"ليبانون ديبايت" - كرم السكافي:
طريقتان لصون البلد وحفظه متوازيتان لا تلتقيان، إحداها تدعو الى تحجيبه و استعباده و سلبه حريته و سدل النّقاب على المشرق من وجهه و تسخيره لخدمة مصالحها و بقاء نسلها و إستمراره و هو ما يمشي و تمشي عليه كثرة يراؤون و يماكرون وهم بالأرقام بيننا و من حولنا أكثر. و أخرى تدعو الى إحترامه عبر تحريره و تسفير عقله و تمزيق الحجاب الذي يلفّه و يقيّده، وإسعاده و إصلاح أمره و تحرير مركز المعرفة و خزان الفكر فيه و هؤلاء أيضاً كثرة لكنّهم واقع هم عندنا أقل و ليسوا أكثر.
مشكلة العرب بشكلٍ عام و اللّبنانين بوجهٍ خاص تكمن في عشقهم للبدايات و تفضيلهم لها على النّهايات أو إن شئت هم يجهدون في تقديمها على الأهداف المقرونة طبيعياً بالحركة و التي بدونها (أي الأهداف) تكون أقرب إلى صفات المجنون، مع العلم أنّ تلك الأهداف طالما تكاثرت و توالدت شأن كل الأنواع في التّكوين لا تنتهي، تراهم عجباً لا يشرعون ببداية حتّى يتركونها لبداية أخرى، تراهم متكاسلين متّكلين مستندين على الكلمة الضّعيفة و الحديث المصطنع و اللّفظ الخفيف المضطرب الذي يبعث الضّجر، يستسهلون النّسخ و اللّصق الذي يضيق به الخلق.
سعد الحريري بداية قطعت شوطاً كبيراً تستحق الدّعم، بداية لا تفضيل فيها لعثمان على علي، و لا فيها تقديم للعجم على العرب، ولا لطهران على المدينة، و لا الشّام على الجزيرة، ، و لا مالك على أبو حنيفة، و يقيناً ال "لا" أو "نعم" ليستا عنده موصولتين بالرضا أو الغضب. و لا هو من دعاة عزل الحريّة جانباً، وما مات عنده الحلال و لا الحرام، و الرفض عنده حصراً للقبيح و ليس للحسن.
بداية الحريري ثابتة و مستمرّة، تعاقب السّكون بالحركة، تستحق المواكبة و لا ينبغي أن تكون و الإقطاعية السّياسية و تلك المتدثرة بالعباءة الدينية سيان. ولو تمعّنت فيهم لوجدت أنّهم نقيضان لا يتّفقان، و الدليل خير برهان، لقد طعن سعد الحريري في الإنتخابات البلدية الأخيرة في العاصمة بسلاحٍ هو من معدنه، ببساطةٍ لأنّه لا يريد أن يموت ألف إنسانٍ لنيل مالٍ رديء، و لأنّه يريد العقاب على الإساءة، و يميل إلى كل عملٍ فيه خير للبنان و اللّبنانيين.
على سعد الحريري أن يعي أن التّحالف لا يكون إلا مع من هم من مثله و فيهم من تكوينه و طباعهم من طباعه، عليه أن لا يخشى مقاطعة الراديكالية و الراديكاليين، عليه الذهاب إلى شراكة فعلية مع النّاس مع المثقّفين، وأصحاب المال الصّادقين و العمّال المنتجين. أمّا توجيه الكلام في ما يتوجّب على الحريري فعله قبل سواه فذلك سببه وجوده في الحكم و في موقع المسؤولية. في المقابل على أصحاب البدايات أن يختاروا بداية يدعموها أو يصححوها ليوفروا على النّاس عبء التّجربة و الجهد و تكون تراكمات فوق تراكمات تؤدّي مع الوقت إلى المنفعة و تصل بالعباد إلى الأهداف، عليها أن لا تنغش و هي في بداية البداية من زيف حجمها ، ذلك أنّ الباطل زهوقاً ولا يمكن له أن ينتصر على الحق، فكانت تلك البداية الجديدة أسهل طريقة أمامهم لضرب ثقة النّاس بالرئيس سعد الحريري و بالمستقبل مع علمٍ يقينٍ بصدق إندفاعة مرشحي لائحة بيروت مدينتي توأم البيارتة .
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News