يصادف اليوم الذكرى الخامسة عشرة لهجمات سبتمبر 2001..
هجمات أسقطت في أميركا برجين، وفي عالمنا الإسلامي دولتين، وخلقت شروخاً لم تندمل خلال عقدين.. هجمات كشفت هشاشة الأخـوة، وضعف الأيدلوجيا أمام الدولار، وبيع فلول القاعدة للمخابرات الأمريكية.. فـبعد انكشاف مسؤولية القاعدة عن الهجمات ألقت أمريكا آلاف المنشورات على أفغانستان وباكستان تعرض فيها تسليم "إرهابيين" مقابل مبالغ ضخمة.. وبعد أربعة أيام فقط بدأت تتسلم اتصالات من مجاهدين ومرتزقة ومسؤولين يعرضون تسليم إرهابيين "ملتحين" مقابل عشرة آلاف دولار للرأس الواحد.. وكانت هذه المنشورات -التي ظهرت صور منها في صحف عالمية كثيرة- تتضمن جوائز مالية تتراوح بين خمسة آلاف دولار للإدلاء بمعلومات عن مقاتلي القاعدة أو طالبان وعشرة آلاف لتسليم أي منهم مباشرة وخمسين ألفاً لتسليم القادة الميدانيين -ثـم يرتفع المبلغ بالتدريج حتى يصل الى 25 مليون دولار مقابل تسليم القادة الكبار مع ضمان استيطان الواشي في أمريكا ودخوله تلقائياً في برنامج حماية الشهود!-.
وفي أواخر عام 2001 نشطت سوق المختطفين الأجانب في باكستان وأفغانستان لدرجة أثارت دهشة الأمريكان أنفسهم.. ورغـم علم المخابرات الأمريكية بحقيقة ما يجري -وأن معظم المختطفين أسروا على الهوية وليس لهم علاقة بالقاعدة أو طالبان- إلا أنها قبلت الجميع بدافع الانتقام من جهة، وعجزها عن التفريق بين العدو والصديق من جهه أخرى!.
وكانت صحيفة الفاينانشل تايــمز قد نشرت فـي عام 2002 تقريراً عن سوق المختطفين جاء فيه: "ولم يكتف الباكستانيون والأفغان بتسليم كل من يقع تحت أيديهم من العرب والأجانب بل عمدوا إلى إخفاء أوراقهم الثبوتية وإجبارهم على إطالة لحاهم ليبدوا أكثر شبهاً بالإرهابيين".. أما التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية فيقول إن "الأجانب" الذين اختطفوا في باكستان وحدها -طمعاً بالجوائز الأمريكية- شكلوا لوحدهم ثلثي عدد المعتقلين في معسكر "جوانتانامو".. واستعرض التقرير نماذج لأسرى عرب اختطفوا من الشوارع وزج بهم في شاحنات مغلقة ثـم انتهى به الحـال في جوانتانامو.. حتى القادة الميدانيون في أفغانستان وباكستان لم يترددوا في تسليم المقاتلين العرب وتقاسم الكعكة الأمريكية بدليل قول الرئيس الباكستاني برويـز مشرف فــي كتابه "على خط النار":
"استطاع عملاء المخابرات الباكستانية منذ هجمات 11 سبتمبر القبض على مئات الإرهابيين بعضهم معروفون والبعض الآخر مشكوك في أمرهم.. وقد اعتقـلت قواتنا وحدها 689 إرهابياً سلمنا أمريكا 369 منهم مقابل ملايين الدولارات وبالتالي فـعـلى الذين يتهموننا بأننا لم نفعل مايكفي للقبض على الإرهابيين سؤال المخابرات الأمريكية عن حجم المبالغ التي دفعوها حتى الآن"!.
أيها السادة؛
حين وقعت تفجيرات 2001 كان معظم المنتسبين اليوم لتنظيم داعش أطفالاً لم يتجاوزوا المرحلة الابتدائية.. لم يملكوا من العمر ما يكفي ليدركوا أن سيناريو أفغانستان تكرر لاحقاً في العراق، ويتكرر حالياً في سورية، وتحول إلى تجارة ونظام مكافآت يصرف مقابل كل مقاتل يتم استقطابه لداعش أو تسهيل هجرته إليها.
من يقبض ثمنهم هذه الأيام (؟) حقيقة قد لا نكتشفها قبل خمسة عشر عاماً من الآن..
اخترنا لكم



