المنية تحاصر الحريري..

كشفت تفاصيل التحضير لحفل إطلاق مشروع سكني في جبل تربل المطل على المنية شمالاً، هشاشة الوضع الداخلي والتنظيمي لـ «تيار المستقبل». وبدا أنّ الهوّة داخله بدأت تتسع بين القيادات الزرقاء وبين القاعدة الشعبية.

وفي التفاصيل، أنّ منظمي الحفل أشاعوا قبل أيام أن راعي المشروع الرئيس سعد الحريري سيشارك شخصياً في الافتتاح لتأمين الحشد الرسمي والشعبي. لكن لا الحريري «طل» ولا أرسل من ينوب عنه من قيادات الصف الأول، ولا الحشد الشعبي والرسمي تأمّن!

فيما «فرملت» التوازنات العائلية والسياسية من حضور نائب المنية كاظم الخير لتمثيل الحريري في الحفل، أو تكليف أحد نائبي الضنية أحمد فتفت أو قاسم عبد العزيز. فبدا الحريري محاصراً بتوازنات وضغوط لم يكن يضعها في حساباته قبل أعوام. ولذلك، سحب تكليف الخير بعد إبلاغه، ليغيب الأخير حفاظاً على ماء وجهه، بحسب مقربين منه.

ويمكن القول إنّ ما شهده الاحتفال ترجم المتغيرات على المشهد السياسي في المنية التي كانت تُعدّ الخزّان الشعبي لـ «المستقبل» وحيث كان الولاء المطلق للرجل في الاستحقاقات الانتخابية إلى حدّ أنّ أصوات ناخبي المنية هم من أعطوه الأكثرية النيابية في عام 2009 عندما كان الشمال دائرتين انتخابيتين.

لكن واقع «التيار» يبدو مغايراً اليوم، بسبب تراكم الأخطاء. فكانت بوادر الاعتراض قد بدأت خلال الانتخابات النيابية الفرعية في عام 2010 عند ملء المقعد النيابي الذي شغر بعد وفاة النائب هاشم علم الدين، فأعطت المدينة جزءاً وازناً من أصواتها لكمال الخير منافس مرشح «المستقبل» كاظم الخير.
ولم يلفت ذلك نظر القيادات الزرقاء أو يعطيها إشارة بضرورة التبديل من تعاطيها مع المنية، لتأتي أزمة «المستقبل» الماليّة كـ «شحمة على فطيرة».

كلّ هذه الأسباب أعادت التوازنات العائلية إلى سابق عهدها. الأمر الذي وجد معه الرئيس الحريري أنه بدأ يفقد حضوره ونفوذه في هذه المنطقة، وصولاً إلى عدم قدرته تكليف أي من نوابه أو منسقيه فيها بتمثيله، واضطراره إلى مراعاة هذه التوازنات، وتجنّب الصدام، ما دفعه قبل دقائق من افتتاح المشروع السكني إلى تكليف مستشاره عبد الغني كبارة لتمثيله. فيما طرحت تساؤلات عديدة، عن جدوى قبول الحريري برعاية مشروع تجاري من هذا النوع، وعما إذا كانت أزمته المالية بدأت بدفعه إلى التفتيش عن متمولين للاعتماد عليهم في الاستحقاقات المقبلة!