الدوران حول اللغز. اي رجل، بالاحزمة الناسفة التي كما لو انها القنابل النووية، يثير كل هذا الهلع في كل هذا العالم؟ من اورلاندو الى باماكو، ومن باريس الى سان بطرسبرغرغ، ومن كازينو لبنان الى كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان.
اختراع اميركي لوقف الربيع العربي الذي كان يفترض ان يقضي على انظمة القهر، والصدأ، والاستئثار، وتبديد الثروات، بل وتبديد الازمنة، في ليالي الف ليلة و ليلة؟
من زمان والولايات المتحدة هي حارسة القرون الوسطى في المنطقة، ودون ان نتوقف عند انتهازية، ونفاق، ولغة هز البطن، لدى بعض الكتّاب الذين يعتبرون ان كل البلاء في الانظمة الجمهورية والعقائدية، باعتبار ان الانظمة الاخرى هي مثال للديمقراطية وللعدالة. افلاطون، ولكن برأس...هولاكو.
كيف لا يمكن لدولة عربية، دولة واحدة، ان تدخل الى العصر إن من باب القيم السياسية او من باب القيم التكنولوجية. هل هو الاعتلال البيولوجي حقا ام انه الاعتلال السوسيولوجي؟ في الحالتين، هذا ليس دقيقا بأي حال. لننظر الى ما كانت عليه اليابان، وما كانت عليه كوريا. ما دام هناك نفط، وما دام هناك هيكل سليمان، يفترض ان يبقى العرب في قاع الكرة الارضية. الذي يظهر ان العرب في قاع الزمان...
هل هي الصدفة ان يظهر تنظيم الدولة الاسلامية بالتزامن مع ثورات الربيع العربي الذي كان ينتظر ان يدق كل الابواب، ودون اي استثناء، ودون ان تجدي الاساطيل في حماية هذا البلاط او ذاك؟
نعلم ان الملامح الاساسية للتنظيم نشأت مع ابي مصعب الزرقاوي، ولكن كيف كان يمكن ان يتمدد، وينتشر، بكل تلك السرعة المثيرة، وتكون له ذئابه المتوحدة في اصقاع الدنيا؟
كثيرة هي الافلام الهوليوودية التي تظهر ان بعض العلماء يخترعون في المختبرات حيوانا غريبا سرعان ما ينمو، ويتضخم، ليحطم الذين اخترعوه قبل ان يضرب المدن، وناطحات السحاب، وقبل ان يقتلع الغابات. «داعش» هو ذاك الحيوان الغريب الذي انتجته المختبرات الاستخباراتية ايضا لينمو، ويتضخم، يضرب في اورلاندو، كما في باريس وبروكسل واسطنبول. هذا هو منطق الاشياء.
تنظيم الدولة الاسلامية اتى بكل النتائج المنتظرة. ببراثنه حطم اي حلم باقامة الدولة الحديثة، البعيدة عن ثقافة الاسنان الصفراء، والعباءات الصفراء، واللحى الصفراء...
لا بل ان انظمة اعتبرت ان باستطاعتها توظيف التنظيم الدولة تكتيكيا واستراتيجيا. اغدقت عليه الاموال والاسلحة والسيارات لتفكيك الانظمة او الدول المعادية. هكذا تفكك العراق الذي موّلت الانظمة اياها آلاف السيارات المفخخة التي تفجرت في ارجائه، ودون اي اعتبار بأن الضحايا ليسوا من كوكب آخر، بل من اهل الامة ان لم يكونوا من اهل العشيرة.
وهكذا تفككت سوريا، ليبدو ان التنظيم حقق كل ما هو مطلوب منه، فهل دقت ساعة التصفية، ام ان الولايات المتحدة التي راقصته على مدى العامين المنصرمين، تريد له دورا اضافيا لاستنزاف من تبقى العرب، ولاعادة رسم الخرائط (والعلاقات) وفقا لمصالحها ولمصالح اسرائيل بطبيعة الحال؟
للتذكير فقط، فأن الولايات المتحدة تقود تحالفا من ثلاثين دولة للقضاء على«داعش». ماذا فعلت حتى الان؟ معارضون سوريون ويتكلمون بسخرية عن«مهزلة» البوكمال حيث ظهرت اميركا عارية «بل وظهرنا نحن عراة». هل يكفي ان يقول معاذ الخطيب انها رياح جهنم؟
نستخدم كل سذاجتنا ونقول ان ابا بكر البغدادي اختراع اسرائيلي. ولا كلمة ضد اسرائيل. الخليفة يبعث بزبانيته الى الضاحية الجنوبية، والى القاع، والى اسطنبول، والى باريس. أليس هناك من انتحاري واحد الى الداخل الاسرائيلي؟
كثيرة هي علامات الاستفهام حول علاقة ما بين الموساد والتنظيم الذي مازال حتى الان في ذروة ملاءته المالية( اين هي وزارة الخزانة الاميركية؟). وحتى لو تجاوزنا كل ما يقال حول هذه الصلات، مع ان ثمة من يؤكد وجودها، اين هي اسرائيل، واين هو مفاعل ديمونا، واين هي حاويات الامونيا في اجندة مولانا الخليفة؟
فلاديمير بوتين قال ان تصفية «داعش» ستحدث في سوريا، مستبعدا الحل السياسي. اذاً، التعايش مع الازمة، واعادة فتح الابواب مع الاتراك الذين يعرف القيصر مدى علاقتهم بتنظيم «داعش»، وبما قدموه من معسكرات ومن منتجعات. انه الامر الواقع. انها لعبة الامم..
هل يفترض ان تتحطم سوريا اكثر؟ من قال ان البعد الداعشي ليس موجودا في السياسات، وفي الاستراتيجيات، التي بسعيها الى قطع رؤوس الانظمة(وعلى طريقة داحس والغبراء) انما تقطع رؤوس الدول، وتقطع رؤوس المجتمعات...
في نهاية المطاف، نكتشف ان الحيوان الخرافي في داخلنا. لا شيء يثنينا عن قطع روؤس بعضنا البعض مادام تأويل النصوص المقدسة يقول هذا: المسلم عدو المسلم، العربي عدو العربي!
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News