في هذا السياق، تؤكّد رئيسة الهيئة اللبنانية للعقارات، المحامية أنديرا الزهيري، في حديثٍ لـ"ليبانون ديبايت"، أن "متابعتهم لقضايا السلامة العامة ومعاييرها المتعلقة بالأبنية، خصوصًا القديمة منها التي تتوزع في مختلف الأراضي اللبنانية، تحمل أهمية كبيرة، خاصة وأن معظم هذه الأبنية لا يزيد عمرها على 85 سنة، بما في ذلك تلك التي صُنّفت كأبنية تراثية ودخلت في الجرد العام".
وتشير إلى أنه "بعد أزمة الكهرباء، لجأ المواطن اللبناني إلى بدائل طاقة كانت لها آثار إيجابية على صعيد التنمية المستدامة والبيئة والتوفير، وفي الوقت نفسه هناك طرق محددة يجب اتباعها لضمان احترام معايير السلامة العامة في التركيب واعتماد أسس تحمي السلامة من أي أضرار بشرية أو مادية".
وفيما يخص ملف ترخيص وتركيب أنظمة الطاقة الشمسية، توضح الزهيري أنه "مؤخرًا صدرت توجيهات من معالي وزير الطاقة والمياه جوزيف صدي بأهمية تنظيم هذا القطاع، حيث تم منح المواطنين مبادرة للإعفاء من الحصول على موافقة مسبقة لتركيب الألواح الشمسية للاستخدام الخاص (مثل المنازل والمباني الصغيرة)، كما صدرت بعض الرخص المتعلقة بإنشاء حقول إنتاج كهرباء من الطاقة الشمسية، حيث تم منح رخص لشركات عام 2022، ورغم ذلك، لا تزال هناك حاجة لتنظيم أكثر وضوحًا، خصوصًا فيما يتعلق بالرقابة على التركيب، إذ تتطلب الرقابة ليس فقط من وزارة الطاقة والمياه، بل أيضًا من المديرية العامة للتنظيم المدني".
وتلفت الزهيري إلى أن "المرحلة الأولى من الأزمة بين أزمة كورونا والثورة وأموال المودعين شهدت فوضى عارمة في الأسواق، حيث تم استخدام ألواح وأنظمة تفتقر إلى الرقابة وأُجري تركيبها دون إشراف هندسي، ما أدى إلى حوادث في الشتاء عند اشتداد العواصف، حيث تطايرت الألواح وسببت أضرارًا في الأملاك العامة والخاصة، ولحسن الحظ دون وقوع ضحايا. كما شهدنا اشتعال بعض الإمدادات الكهربائية وتسرب المياه وتشغيل بعض البطاريات، مما أدى إلى احتراق العديد من الأبنية".
وتقول: "لا يمكننا تحديد أعداد الألواح بدقة، لكن من الجانب الإيجابي، ساهم هذا القطاع في دعم الطاقة الكهربائية والتوجه نحو التنمية المستدامة والخضراء الصديقة للبيئة، مع ضرورة تعزيز الضبط والرقابة".
وتضيف: "كما يجب التفكير في كيفية معالجة النفايات الإلكترونية الناتجة عن الألواح والبطاريات، وخصوصًا في ظل الأحداث الأخيرة التي أدت إلى تدمير عشرات الآلاف من الألواح، والتي ما زالت مبعثرة وغير منظمة، ويجب وجود آليات لضبطها بما يتوافق مع حماية البيئة وصحة الإنسان وسلامته".
وتشدّد الزهيري على "أهمية الرقابة المتعلقة بالمواصفات المعتمدة للسلامة، خصوصًا في ما يتعلق باستخدام الكابلات والوصلات التي تحمي الأنظمة من العواصف والصواعق، والتي يجب أن تكون تحت إشراف مهندس مختص، مع ضرورة التأكد من قدرة الأسطح على تحمل الأوزان وكيفية التثبيت وربط الشبكة مع مؤسسة كهرباء لبنان. كما يجب احترام معايير التجهيز، وعدم استخدام مواد مغشوشة أو مزورة، مع إلزامية الصيانة الدورية والتنظيف لمنع الاهتراء والتآكل، على أن تكون هذه العمليات تحت رقابة شركات مختصة ومرخصة".
وتؤكّد على "أهمية التأكد من سلامة الأسطح وسماكتها، وتأثيرها على متانة المبنى، خصوصًا الأبنية التي شُيّدت قبل عام 1990 والتي لم تُبنَ وفق معايير السلامة المقاومة للزلازل والحرائق، لذلك، يجب التركيز على الأبنية القديمة التي قد تكون متشققة أو متصدعة بشكل جزئي، مما قد يسرّع من احتمالية حدوث انهيار جزئي".
وترى أنه "من الضروري التشديد على دور المهندس المختص في فحص الإنشاءات وتحديد الحد الأقصى للحمولة المسموح بها، مع الأخذ بعين الاعتبار سلامة تمديدات الأبنية القديمة، خاصة بعد وقوع عدة حوادث ناجمة عن اشتعال بطاريات الليثيوم، كما يجب الحصول على موافقة لجنة البناية والأقسام المشتركة لتفادي النزاعات المتعلقة بالأولوية في وضع الألواح، والحفاظ على جمالية المبنى، ووضع الألواح بشكل منظم ومرتب دون المساس بالأحجار التراثية".
وتلفت إلى "ضرورة الأخذ بعين الاعتبار مكان تثبيت الألواح، خاصة في المناطق الجبلية والساحلية المعرضة للرياح العاتية والعواصف، مع التأكد من وجود عزل مائي للأسطح والمنشآت (Waterproofing)".
تختم الزهيري: "من الجميل أن نتجه نحو عالم مستدام وصديق للبيئة، ولكن يجب أن يكون ذلك ضمن هيكلية تنظيمية مدروسة تحمي وتطور وتحترم القوانين ومعايير السلامة العامة."