صلاحيات المجلس الدستوري، انطلاقا من كونه هيئة دستورية مستقلة ذات صفة قضائية، فمن الضروري ان تكون صلاحياته متناسبة مع طبيعته الدستورية، ومع الأهداف المتوخاة منه. وقد أخذنا بالاعتبار تجربة المجلس الدستوري على امتداد السنوات الواحدة والعشرين المنصرمة، والتجارب التي مرت بها المحاكم والمجالس الدستورية في أوروبا، وخصوصا في فرنسا وألمانيا واسبانيا. كما أخذنا بالاعتبار طبيعة النظام الدستوري اللبناني، والتوازنات السياسية التي أرسى قواعدها الدستور، وتداخلت بالتوازنات القائمة، بموجب الدستور نفسه، بين المؤسسات الدستورية، وما تتركه من التباس في النص وامكانيات تأويل، تذهب في اتجاهات مختلفة، فتعرقل أداء المؤسسات الدستورية، وتقودها أحيانا الى الشلل بسبب الصراعات السياسية المحتدمة. وهذا يتطلب إيجاد مرجعيات دستورية، من بينها المجلس الدستوري، لها من الصلاحيات ما يمكنها من إيجاد مخارج دستورية تحول دون التعثر والتعطيل".
وأمل أن "يحظى هذا المشروع بالإهتمام الذي يستحق من الجهات المعنية بإقراره، وتحديدا مجلسي النواب والوزراء"، وقال: "كلنا ثقة بأن المداخلات والمناقشات، في ورشة العمل هذه، ستغني ما ورد في المشروع، وتفسح المجال أمام أفكار جديدة يسترشد بها المشترع، اذا ما توافرت الإرادة السياسية، التي لا بد من أن تتوافر ليبقى ثمة مبرر لوجود الدولة".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News