بعد الاتفاق والتقارب الذي حصل بين العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري وخصوصاً بعد اعلان عون أنه ليس ضد «اتفاق الطائف»، اضحى الطائف مقبولاً من الجميع وسقطت المحاولات لتغييره او استبداله باتفاق افضل. لا يمكن ان يقبل عون الطائف دون ان يقدم تعديلات عليه خصوصاً ان هذا الاتفاق كرّس هزيمة المسيحيين في الدستور وجعلهم مواطنين من درجة ثانية. صحيح ان الطائف انهى الحرب الاهلية انما لم يداوِ الجراح اللبنانية ولم يوقف النزيف اللبناني لا بل عزز الطائفية وامعن في تقسيم لبنان الى دويلات مذهبية حتى باتت مؤسسات الدولة مصابة بالشلل نتيجة صيغة اتفاق الطائف السلبية وتداعياته السلبية على الكيان اللبناني التي شهدناها وما زلنا بأم العين.
والحال انه اليوم يصل رئيس قوي الى قصر بعبدا وهذا تبدل جذري في اللعبة السياسية في لبنان وبالاخص للمسيحيين اذ اصبح باستطاعتهم ايصال المرشح الذي يتمتع بشعبية كبيرة في صفوفهم. انه انقلاب ايجابي احدثه عون اذا فاز وحققه المسيحيون بعدم القبول بإيصال مرشح ضعيف الى الرئاسة ورفض الصفقات التي تأتي في أغلب الأحيان على حسابهم انما هل هذا الامر كاف؟
ان انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية هو حدث مهم للمسيحيين وللبنان وهو تحول بارز عند المسيحيين خصوصاً انه يعيد لهم دورهم الريادي ويعوض لهم الاحباط الذي عانوا منه خلال السنين الماضية منذ انتهاء الحرب الاهلية انما الاهم هو ان تصبح حقوق المسيحيين مصانة في الدستور وفي اتفاق الطائف كي يشعر المسيحيون انهم اقوياء دائماً في لبنان ويعاملون بأنهم مواطنون من الفئة الاولى في كل العهود الرئاسية وليسوا اقوياء في عهد وضعفاء في عهد آخر. لا يمكن ان يعتبر المسيحيون ان وصول الرئيس القوي الى سدة الحكم هو مكسب بارز لهم فيما يبقى اتفاق الطائف يذلهم عبر الحد من صلاحيات رئيس الجمهورية! بيد ان تعديل الطائف حاجة وطنية وضرورة لتخفيف الاحتقان المذهبي في البلد بعد ان احتدم الخلاف بين السنة والشيعة ولذلك اعادة احياء دور رئيس الجمهورية هو امر لا مفر منه اذا كانت هناك ارادة حقيقية عند المسؤولين اللبنانيين بعدم الانجرار الى الفتنة المذهبية وبإرساء العدالة بين جميع الطوائف اللبنانية.
المسيحيون بذلوا الغالي من اجل بقاء لبنان ونذروا انفسهم من اجل الوطن مقدمين الشهداء دون اي شيء في المقابل سوى الحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله فهل يستحق المسيحيون ان يبقى اتفاق يذلهم دون اجراء اي تعديل له؟ وبناء على هذا الواقع، قال العماد عون عند عودته الى بيروت من المنفى «قلت لكم ان العالم يستطيع سحقي لكنه لن يأخذ توقيعي، وها انا اليوم والعالم لم يستطع سحقي ولم يأخذ توقيعي «فهل يقبل عون بعد معارضته للطائف لمدة تسعة وعشرين سنة ان «يوقع» على الطائف بشكل غير مباشر فتذهب دماء الشهداء سدى وتضحيات المسيحيين واللبنانيين «ببلاش»؟
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News