مختارات

الأحد 11 أيلول 2016 - 06:56 الراي

انقلاب على الديموقراطية

انقلاب على الديموقراطية

لن تتوقف محاولات الولايات المتحدة الأميركية، عن التآمر وتغيير الأنظمة اليسارية والتقدمية في دول أميركا اللاتينية، التي طالما اعتبرتها حديقتها الخلفية، حيث نهبت عبر التاريخ ثرواتها وعرق شعوبها، وأثرت شركاتها الرأسمالية من معاناة هذه الشعوب.

ويعرف الجميع أعمالها الاستخباراتية لتقويض هذه الأنظمة، فقد تآمرت على مدى عقود على كوبا، وفرضت عليها حصاراً جائراً، بل حاولت غزوها عسكرياً فيما عرف بعملية «خليج الخنازير»، كما حاولت اغتيال الرئيس الكوبي فيدل كاسترو أكثر من مرة، وقامت بتدبير انقلاب عسكري دموي على سلفادور ألندي في تشيلي، على يد عميلها بينوشيه سيئ الذكر عام 1973، حيث قتل ألندي على اثره، وهو يعتبر أول رئيس ماركسي في دول أميركا اللاتينية، وقام بتأميم الصناعات وتبني سياسة الفلاحة الجماعية، واستمرت محاولات الانقلابات ضد الرئيس الفنزويلي شافيز الذي قتل طموحات ومصالح الشركات الرأسمالية بسياسة التأميم في فينزويلا.

وآخر تلك المؤامرات الإطاحة برئيسة البرازيل المنتخبة ديلما روسيف، وهي مناضلة عريقة ضد حكم دكتاتورية العسكر، وحملت السلاح في عمل سري، وشاركت في تأسيس حزب العمل الديموقراطي، وتعرضت للاعتقال والسجن في مطلع سبعينات القرن الماضي، كما تعرضت إلى تعذيب شديد بالكهرباء والإغراق بالماء، وعندما أنتخبت كأول رئيسة امرأة في البرازيل، طبقت مبادئها التقدمية، وقلصت من حجم البطالة، وتبنت مشروعات اجتماعية لمصلحة شعبها، وأممت بعض المصالح الرأسمالية، ونهضت بالبرازيل كقوة اقتصادية مستقلة، ومدت أميركا يد العون لعميلها الملياردير ميشال تامر، الذي يرتبط بمصالح مع الشركات الرأسمالية.

وواجهت روسيف استجوابات مجحفة في مجلس الشيوخ البرازيلي، ونفت ما نسب إليها من «جرائم إدارية»، وشبّهت تلك الاستجوابات باستجواب الدكتاتورية لها، واعتبرت ما يجري هو انقلاب على الديموقراطية في البرازيل، وقالت إن المحاكمة تهدف إلى حماية مصالح النخبة الاقتصادية.

وتعهد ميشال تامر بعدما أصبح رئيساً، بتنفيذ سياسات التقشف، لسد العجز في الميزانية، تنفيذاً لأوامر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والشركات الاستشارية، ليعيد الشعب البرازيلي إلى الوراء، وعلى إثر عزل روسيف خرج آلاف من البرازيليين في مظاهرات حاشدة، احتجاجاً على قرار عزلها ووصفوا محاكمتها بالمهزلة.

إن الانقلاب على الرئيسة اليسارية روسيف وإزالة صورها، لن يجعلها تتراجع عن مبادئها وخطها النضالي، وستتغلب على المؤامرة كما تغلبت على مرض السرطان، ولا يمكن إلغاؤها من التاريخ، مثلما ظل اسم سلفادور ألندي اسماً لامعاً في ضمير التاريخ، بينما ذهب بينوشيه وذكراه إلى مزبلة التاريخ.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة