مختارات

الخميس 08 أيلول 2016 - 07:06 الديار

ماذا لو ادت مقاطعة التيار الى استقالة الحكومة

ماذا لو ادت مقاطعة التيار الى استقالة الحكومة

صحيح أنّ الخلافات، صغيرة كانت أم كبيرة، داخلية أم خارجية، أو بين الداخل والخارج لا يُمكن أن تُحلّ من دون حوار كونه الأساس في التوصّل الى قواسم مشتركة بين المتخاصمين، غير أنّ الهدف الأول من الحوار الوطني الذي يجمع قادة البلاد أو ممثليها لم يتحقّق منه أي أمر ملموس بعد 23 جلسة، سوى جلوس جميع الأطراف حول طاولة واحدة ومناقشة موضوع ملحّ ما أو ملامسته دون أي معالجة، ليس أكثر.

وقد بات البعض، بحسب أوساط سياسية بارزة، يرى في جلسات الحوار مجرّد تعداد للأرقام، على غرار الجلسات النيابية المخصّصة لانتخاب رئيس الجمهورية والتي وصل عددها الى 43 جلسة من دون أن تؤدّي الى إعلان إسم الرئيس الجديد للبلاد. ولعلّ هذا ما يدفع البعض الى التقليل من أهمية «تطيير» الحوار، إن كان بسبب «التيّار الوطني الحرّ» الذي يصرّ على مقاطعة الحكومة وتصعيد موقفه ليصل الى حدّ الإستقالة منها، أو أي مكوّن آخر لا يجد في استمرار الحوار أي جدوى.

غير أنّ رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، المعترض على الشكل والمضمون، والذي لن يدعو الى أي جلسة جديدة للحوار قبل حدوث تغيير ما فيهما، قد تلقّف خطوة وزير الخارجية والمغتربين بالمقاطعة، فلم يُصعّد بدوره، على ما شدّدت، بل على العكس أوضح لجميع الأطراف أنّه لا بدّ من التغيير قبل العودة مجدّداً الى الطاولة. وقد أعطى موقف برّي هذا المزيد من الوقت لمراجعة الحسابات وأخذ مطالب المسيحيين التي ينادي بها «التيّار» على محمل الجدّ.

وتكمن الخطورة، بحسب رأيها، في إمكانية شلّ عمل الحكومة بعد مقاطعة «التيّار» لجلساتها أو حتى استقالتها، فضلاً عن تجميد جلسات الحوار الى أجل غير مسمّى، الأمر الذي من شأنه وقف عمل المؤسسات في ظلّ عدم انعقاد مجلس النوّاب، وشغور الموقع الرئاسي. في حين أنّ المطلوب في المرحلة الراهنة توحيد الجهود الداخلية لمواجهة التحديات وتمرير الإستحقاقات.

وذكّرت بضرورة الإعتراف بالآخر ليتمكّن المتحاورون من الخروج من طاولة الحوار بدواء شافٍ لبعض الملفات الساخنة، مع عدم نسيان أهمية هذه الطاولة التي غالباً ما تُناقش ما لا يتمّ بحثه في مجلس الوزراء خصوصاً إذا ما كان الصراع قائماً. ولكن من المؤسف أنّ النقاشات الحادّة قد انتقلت في الوقت نفسه الى هذه الطاولة التي بقيت لفترة بمنأى عمّا شهدته جلسات مجلس الوزراء من صدامات ومناكفات بين جميع الأطراف.

ففي حال استمرّ تفسير «الميثاقية» التي طرحها الوزير باسيل، كلّ على هواه، ووصل فقدانها الى اهتزاز القناعة الوطنية بالعيش المشترك، على ما قال، فإنّ الأمر سيعود بنا الى الفيديرالية التي لم تُطبّق بعد 15 سنة من الحرب الداخلية، بسبب رفضها من قبل الكثيرين. وتساءلت: كيف يمكن تطبيقها اليوم بعد كلّ التغييرات التي طرأت على التحالفات السياسية، كما على الوضع الديموغرافي، وعيش نحو مليوني نازح سوري الى جانب الشعب اللبناني في مختلف المناطق اللبنانية؟

لكنّ الفيديرالية قد تتناسب اليوم مع كلّ ما جرى ويجري في بعض دول الجوار من تغيير لمعالمها أو خرائطها، أضافت، بعد الربيع العربي والثورات الشعبية التي طالتها، وتتوافق أيضاً مع رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد التي وضعتها الولايات المتحدة وتهدف الى تقسيم دول المنطقة الى دويلات على أساس إتني وعرقي. هذا قد يصحّ في الشكل، أمّا في المضمون فإنّ تطبيق الفيديرالية في لبنان، على ما أكّدت الأوساط نفسها، من شأنه أن يُلغي «النموذج الفريد للبنان في منطقة الشرق الأوسط للعيش المشترك»، فلا يعود «بلد الرسالة»، على ما وصفه البابا القدّيس يوحنا بولس الثاني.

ولهذا يُطالب «التيّار» اليوم بالمحافظة على الميثاقية كونها تحفظ ليس فقط السلطة ودورها، كما حقوق مختلف مكوّنات الوطن، بل البلاد بحدّ ذاتها، من كلّ ما يُخطّط لها في الخارج لكي تتماشى مع دول المنطقة التي أصابتها الفوضى. علماً أنّها لا تزال حتى اليوم تُعاني منها السلطة، كما الشعب، من دون أن يستعيد أي منها الهدوء المنشود، أو يتمّ تطبيق الديموقراطية فيه.

كذلك فإنّ استمرار الحكومة بعقد جلساتها من دون وزراء «التيّار» واستقالة الوزير الكتائبي، كما طاولة الحوار من دون «التيّار»، من شأنه أن يطرح تساؤلات كثيرة حول تطبيق الميثاقية، كما ان فعالية استمرار عمل المؤسسات من دون مكوّنات مسيحية مهمّة في البلاد. ولهذا فمن الصعب أن يُقدم كلّ من سلام وبرّي على عقد الجلسات من دون تسوية الوضع وتلبية مطالب المقاطعين والمستقيلين، وحتى عدم المشاركين أصلاً في الحكومة كما في طاولة الحوار.

من هنا، رأت أنّه على القيادات المسيحية أن تتحدّ فيما بينها لعدم فقدان دورها ووجودها، بدلاً من أن تتنافس فيما بينها على الأقوى، أو الأكثر تمثيلاً، ولا سيما أنّ في اتحادها قوة أكبر يُمكنها عبرها أن تقرّر مصيرها ومصير كلّ الذين تمثّلهم، اياً يكن عددهم. فالمصالحة التاريخية التي حصلت بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع كان يجب أن تتواصل لتشمل جعجع وسليمان فرنجية، كما عون وفرنجية كون علاقتهما ساءت أخيراً بسبب دخول بعض المشوّشين على الخط من دون أن يوصلوا فرنجية الى سدّة الرئاسة التي وعدوه بها.

وكما أنّ اتحاد المسيحيين ضروري في هذه الفترة، فإنّ اتحاد المسلمين هو حاجة أيضاً، على ما أوضحت الأوساط السياسية ذاتها، لكي لا يُفهم من دعوتها هذه أنّها ناتجة من تعصّب ما، أو تهدف الى الوقوف في وجه المسلمين. على العكس تماماً، لأنّ المطلوب اليوم توحيد الصفوف كافة، على أن يبدأ كلّ صفّ بلحم الإنشقاقات على حدة، لكي يتمكّن من التوافق مع الطرف الآخر.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة