لأنّ جنسيتك هي «هويتك»، هويتك الفينيقية المشرقية، الحضارية والثقافية، وهي لا تقتصر فقط على التغنّي بلبنان وجماله وأرزته ومطبخه المميّز، أقبل على استعادة الجنسية لك ولأبنائك، وافتخر أنّك لبناني... المسألة بسيطة ومسهّلة، ليس عليك سوى تعبئة الاستمارة المطلوبة وانتظار 12 شهراً كأقصى حدّ لتحصل على جنسيتك اللبنانية.
هذا بعض ما وعدت به وزارة الخارجية والمغتربين في مؤتمر الطاقة الاغترابية اللبنانية الذي عُقد يومي الخميس والجمعة الفائتين في فندق هيلتون- حبتور غراند في سنّ الفيل، اللبنانيين المنتشرين في الخارج، انطلاقاً من تبسيط المعاملات الإدارية، ومكننتها في القريب العاجل، وإطلاع الجاليات أينما وُجدت، على شروط الاستفادة من القانون رقم 41/2015. فضلاً عن السعي لتشكيل «جيش من المتطوعين»، على ما ورد في التوصيات الختامية للمؤتمر، من بين أفراد الجاليات للتواصل مع المغتربين.
فالهدف هو الوصول الى أكبر عدد ممكن من الـ 14 مليون ونصف مليون لبناني المنتشرين في بقاع العالم، بهدف تشجيعهم على الإقبال على استعادة الجنسية، أو بالأصحّ على إعادة القيد لهم، والحصول على جواز السفر اللبناني الذي يُسهّل لهم عدّة معاملات داخل البلاد وخارجها.
لم يعد الأمر يقتصر إذاً على النداء فقط، على ما تقول أوساط ديبلوماسية مواكبة لهذا الموضوع، فقد عكفت الوزارة على دراسة القانون المتعلّق بوضع المغتربين، وأصدرت تعميماً جرى توزيعه على السفارات والقنصليات لكي تشرح للمنتشرين كيفية تقديم طلب استعادة الجنسية والشروط اللازمة له. ولم تكتفِ بذلك، بل تقوم بحملة إعلامية جدية باتجاه الجمعيات والهيئات الأهلية والنوادي وسواها في بلاد الانتشار، انطلاقاً من أنّ كلا من هذه المؤسسات، مسؤول عن توجيه الرسالة وإيصالها للمغترب أينما كان، لحثّه على الحصول على الجنسية اللبنانية.
ولا يجبر القانون المتحدّرين من أصل لبناني على استعادة جنسيتهم، على ما تضيف، بل يوضح لهم أنّها من حقّهم، ويفتح لهم باب الاختيار، ويشترط أصول معينة للدرجة الأولى تصل حتى الدرجة الثانية، كأن تكون أسماء أجدادهم مدرجة في سجلات الأعوام 21 و 24 و 32. وألا يكون الأجداد بالتالي قد اختاروا جنسية أخرى غير الجنسية اللبنانية تمنعهم من استعادتها، وهنا يجب مراعاة الاحكام والقوانين اللبنانية. وبماذا يستفيد المغترب إذا ما استعاد جنسيته اللبنانية، تجيب الأوساط نفسها، بأنّ أكثر ما يمكنه الإفادة منه هي الثروات الكبيرة التي يُمكنه الاستحصال عليها عن طريق الإرث، أكان في لبنان أو في بلاد الانتشار، والتي يجب ربطها بعضها ببعض لكي تتفاعل لما فيه مصلحة اللبنانيين. كذلك يهدف ربط لبنان المقيم بلبنان المنتشر الى تحديد الرعايا اللبنانيين في الخارج، وإعطائهم صفة المواطن الذي يتمتع بالحقوق ويؤدّي الواجبات المطلوبة منه. فبمجرد حصول المغترب على جواز السفر اللبناني يمكنه التملّك وإجراء المعاملات الرسمية مثل حصر الإرث وسواها، أي أنّه يصبح مواطناً لبنانياً بكلّ ما للكلمة من معنى، حتى ولو كان مقيماً خارج لبنان.
ما هي المشاكل التي تُواجه السفراء المعنيين في بلاد الانتشار؟ يفيد بعضهم بعدم حماسة اللبنانيين لاستعادة الجنسية من جهة، وعدم تقديم الدولة لهم ما يُشجّعهم على ذلك من جهة ثانية فليس من حافز فعلي يدفع المغتربين الى تقديم طلب الحصول على الجنسية، لا سيما منهم الذين يعودون الى الجيلين الخامس والرابع. فهؤلاء اندمجوا في البلدان التي استقبلتهم وحضنتهم وأعطتهم الجنسية ويستفيدون من كلّ حقوق المواطنة، وقد نقلوا كلّ ذلك الى الأجيال الجديدة التي لا تتقن اللغة العربية حتى، بل تتغنّى بلبنان وتفتخر بلبنانيتها، بالكلام فقط، إذا صحّ التعبير. لهذا يُفترض، على ما يقترح مصدر ديبلوماسي، فضلاً عن تبسيط الإجراءات والمعاملات الإدارية، حثّ هؤلاء على استعادة الجنسية عبر تقديم شيء مجاني لهم، فالأفكار جمّة في هذا الإطار، غير أنّ الدولة غير قادرة على دفع الأموال لهم لأي سبب من الأسباب. كما أنّ موضوع الانتخاب لا يستحوذ جديّاً على اهتمامهم، على ما أشار أحد السفراء، وهو لا يُشكّل أي عنصر محفّز إلا لبعض الحزبيين منهم. وقد أظهرت التجربة الأخيرة أنّ أقلّ من عشرة آلاف مغترب لبناني من أصل الملايين المنتشرين في قارات العالم الستّ، قد أبدوا رغبتهم بالانتخاب، وهو عدد قليل جداً.
من هنا، فالصعوبة لا تكمن فقط في نقل المعلومات أو إيصالها للمغتربين أينما كانوا، يقول سفير في إحدى دول الإنتشار، بقدر ما تتمحور حول مدى إقناعهم بأنّه يمكنهم الاستفادة من الجنسية اللبنانية، لا سيما أولئك الذين لم تعد تربطهم أي علاقة فعلية بالوطن الأم، وهم كُثُر.
أمّا الجنسية المزدوجة فلا تُشكّل أي عائق، على ما شرح، لأنّها لم تعد مطبّقة حالياً في العديد من الدول. وبإمكان اللبناني الذي يملك جنسية أجنبية المطالبة بحصوله على الجنسية اللبنانية شرط أن تكون أصوله مسجّلة في سجلات الأحوال الشخصية.
ولأنّ المهمة شاقّة وتدرك وزارة الخارجية والمغتربين ذلك تماماً، يسعى السفراء والقناصل والقائمون بالأعمال ورؤساء الجاليات في الخارج، للذهاب الى المغتربين، على ما طلب منهم الوزير جبران باسيل، بدلاً من انتظارهم لكي يأتوا الى السفارة أو القنصلية، إذ قد يتطلّب هذا الأمر تكبّد مشقّات السفر بالنسبة لكثيرين منهم لبعد مكان إقامتهم. فحقّ استعادة الجنسية هو أحد حقوق المغتربين، لكنّ الكثير منهم قد استغنى عنه منذ زمن، على ما قال، ولهذا يجب القيام بعملية تجييش لحثّهم على استعادة الجنسية والعودة الى الوطن الأم والاستثمار فيه، وفتح الأسواق التجارية بين لبنان وبين دول الانتشار والترويج لمنتجات لبنان وصناعته في دول الخارج بما يخدم مصلحة وطنهم الام أولاً وأخيراً.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News