ليبانون ديبايت - سامر بو عز الدين
يدخل الطفل جمال مع عائلته الى مكتبنا في المركز العربي لحقوق الإنسان والسلام الدولي في لبنان فنصبح جميعا على تماس مباشر مع واقع أليم. جمال ولد من عائلة لبنانية، تعرض للضرب والإيذاء في باص المدرسة. طبعا قصة جمال ليست قصة غريبة أو طارئة في مجتمعاتنا. حكايته واحدة من حكايا كثيرة، لعلنا سمعنا ببعضها فقط. فإساءة معاملة الأطفال مشكلة عالمية مثيرة للقلق تتطلب الإهتمام والحماية والتوعية على تدابير الوقاية الضرورية على مستوى الأسرة وعلى المستوى المحلي والوطني والدولي.
تعرف منظمة الصحة العالمية العنف بأنه الإستخدام المتعمد للقوة او الطاقة البدنية المهدد بها او الفعلية ضد اي طفل من قبل اي فرد او جماعة وتؤدي الى ضرر فعلي أو محتمل لصحة الطفل أو لبقائه على قيد الحياة او نموه او كرامته. (التقرير العالمي عن العنف والصحة 2002).
وأما أنواع العنف ضد الأطفال فهي تتراوح بين الإهمال المتمثل بفشل الأسرة والمدرسة في إشباع احتياجات الطفل مرورا بالعنف العاطفي المتمثل بإلحاق الضرر النفسي والإجتماعي وصولا إلى العنف الجسدي الذي يلحق الأذى بجسد الطفل والذي يعتبر العنف الجنسي أسوأ أشكاله.
تؤكد معظم المؤشرات على تزايد حجم العنف الموجه ضد الأطفال في العالم العربي وأنماطه بما في ذلك لبنان.
ففي لبنان، وبالرغم من تشكيل المجلس الأعلى للطفولة كمرجعية وطنية معنية بمشاكل الأطفال وكل ما يتعلق بحقوقهم(المجلس تابع لوزارة الشؤون الإجتماعية) وبالرغم من وضع خطة وطنية لمكافحة العنف الممارس على الأطفال للوصول الى الية لإلغاء العقاب المدرسي من خلال وضع مشروع لتدريب الأساتذة حول بدائل العقاب المدرسي وأساليب التربية الحديثة. وبالرغم من ان لبنان صادق على المعاهدات والإتفاقيات التي تحمي حقوق الطفل وضمن تشريعاته قوانين في هذا الإطار. إلا أن جميع الأرقام تكشف تزايدا ملحوظا في عدد حالات العنف ضد الأطفال في لبنان. فوفقا لإحصاءات جمعية "حماية" وحتى تشرين الأول 2015 تم الإبلاغ والعمل على أكثر من 859 حالة تنوعت بين الإعتداء الجسدي والنفسي والجنسي والإهمال وقد كانت نسبة الحالات متساوية بين الذكور والإناث. وهذا ما يكشف تخلف لبنان عن تحقيق معايير الحماية والأمن اللازميين للأطفال. إذ لا يكفي التصديق على الإتفاقيات الدولية للتمكن من حماية الأطفال ولا بد من وضع إستراتيجية وطنية لحماية الأطفال من الإستغلال والعنف تبدأ من توعية الأطفال على حقوقهم وعلى مفهوم العنف والأماكن التي يمكن ان يتعرضوا فيها للعنف من المنزل الى المدرسة والباص والشارع. وتنتهي بتمكين الأطفال ومنحهم الأدوات والمهارات اللازمة للدفاع عن أنفسهم.
مسؤوليتنا جميعا ان نعمل على خلق جيل متمكن وواثق من نفسه. وأن نمد ايدينا للمعنفين والمهمشين لإنتشالهم من واقع مرير ظالم يعيد إليهم الأمل بحياة تراعي حقوقهم كأطفال. آخذين في الحسبان غياب الثقة في إمكانية التصدي لهذه المشكلة وحساسية هذه القضية داخل الأسرة وإستمرار غياب اىوعي عن الآثار السلبية لهذه الممارسات على الأطفال وكذلك لمفهوم حقوق الطفل. لأن آثار الإعتداء على طفل بعمر الثلاث سنوات تتخطى إنقطاع شهيته وظهور بقع زرقاء على جسده، ووحشية المعتدي وأمراضه النفسية إلى إختصار وحشية ولاإنسانية هذا العالم.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News