بقلم المحامي نصري نصري لحود
يمكن العودة إلى مقالات سابقة نشرت في بعض الصحف، طالبنا فيها بانتخاب الرئيس القوي القادر على حماية لبنان وجميع اللبنانيين من تداعيات ما يعيشه الأقليم من حروب مباشرة أو بالواسطة، وهو ما يبدو انه يتحقق.
كما يمكن، بعد سنتين ونيف على نهاية ولاية الرئيس ميشال سليمان، ودخول البلاد في شغور رئاسي طال كثيراً، مراجعة تأكيدنا ان لبنان لا يقوم إلا باتفاق مكوناته الأساسية على تطبيق المناصفة الميثاقية التي تحمي البلد وتلك المكونات.
بعد نحو سنتين، لا نزال نطالب بانتخاب رئيس قوي تكمن قوته في انه ينطلق من بيئة تحضنه، وتجعله حكماً بين كل الافرقاء اللبنانيين وليس طرفاً يسدد فواتير من اختاره محلياً واقليمياً ودولياً، وبالتالي يصير لا إرادياً طرفاُ او يُعتقد انه كذلك، فلا يعود قادراً على الحكم ولا على ان يضمن مشاركة جميع تلك المكونات في الحياة السياسية بما يجعل الحكم مفهوماً للمشاركة وليس وسيلة لقهر مكون اساسي من تلك المكونات.
طالبنا ان يكون الرئيس هو الأقوى في طائفته ليس لإلغاء الباقين في تلك الطائفة، بل ليستطيع مقارعة باقي الرئاسات التي يشغلها الاقوى في طوائفهم، وهكذا يقوم في البلد توازن يحفظ الدستور والميثاق ويحفظ مشاركة كل تلك المكونات في الحكم بتعادل وتوازن دقيق بحيث يكون الرئيس حكماً عادلاً لا تشعر معه أي طائفة او مكون بأي غبن ولو صغير!
يبدو بعد سنتين من الانتظار القاتل، ان طريق الرئيس القوي إلى بعبدا باتت معبدة بمحدلة اتفاق محلي وازن، حيث توضع اللمسات الاخيرة على سيناريو لم يسبق ان اختبره لبنان في تاريخه السياسي بعد الطائف، بحيث تتمثل الطوائف بالاقوى فيها، ويصير مجلس الوزراء مكاناً لتصارع القوى السياسية بإدارة رئيس هو في الحقيقة الحكم القادر على إدارة الخلافات بتوازن وازن، لا تهميش فيه لاي طرف ولا تمييع لحقوق اي مكون، يسود فيه منطق الدولة والقانون والعدالة بعيداً عن المحسوبيات والمصالح "الطوائفية".
قلنا ان على اللبنانيين الاتفاق فيما بينهم على اي لبنان يريدون، وكل الدول ستمشي بما يقررون لأن اتفاقهم (ويبدو انهم اتفقوا) اقوى من التدخلات الخارجية، وقلنا ان المملكة العربية السعودية لن تقف عائقاً امام اتفاق اللبنانيين كما ان ايران وسوريا يهمهما ان يكون لبنان بخير لأن خيره الاقتصادي والثقافي وخير تعايش مكوناته بات حاجة للمنطقة بأسرها في ظل الهجمة الطائفية والمذهبية والتكفيرية غير المسبوقة التي تعيشها.
مبروك للبنان والعرب رئيس "صنع في لبنان" وبتوافق اللبنانيين، رئيس قوي يكرس واقع "لبنان الرسالة".
ويبقى ان يسري نموذج اختيار الرئيس على باقي الرئاسات لتفتح صفحة جديدة في تاريخ لبنان السياسي بحيث تسود الميثاقية والإنصاف والعدالة وحكم القانون، على نا يكتمل الحلم بإقرار قانون انتخابي عصري ينقل الواقع السياسي كله من جيل إلى جيل، فتكون مشاركة الشباب في صنع مستقبل الوطن أكبر واوسع خصوصاً ان المستقبل لهم، ومستقبل بلد أقرت مكوناته ان لا قيامة له ولهم إلا بالميثاقية، لن يكون إلا مشرقاً.
طالبنا بالرئيس القوي القادر على اتخاذ القرار السليم والازم في الوقت المناسب، لإدراكنا ان الوقت قد حان ليأتي من يتمتع بـ "حكمة الحكم" في بلد اعتاد شعبه بعد عقود من القهر الاقتصادي والسياسي على الاختيار بين السيء والأسوأ، وحان الوقت ليختبر مفهوماً جديداً لحكم "الرئيس القوي" مع الرئيس الذي يبدو انه صار حاجة وخلاصاً للجميع.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News