أيقنوا أنهم سائرون إلى الفناء، وعجزوا عن إيجاد حيلة تنقذهم من موت محتم. وخيم شبح الغياب والرحيل.
فكل شيء سيرحل معهم.
لم تعجبهم هذه الخاتمة، إذ لا يعقل أن يختصر الموت تاريخ الشعوب وحضاراتها.
ذكريات ومآثر وبطولات، نجاحات وإخفاقات، ماذا لو خلدوا آثارهم لا أجسادهم؟
من هنا كانت فكرة تجسيد البقاء والخلود بأشكال متعددة تطورت باختلاف الأزمنة والإمكانيات، فحفروا على الأشجار، ونقشوا في الصخور، ورسموا على جدران الكهوف. وبنوا القلاع والأهرامات والمعابد، وغيرها من الآثار التي ما زلنا نشهدها إلى يومنا هذا.
كما دونوا الكتابات والأشعار والقصص التي روت أخبارهم وعكست الثقافات والفنون والعلوم المختلفة التي تميزت بها هذه الشعوب.
لكن هذا الإنسان المسكين لم يكن ليعرف أن الأيادي العنيفة ستمتد يوما لتعصف بالمعالم التي خلدها منذ آلاف السنين، فتنتزع منه الحق في البقاء التاريخي، والاستمرارية المعنوية.
فقد شكلت الحروب خاصة في الآونة الأخيرة خطرا محدقا بتراثنا فهي قاتلة للبشر والشجر. وأصبحت الآثار هدفا من أهدافها. وبدأت تتلاشى وتنهار أمام ناظرينا بين ليلة وضحاها، فما لم تؤثر فيه السنون على مر الدهور أفناه جشع الإنسان وطمعه.
ان ما نتحدث عنه اليوم ليس بمحض المصادفة أو الأفكار الطارئة، بل أهميته تكمن في إعادة إحياء مفهوم التراث اللامادي، بهدف الحفاظ على هذا النوع من التراث، وبالتالي إحياء جزء أساسي من معالم وثقافات الحضارات والتاريخ، فقد سارعت منظمة اليونسكو إلى تبني العديد من الأنشطة بالشراكة مع المؤسسات والهيئات التربوية الاجتماعية لإثارة الوعي والتنبيه لأهمية ذلك.
من هنا فلكل منا دور في الحفاظ على التراث ماديا كان أو غير مادي.
هذا إذا كنا فعلا لا نريد أن تغدو بعد أعوام قليلة جيلا بلا معلم أو هوية.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News