"ليبانون ديبايت"
في طور التوريث الذي يعد له زعيم الحزب التقدمي الإشتراكي، النائب وليد جنبلاط، بدأت تطفو إلى السطح أجنحة متصارعة داخل الحزب الجنبلاطي، هذه الإجنحة هي نتاج سنوات من البناء السياسي فكانت تنمو وتتربى في حمى النائب الوليد الذي سعى إلى إدارة الصراع بدل إنهائه لعدة إعتبارات، منها المصلحة العائلية، أو الخوف من خلق شقاق حزبي يصعّب الأمور على نجله "تيمور"، الذي تجمع الأراء أنه سيرث "الحالة الجنبلاطية" مرفوعةً بخطوط إشتباك ونار تحتاج إلى حنكة ومرونة في التعامل معها.
صراع الأجنحة هذا، يظهر أحد فصوله في الإنتخابات البلدية الماضية التي سجل فيها صعود تيارات إشتراكية متباينة في المواقف وأسلوب العمل، لا بل هي متباعدة عن بعضها وتصل حد العدائية. تفسير تلك الأجنحة ترجم في بلدة "كفرمتى" التي دخلت في صراعٍ بين مطرقة جناح النائب غازي العريضي، وسندان زميله الوزير أكرم شهيب، فكانت أدوات المعركة هنا عناصر مرشحة على بلدية أعطت صورة واضحة عن التنافس الإشتراكي - الإشتراكي الذي وصل في نهاية المطاف إلى "مجلس الشرف" الذي هو بمثابة "المحكمة الحزبية" لدى التقدمي ليحسم الأمر!
تكشف الأوراق التي حصل عليها "ليبانون ديبايت" تفاصيل محاكمة الإشتراكيان "عاطف الغريب" و "نظير خداج" اللذان فُصِلا عن جسم الحزب لمدة عام مع تقليص مستوى عضويتهما إلى الدرجات الأولى بسبب مفاعيل التنافس الذي حصل في تلك الإنتخابات على إعتبار أن الأول دعم ترشيح الثاني بمعزل عن قرار رئيس الحزب الذي إتخذ "أجود خداج" مرشحاً رسمياً. لكن المثير في ما تكشفه الأوراق، هو إعترافها بوجود أجنحة متصارعة داخل الإشتراكي، تقسم بين العريضي وشهيب، وهي بمثابة إعتراف رسمي طمس حتى الأمس القريب، وربما تخفي الأوراق أكثر من جناح متصارع.
في الحيثيات
ترجم الصراع بدايةً من خلال ترشح السيدان "أجود" و "نظير" خداج. يعرف عن الأول أنه مقرب من صهر الوزير غازي العريضي، فؤاد الغريب، وبالتالي محسوب على فريق العريضي، بينما متعارف عن الثاني أنه من "رجال" الوزير أكرم شهيب. نال الأول، أي "أجود" مباركة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي بعد أن حظيَ بدعمٍ من الوزير غازي العريضي الذي زكاه لدى "بيك المختارة" عبر جرعات معلومات تبالغ في مستوى التأييد الذي يناله لدى الشريحة الاشتراكية في البلدة. يأخذ على "العريضي" هنا أنه ذهب بعيداً في تلميع صورة "أجود" الغير مقبول لدى البيئة الاشتراكية التي ترى في "نظير" ممثلاً لها. تعترف "أوراق الشرف" أن "العريضي خدع علناً جنبلاط وسحب منه موافقة على الترشيح فجرت لاحقاً كفرمتى.
عشية النهار الإنتخابي، أحدثت المباركة الحزبية لـ"أجود" إنقساماً عامودياً في البلدة، فبات الحزب الرسمي يدعم ترشيح "أجود" بينما القاعدة تذهب نحو تأييد "نظير" الذي عمل طوال 6 سنوات على بناء قاعدة ترشحه. نال "نظير" ايضاً، وفق ما تكشف الأوراق مباركة من شيخ العقل المحسوب على الخط "الأرسلاني"، ناصر الدين الغريب كذلك "الديمقراطيون" في البلدة، فإعتبر ذلك عند جنبلاط بمثابة "الخروج عن الطاعة"، فيما لم يقبل الشيخ الغريب بتجاوز رأيه كونه يرى نفسه "أساسياً في البلدة".. هنا كان المدماك الثاني في الصراع.
عشية يوم الإنتخابات، فاز مرشح القاعدة، أي نظير، بالإنتخابات وأقصى مرشح المختارة "أجود" ليتفجر غضب "البيك" من ما أفرزته الصناديق، ويعلن الحرب على القاعدة الإشتراكية التي أتت بـ"نظير" رئيساً للبلدية. "بيك المختارة"، ووفق معلومات "ليبانون ديبايت"، نُصِحَ بعدم تحويل "نظير خداج" فقط إلى "مجلس الشرف" كي لا يزيد الطين بلة في البلدة، وعلى مبدأ الصفقة، جُلِبَ الإثنان إلى "المجلس" وتمّ إتخاذ قرار مبني على النظام الداخلي بفصلهما عن جسم الحزب مدة سنة كاملة.
وعلى الرغم من هذا الحل "الإشتراكي"، إلّا أن موجة الغضب والإستياء في البلدة لم تهدأ، كون الذي فصل هو "رئيس البلدية" الذي نال 10/10 من أصوات القاعدة "الإشتراكية"، التي تستغرب كيف لا يؤخذ برأيها ويشطب هكذا رئيس بلدية الجميع متوافق عليه ولا يأخذ أحد برأيهم!.
المفارقة التي تستحق الوقوف عندها بين سطور هذه الجولة، هي إنكشاف خفايا الأمور لدى حزب عرف بالإشتراكية دون تطبيقها، فعلى الرغم من تبيان أمور الأجنحة المتصارعة، ثمة من يغمز إلى كيفية خداع رئيس الحزب من وزير هو عضو عنده، بمرشح لا تقبله القاعدة، من جهة أولى، وثانية كيفية إنحياز "بيك المختارة" إلى أزلامه القياديين الذين يأخذ برأيهم دون العودة إلى قاعدته الأساسية. ثمة من يغمز أيضاً عن خلل بدأ يصيب الحزب الإشتراكي، وعن عجز بدأ يظهر على "البيك" الغير قادة على الجمع بين أقطاب حوّلوا الحزب "مزرعة أجنحة" يدفع ثمنها المحازبين الذين باتوا وقوداً لحرب ربما تستعر أكثر. ثمة بين جميع هؤلاء من يأخذ على "جنبلاط" توريثه حزب مفعم بالمشاكل لشاب يصعب عليه أن يمّر في زواريب من بات في الحزب شيخاً يعرف من أي تأكل الكتف وكيف تدار الأجنحة.... ثمة وثمة، لكن المؤكد، أن "الحزب" ليس بخير، طالما أن هناك طباخين كثر سيحرقون الإناء بخلطاتهم، بينما "الشيف" الرئيسي يتفرّج!
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News