"ليبانون ديبايت" - ستيفاني جرجس
بأقل من 24 ساعة، 8 عمليات انغماسية هزت القاع البقاعية وحصدت ارواح ابرياء سقطوا شهداء وجرحى. 8 انفجارات اشبه بسيناريو او كابوس دموي ينذر بنمط جديد من العمليات الانتحارية معاكس تماماً للنمطية المعهودة نسبة إلى ما شهدته البلاد في السابق. 
منسوب الاستنفار العام والعسكري ارتفع. حالات القلق والحذر تعاظمت إلى حد إنتشار مسلح غير مسبوق للنساء الى جانب الرجال بلباسهم المدني حاملين على اكتافهم "كلاشنيكوف" وجعبة عسكرية يرتدونها تتوزع على أطرافها ذخائر وقنابل، فالأصوات الآتية والحركات من جهة البساتين المحيطة بالبلدة تقلق الأهالي والجيش الذي يجري منذ ليل أمس مسحاً شاملاً لكامل بلدة القاع تحسباً لاختباء انتحاريين آخرين او حرب انغماسية شرسة جديدة من نوعها قد تشهدها المنطقة بين لحظة وأخرى.
بعد الذي جرى بالامس، إشارات ميدانية عدة برزت وبقوة على الساحة اللبنانية وتحديداً المسيحية، تشي احداها بان اهالي القاع رجالاً ونساءً ذات الصبغة القواتية بغالبيتهم أقرب إلى نظرية الأمن الذاتي- الزيتي للدفاع عن وجودهم وحماية كيانهم اذا استدعى الأمر ولكن تحت إمرة الجيش اللبناني.
الا ان مشهد "الامن الذاتي" في هذا اليوم الدموي الطويل اثار سخط الكثيرين، فيما ذهبت انتقادات أخرى إلى ما هو أبعد من اهال قرروا تعبئة قدراتهم في خدمة الجيش. اللوم هنا لا نعلم على من يقع، على اهالٍ قرروا حماية انفسهم في وقت لا الحكومة اللبنانية ولا أيّ أحد آخر تمكّن من حمايتهم، أم على اهالٍ قطعوا الامل من الاستغاثات العاجلة التي اطلقوها مراراً وتكراراً لانقاذ حياتهم ومن المناشدات للدولة والمعنيين لتصويب الامر في المنطقة ووضع حد  للفلتان الامني عبر اعادة تنظيم تواجد السوريين في القاع.
هذه النظرية السائدة اليوم أكثر من اي وقت مضى لن تحل محل الدولة أو مؤسساتها الامنية والعسكرية، وفق ما أكدته مصادر مواكبة للمجريات السياسية - الأمنية الداخلية، والتي تحتم في سياق حديثها وقوف هؤلاء الشبان حاملي السلاح خلف الاجهزة الامنية اللبنانية.
وتقارن المصادر، كدليل على كلامها سير الاشتباكات التي حصلت بالامس عقب الاعمال الوحشية المتتالية التي استهدفت القاع في اليوم عينه، والمشاهد التي ظهرت فيها مجموعات تحمل السلاح الى جانب الجيش، ويقومون بمناوبات حراسة ليلية، وتؤكد ان المجموعات المسلحة التي اطلق قسم من الرأي العام عليهم لقب "الحراس" ساندت الجيش أثناء المواجهات. 
وتبني المصادر موقفها على رفض حزب القوات اللبنانية جملةً وتفصيلاً فكرة العودة الى الأمن الذاتي وكل مظاهره، وتقرأ مشهدية السلاح بالأمس على انها قرار محلي عنفواني لا مركزي أو حزبي يدل على الجهوزية التامة لمناصري القوات اذ دق الخطر ابوابهم، وقد اتخذ بهويته القاعية المدنية قبل القواتية او حتى المسيحية بنتيجة الاوضاع الامنية التي تتطلب عدةً وعتاداً ووسائل مواجهة توازي حجم الخطر المتربص بأبناء البلدة وسائر اللبنانيين.
الا ان الوقائع الميدانية المقرونة بخطوة النائب القواتي انطوان زهرا ليلاً والتي أعطتها اكثر من مرجعية بحسب قراءتهم أهمية بالغة وأبعاد تخفي وراءها ما تخفيه، ابرزها الجهوزية التامة للقوات عدةً وعتاداً وتأييدها لظاهرة السلاح المتفلت والامن الذاتي ما يعتبر نقيضاً للمواقف المركزية الصادرة عن قيادة معراب ورئيسها والتي تجدد مطالبتها في كل مناسبة سحب السلاح غير الشرعي.
 في المقابل، لم تحمل أوساط مطلعة خطوة زهرا المتمثلة بتواجده ليلاً في القاع، حاملاً السلاح وسط مجموعة من الشبان هم في الواقع مرافقيه فيما البعض منهم من ابناء البلدة، اكثر من حجمها، معتبرةً ان ما فعله يصب في خانة التأكيد ان ما يصيب أبناء وطنه يصيبه ايضاً كنائب يمثل هذه الامة.
 وعليه، يبدو ان سيناريو القاع الدموي حسم بانغماسييه مشهد المرحلة المقبلة التي هي مقدمة لأعمال اخطر تحمل معها تداعيات واحداث لا يحمد عقباها، غير أن السؤال الأبرز على الرغم من اعتبار الأمن الذاتي سيفاً بحدّين، ماذا تنتظر الدولة لتتحمل مسؤولياتها مثلها مثل اي دولة أخرى تحترم نفسها وشعبها؟ اي ضوء أخضر تنتظره ومن من حتى ستستهدف معاقل الارهابيين في اي مكان كانوا؟ باختصار، لقد تحمّل القاعيون مسؤولياتهم وفدوا الوطن وابنائه عندما لم تقم الدولة اللبنانية بتحمّل مسؤولياتها.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
                Follow: Lebanon Debate News